خليل إبراهيم الفزيع:
نحتاج إلى مؤسسات مدنية
للإشراف على العمل الثقافي
الثقافية ـ عبدالله السمطي:
الأديب خليل إبراهيم الفزيع من الأسماء الأدبية الرائدة بالمنطقة الشرقية، مارس الصناعتين معا: صناعة الإبداع، وصناعة الصحافة، وقدم عدداً من الإصدارات القصصية والشعرية. في حواره مع «الثقافية» تحدث عن تجربته الإبداعية، وعن الدور المنتظر لوزارة الثقافة، وطالب بإنشاء مجلس أعلى لرعاية الآداب والفنون، وإنشاء مجلات ثقافية، ورابطة للأدباء.
الفزيع تطرق أيضا لمسؤوليات النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية، ولفت إلى أن أبوابه مفتوحة للجميع، ولا أحد يملك الحق في رد أي مثقف عن المشاركة في أنشطته، لكن هذا لا يمنع من توجيه النقد الهادف البناء للنادي في إطار الحوار الهادف والصريح.. وهذا نص الحوار:
مارست الكتابتين معا: الإبداعية والصحفية، أيهما استفاد من الآخر؟
- دون شك، بداياتي الصحفية استفادت من بداياتي الإبداعية، وكان هذا الإبداع سلاحا لي من حيث التعاطي مع الإعلام، خاصة الإعلام المكتوب، لكن طبيعة العمل الإعلامي لم أستفد منها في تمرير عملي الإبداعي، عندما أصبحت مسئولا عن أكثر من مؤسسة إعلامية في قطر والمملكة، ومعظم ما أنتجته من إبداع كان خارج العمل الإعلامي زمنيا، بمعنى عندما أترك العمل الصحفي ينشط الفعل الإبداعي، وأعتقد أن العمل الإعلامي والإبداعي على صلة وثيقة بالمثقف.
هل ثمة من أسباب حفزتك للتحول من كتابة القصة القصيرة إلى الشعر؟
ـ لا أعتبر أن هذا تحول لأنني لا أزال قاصا بالدرجة الأولى، وتعاطي الشعر بالنسبة لي كان قديما، وإن لم أنشر ما أنتجته من شعر. في الحالتين.. كنت أكتب الشعر ولا أنشره، وكان اهتمامي بالقصة القصيرة كأداة من خلالها أعبر عن وجهات نظري ما لم أستطع قوله بالشعر، وبالمناسبة أجد أن كتابة القصة القصيرة أصعب من الشعر، لذا فاتجاهي للشعر لم يكن جديدا، وإن كان النشر بالنسبة لي بدأ متأخرا في مجال الشعر.
هل ترى أن هناك مرحلة أدبية ناقصة هي تلك التي لم تعبر عن مرحلة الطفرة؟
- على المستوى الشخصي، في سنوات الطفرة كنت غير موجود بالمملكة، حيث كنت أعمل في قطر. مثل هذه الأحداث الضخمة لا تكون لها الاستجابة الإبداعية الفورية، وإنما تأتي لما تتركه هذه الأحداث من آثار على المستوى الاجتماعي، والسياسي، والاقتصادي. لا شك أن هذه الفترة قد أثرت في حياتنا بشكل أو بآخر، وظهرت في نتاج بعض الأدباء من كُتّاب القصة القصيرة والرواية.
ما نصيب كتاباتك من الرؤى النقدية، ما موقف النقاد من تجربتك؟
- أعتقد أن النقاد احتفوا بتجربتي القصصية، وأعطيت أكثر مما تستحق؛ ربما لأنها ظهرت في وقت قَلّ فيه التعاطي إنتاجيا مع الفن السردي، وهذا جعل بعض النقاد يهتمون بهذه الأعمال القصصية، ولا شك أنني استفدت مما وجه لها من نقد استفادة كبيرة، وفي هذا المجال ظهر كتاب نقدي عني بعنوان: (خليل الفزيع وعالمه القصصي) اشتمل على ببليوجرافيا لأكثر من 60 كاتبا من الداخل والخارج، كتبوا عن (الفزيع) من تأليف وإعداد: جاسم علي الجاسم، وهناك كتاب: (الفزيع بين الأدب والصحافة) للدكتور محمد الصادق عفيفي.
كيف ترى مستقبل الثقافة السعودية بعد إنشاء وزارة الثقافة والإعلام؟
ـ هناك عدة قواعد يمكن ترسيخها لتحريك الساكن في المشهد الثقافي في بلادنا، واهتمام المتلقي بالتنوع الثقافي أدبا وفنا يعطي مؤشرا إيجابيا على حرص المثقفين ووزارة الثقافة والإعلام على وضع استراتيجية ثقافية تستجيب لمتطلبات المرحلة، وتسهم في إنعاش الحركة الثقافية، وعلى المثقفين مسؤولية أكبر مما على وزارة الثقافة والإعلام في هذا المجال؛ لأن دور الوزارة هو دعم أي جهد يقوم به المثقفون، ولا يمكن أن نلقي بكل العبء على وزارة الثقافة والإعلام وننسى المثقفين.
إن تدعيم الفعل الثقافي لا يتم بمجرد الأمنيات والتمني، بل لا بد من وجود مؤسسات مدنية تتولى الإشراف على العمل الثقافي من خلال جمعيات أو اتحادات، والتنوع في التشكيل الثقافي مطلوب. ولا بد من إنشاء مجلات ثقافية جديدة لا ترتبط بوزارة الثقافة والإعلام، بل ترتبط بهذه الجمعيات أو الاتحادات التي ستكون عند قيامها مدعومة من قبل وزارة الإعلام والثقافة، مما بمعنى ألا يكون هناك إشراف مباشر على هذه الإصدارات.
يتردد أنك تستعد لإصدار روايتك الأولى؟
- كتبت الرواية من خلال روايتي: (النخلة وهمس الجبل والبحر) حيث نشرت على حلقات في مجلة ( الجيل )، لكن لم يقدر لها الظهور بعد في كتاب؛ لأنها تحتاج إلى إعادة نظر .. وفي اعتقادي أن الرواية ما لم تضف جديدا إلى الفن السردي فلا ضرورة لنشرها.
أخيراً.. هل أنت راضٍ عن أداء النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية ؟
- لا شك أنَّ النادي الأدبي مؤسسة ثقافية عملاقة في المنطقة الشرقية، استطاع أن يخدم الأدب في المنطقة من خلال أنشطته المنبرية، وإصداراته وملتقاه الأسبوعي للشباب، وموقعه على الإنترنت.. وهذا النادي ملزم بتغطية منطقة شاسعة تمثل ثلث المملكة من حيث المساحة، مع أن ميزانيته لا تزيد عن ميزانية أي نادٍ في أي محافظة صغيرة، وهو مسئول عن 13 محافظة، وهذا يسبّب ضغطاً على ميزانيته، ولن يستطع إنجاز جميع مشاريعه الثقافية؛ لذلك فهو يتعرض لنقد مستمر من بعض المثقفين الذين يجهلون آليات العمل في هذا النادي، ولم يطلعوا على لوائحه الداخلية التي وضعتها الجهات المسئولة، ولذلك هم يطالبونه بأكثر من طاقته. والأولى هو المتواصل بحضورهم ومشاركتهم في أنشطة النادي، وإبداء ما يرونه من ملاحظات بشكل مباشر، وأبوابه مفتوحة للجميع، ولا أحد يملك الحق في رد أي مثقف عن المشاركة في أنشطته. لكن هذا لا يمنع من توجيه النقد الهادف البناء للنادي في إطار الحوار الهادف والصريح، بعيدا عن التشنجات والانفعالات التي لا يؤدي لتحقيق أي هدف.
(المجلة الثقافية ـ جريدة الجزيرة 3 أكتوبر 2005)
التعليقات (0)