مائة يوم مرت على تنصيب حكومة "تستاهل أحسن" , بمنطق البديل الذي يعدك يحياة أفضل, و أحسن مما تعيشها, بحلول سحرية ربما ,و ببرامج لا تخطر على بال, لكن الواقع أن هذه الحكومة هي مجرد أداة لتنزيل برامج جاهزة , سواء تعلق الأمر بالنموذج التنموي, أو الإستراتيجيات الكبرى في المجال الإقتصادي, فما الذي تغير بعد مائة يوم من تعيين حكومة عزيز أخنوش؟
لاشك أن أول ما يتجلى في هذه الحكومة ,هو غياب الانسجام بين مكوناتها, كما كان سابقا, و في ما أصبح عرفا, كل حزب يمارس سياسته الخاصة به في مجال استوزاره, ناهيك عن قلة التواصل من رئيس الحكومة الذي يطل نادرا , ليحسم في قضايا, أو يبدي رايه في أخرى.
فالأحزاب المشكلة للحكومة بعد تسخيرها جميع الوسائل , من أجل الظفر بمقاعد تمكنها من الحصول على أغلبية مريحة, أفرزت نخبة برلمانية ضعيفة المستوى, لا يعول عليها في التشريع أو الحفاظ على مصالح المواطنين, بمنطق أنها مسيرة لا مخيرة , و أغلبها يمثل "مول الشكارة", و بالتالي الدفاع عن مصالحهم يأتي أولا , خصوصا في غياب معارضة قوية, في مشهد سياسي نادر.
و لعل القرارات الأولى لهذه الحكومة, تظهر بشكل كبير توجهاتها الكبرى, فمثلا أول قرار اتخذه وزير التربية الوطنية, هو تحديد سن الترشح لامتحانات أطر الأكاديمية في الثلاثين, و إذا كان هذا القرار مبنيا على دراسة سابقة للمجلس الأعلى للتربية و التكوين,فإن الوزير لم يستطع إقناع المغاربة بجدواه, خصوصا أن التقرير الذي بني عليه القرار لا يحدد سنا معينا و إنما يعترف بفشل منظومة التربية و التكوين و يرجع ذلك إلى "الأساتذة" و يشير إلى أن التعاقد ساهم في تدني مستوى الأساتذة خصوصا المتعاقدين.
هكذا مرر الوزير قراره دون إقناع , و دون وقوف عن الأسباب الحقيقية لفشل المنظومة التربوية, و إذا كان هذا القرار أثار ضجة و مظاهرات عارمة, فإن وزير الصحة سبقه بقرار مماثل, أثار حنق المغاربة هو اجبارية جواز التلقيح.
أصبح مفروضا على المغاربة الإدلاء بجواز التلقيح , من أجل تلقي الخدمات الأساسية و التكميلية, في ضرب لمبادئ حقوق الإنسان,وفي تخلي عن الشعارات التي رفعتها الحكومة في شأن اختيارية التلقيح,وهي مستمرة في هذا الإجراء رغم الرفض الكبير من طرف غالبية المواطنين.
إن إظهار الحكومة السابقة كمسؤولة عن , الوضعية الإجتماعية الهشة, و غلاء الاسعار, و المحروقات, هو ما أعطى زخما لحملة الأحزاب المكونة لحكومة"تستاهل أحسن", ليظهر بعد ذلك أن شعار الحكومة الإجتماعية, إنما انتخابي أكثر منه واقعي, فلقد استمر ارتفاع الاسعار بل بوتيرة اكثر من ّذي قبل, أما من يبرر هذه الزيادات فهي الحكومة نفسها.
فماذا ننتظر من حكومة "مقاولة" سوى زيادة تلو الاخرى, و إقصاء و تهميش و دعم للراسماليين,و محاولة عزل الطبقة المثقفة و إسكات الأصوات الحرة, و تجييش الإعلام للدفاع عن مصالحها.
غابت الصفحات التي كانت تهتم بالشأن العام , و تطل علينا بأبسط الامور لتظهر عجز الحكومة السابقة, و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على السيطرة الكاملة على أغلبية الإعلام الموجه, و لكي تعرف حجم السيطرة في هذا المجال ,و محاولة تزيين صورة هذه الحكومة, ما عليك إلا انتقادها , لتجد الذباب الإلكتروني ينتظرك.
و بعد غلق منافذ الشغل على حاملي الشهادات من تجاوز الثلاثين, ها هي الحكومة تفتح أوراشا للإنعاش الوطني , للمواطنين بدون مؤهلات,( بعض اللحظات تتساءل عن قيمة الشواهد’), هذا الورش , سيخلق 250 ألف منصب شغل مؤقت , و هكذا ستستمر إلى مليون فرصة شغل التي وعدونا بها, فأصبحت بقدرة قادر إنعاشا ب2800 درهم فالشهر , و تحقق شعار "تستاهل أحسن"
ختاما لابد من الإشارة إلى أن تنزيل "النموذج التنموي" سيغدو ذريعة لتمرير مجموعة من القرارات, على حساب أبناء الشعب , و في خدمة لوبيات سيطرة على الاقتصاد و السياسة, خصوصا ان هذه الحكومة لا تملك كاريزما تشرح بها قرارتها, أو تدافع عن مواطينها, و الايام القادمة,ستنبئنا إلى اي مدى ستظل متماسكة.
محمد الشبراوي
التعليقات (0)