مواضيع اليوم

مؤسسات أمريكية تدعم الإستيطان الصهيوني في القدس

محمد غنيم

2009-10-18 10:29:27

0

تبلغ مليار دولار سنويا ويتم تمريرها من الأبواب الخلفية للإدارة
مؤسسات أمريكية تدعم الإستيطان الصهيوني في القدس

على الرغم من محاولات الرئيس الأمريكي بارك أوباما إقناع العالم العربي والإسلامي بمساعيه "الجدية" لإحياء السلام "الميت" مع كيان العدو الصهيوني وسعيه لإيقاف الإستيطان الصهيوني باعتباره مؤشرا هاما على معجزة أوباما الجديدة "إحياء الميت" التي لم تأت حتى الآن رغم أن لجنة نوبل صدقتها مسبقا ومنحته جائزتها السنوية للعام الحالي. نرى أن الأبواب الخلفية لهذه الإدارة لا تزال تمد هذا الكيان الغاصب بالأموال اللازمة للإستمرار في الإستيطان وأبتلاع أراض عربية جديدة في فلسطين المحتلة وخاصة في مدينة القدس المحتلة.

والواقع أن ملايين الدورات التي تتدفق على جمعيات الاستيطان اليهودي في البلدة القديمة من القدس ومحيطها تأتي من الولايات المتحدة، دون أن تخضع لرقابة سلطات الضرائب الأمريكية، وتجند نواب في الكونغرس الأمريكي لجمع مزيد من الدعم المالي الأمريكي لبناء الأحياء الاستيطانية اليهودية في قلب الأحياء الفلسطينية على تخوم البلدة القديمة كما هو الحال في رأس العمود والشيخ جراح وجبل الزيتون، مما يخلق واقعا سياسيا صعبا يدفع الفلسطينيون المقدسيون ثمنه مزيدا من هدم منازلهم والاستيلاء على عقاراتهم، بل يمكن وصف ما يجري بأنه حرب خفية يقودها المستوطنون المتطرفون، عبر دعم مالي أمريكي غير محدود، لا يساهم بالمطلق في تعزيز ما تقول الإدارة الأمريكية أنه سعي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، فيما يستقوي هؤلاء المستوطنون بالتمويل المالي المتدفق إليهم.

وتقوم جمعيات ومنظمات يهودية عديدة من أشهرها مؤسسة (C&M) مملوكة للمليونير الأمريكي اليهودي إيرفينغ موسكوفيتش بتمويل كامل لجميع الأنشطة الاستيطانية اليهودية في القدس الشرقية المحتلة، حيث ينقسم عمل الشركة إلى نوعين: الأول الاستيلاء على عقارات المقدسيين وتمويل شراء أراض وعقارات بطرق التزوير والغش داخل البلدة القديمة وفي الأحياء المحيطة بها، وقد نجحت تلك المؤسسة التي تعد من بين أشهر 1000 مؤسسة خاصة في الولايات المتحدة في تمويل عمليات استيلاء على 70 عقارا داخل أسوار البلدة القديمة بواسطة جمعية عطيرات كهانيم التي تتخذ من عقبة الخالدية، طريق العكاري في البلدة القديمة، مقرا لها، حيث تدير نشاطها من هناك وتشرف على عدد من المدارس التلمودية والكنس، ويعتبر متتياهو دان رئيس هذه الجمعية الذراع التنفيذية للمليونير موسكوفيتش، وقد نجح في توسيع نشاط جمعيته إلى خارج أسوار البلدة القديمة خاصة في سلوان، ورأس العمود والشيخ جراح، وجبل الزيتون.

لكن المشروع الأهم الذي موله موسكوفيتش هو بناء حي استيطاني في قلب حي رأس العمود قبل عدة أعوام أطلق عليه اسم "معاليه هزيتيم" وهو لا يبعد سوى 150 مترا هوائيا عن المسجد الأقصى، ويشتمل على 132 وحدة استيطانية، إضافة إلى إعلانه تمويل بناء حي استيطاني آخر في ذات المكان سوف يحمل اسم "معاليه ديفيد" ويشتمل على بناء 104 وحدات استيطانية، سترتبط بمعاليه هزيتيم بجسر، ما سيرفع عدد المستوطنين في قلب حي رأس العمود إلى نحو 200 عائلة.

وكان موسكوفيتش شارك في تمويل وبناء نفق البراق أسفل المسجد الأقصى في عام 1996، وكان افتتاح النفق هذا سببا في اندلاع مظاهرات وصدامات عنيفة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أوقعت 70 قتيلا في صفوف الفلسطينيين و12 قتيلا إسرائيليا.

أموال أمريكية للإستيطان
ويبين تقرير أصدره صندوق النقد الدولي أن "الهبات التي تصل إلى إسرائيل من مختلف أنحاء العالم بلغت مليار دولار سنويا، 70 بالمائة منها يأتي من الولايات المتحدة، كما أن الأموال المرسلة إلى "إسرائيل" غالبا ما تصل إلى مؤسسة الاستيطان من دون علم المانحين".

وتشير تقارير أخرى إلى إرسال هبات إلى "هيلون موري"، و"غوش عتصيون"، و"فرناي شمرون"، و"أفرات"، و"بات عاين"، وجميعها منظمات وجمعيات تقع في مستوطنات بالضفة الغربية اشتهر مستوطنوها بالسيطرة على أراضي مواطنين فلسطينيين وتجريدهم منها، بل والاعتداء العنيف على هؤلاء المواطنين.

وتشير سجلات مصلحة الضرائب الأمريكية لوجود 28 منظمة وجمعية أمريكية، قدمت 33,4 مليون دولار كهبات لا تشملها الضرائب للمستوطنات والمنظمات المتعلقة بها بين عامي 2004 و 2007.

وكانت منظمة "عير دافيد" وهي إحدى المنظمات الاستيطانية التي تعمل على تهويد القدس الشرقية المحتلة، جمعت 8,7 مليون دولار عام 2004، و1,2 مليون دولار عام 2005، و2,7 مليون دولار عام 2006، من مؤسسات أمريكية.

وبحسب مصلحة الضرائب، فإن الهدف الأساسي لمنظمة "عير دافيد" في تفاديها لدفع الضرائب هو "إنشاء صندوق خيري لتقديم المساعدة المالية وغيرها من الخدمات لصالح الشعب اليهودي في مدينة القدس القديمة، يشمل: تعليم تاريخ مدينة القدس المذكوة في الإنجيل وآثارها، ومساعدة ودعم التعليم، وإيواء العائلات وإعادة بناء الممتلكات المدمرة". وتعني عبارة "إعادة بناء الممتلكات المدمرة" العقارات التي تستولي عليها منظمات الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية المحتلة من أصحابها الفلسطينيين بوسائل التزوير والخداع.

تحايل صهيوني
إن العلاقة بين الجمعيات الخيرية الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي علاقة قديمة وممتدة، حيث كانت كثير من الهبات والمساعدات المالية التي تجمعها تلك الجمعيات تذهب إلى بناء المستوطنات اليهودية، وكانت هذه الجمعيات على الدوام تنتهك القانون الأمريكي الخاص بعمل الجمعيات الخيرية، وبالرغم من ذلك لم تتخذ خطوات رادعة ضد هذه الجمعيات من قبل الأوساط القضائية والرسمية الأمركية.

فقد فشلت دعوى قضائية تقدم بها أمريكيون وفلسطينيون ويهود عام 1984 ضد إعفاء ست جمعيات خيرية أمريكية من الضرائب، وهي الصندوق الوطني اليهودي، والوكالة اليهودية في أمريكا، والمنظمة الصهيونية العالمية، والنداء اليهودي المتحد، والنداء الإسرائيلي المتحد، وأمريكيون من أجل إسرائيل آمنة.

وتظهر وثائق مصلحة الضرائب الأمريكية، وكذلك تحقيقات تلقاها معهد الأبحاث أنه تم تبييض الأموال لتمويل الاحتلال، على سبيل المثال قيام رجل أعمال وعضو في اللوبي الإسرائيلي "جاك ابراموف" الذي حكم عليه بالسجن لأربع سنوات في العام الماضي بتبييض الأموال إلى المؤسسة المالية للرياضة التي تمول مستوطنة بيتار عيليت غير الشرعية، كما تبتاع الأسلحة والبنادق للمستوطنين.

ووفقا لتقرير أعده المعهد الأمريكي، فإن جميع الأموال الآتية من الولايات المتحدة غير آمنة من تبييض الأموال، علما بأن عددا كبيرا من المنظمات تجمع الأموال والهبات علنا لتمويل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

ومعظم الجمعيات تقدم هذه النشاطات إلى مصلحة الضرائب الأمريكية على أنها "نشاطات تثقيفية"، فيما آخرون من أمثال مؤسسة صندوق إسرائيل تقول بصراحة أنها تمول نقل المستوطنات الإسرائيلية وتسليحها.

اللافت للنظر في نشاط هذه الجمعيات والمنظمات الأمريكية اليهودية هو مقدار الحماية والحصانة التي تتمتع بها رغم عدم قانونية كثير من نشاطاتها، وانتهاكها الفظ للقوانين الأمريكية وحتى مخالفتها للسياسات العامة للإدارة الأمريكية الحالية، خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والموقف من الاستيطان في الأراضي الفلسطينية، إلى درجة أن نفوذ هذه الجمعيات وتأثيرها امتد إلى وزارة المالية ومصلحة الضرائب الأمريكيتين المسؤولتين عن مراقبة ومتابعة نشاطات الجمعيات والمنظمات العاملة في الأراضي الأمريكية، حيث رفضتا طلبا تقدم به معهد أبحاث سياسة الشرق الأوسط بموجب قانون حرية الوصول إلى المعلومات لمعرفة قانونية نشاطات تلك الجمعيات، إلا أن وزارة المالية رفضت الطلب بموجب قانون السرية المصرفية، فيما تذرعت مصلحة الضرائب بقوانين الخصوصية ورفضت التعليق.

وتؤكد معطيات المعهد الأمريكي بهذا الشأن ما ورد في تحقيق نشرته صحيفة "هارتس" الإسرائيلية في عددها الصادر يوم 17 آب 2009 حول سياسة الخداع التي تمارسها الجمعيات اليمينية الإسرائيلية للسلطات الأمريكية، وجمعها ملايين الدولارات لدعم الاستيطان.

ويتطرق التحقيق تحديدا إلى جمعية (عطيرات كهانيم) التي تعمل على إسكان مستوطنين يهود في القدس الشرقية والاستيلاء على أراض ومنازل فلسطينية من خلال ملايين الدولارات التي تأتيها من متبرعين أمريكيين، وعبر ما يعرف بـ "منظمة الأصدقاء الأمريكيين من أجل عطيرات كهانيم" المسجلة في الولايات المتحدة كمؤسسة غير ربحية تعمل لأهداف تعليمية.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات