مواضيع اليوم

مؤتمر هولير كمان و كمان

حسين جلبي

2012-01-28 18:58:14

0

 كُنت أرغبُ، صدقاً، بالتوقف، في مسألة مؤتمر هولير، عند حدود المقال الذي كتبته قبل إلتئامه بأيام عديدة، و التفرغ لما نذرت نفسي له، بالتركيز على الكتابة عن الثورة السورية، من القامشلي حتى درعا، و إنعكاساتها، لولا هذه الدعوة الكريمة من موقع ولاتي مه، التي تُغري بالتعامل مع جُرحٍ طازج، و لولا ما تبين لي لاحقاً، و ربما للقراء الأعزاء، و لجميع المتعطشين لمعرفة الحقيقة، بأن المقال المُشار إليه، و غيره، لم يكشف سوى رأس جبل الجليد، حيث الحقيقة كاملةً، أمر و أدهى.
و لو كانت تلك الحقيقة المُرة دواءً، لكُنا بلعناها، و لكنها للأسف، كالسم الزُعاف، قاتلة، و نحن لسنا بصدد الإنتحار، على الأقل في هذه اللحظة التاريخية، التي (هرمنا) بإنتظارها.
 و هنا أود الإشارة إلى ، و الإشادة بما تلقاه بريدي من عدد هائل من الرسائل، من عدد كبير من نخبة الكُتاب و المثقفين و الحقوقيين و السياسيين، الصامتين صمت الكبار، الذين جُرحوا بعمق، و الذين لا تشكل مساهمتي نقطةً في بحر بعضهم، و الذين ليسوا بوارد النزول إلى حضيض بعض أعضاء اللجنة، و الذين طالبوني بعدم التوقف.
يُفترض بدايةً في لجنة تحضيرية لمثل هذا العمل النبيل، بحجم مؤتمر للجاليات الكُردية في الخارج، أن تتوافر فيها شروطٌ مثل تلك التي تتوافر في القضاة، أو على الأقل في لجان التحكيم، بحيث يتم إختيار أعضائها أو إنتخابهم، على أسس العلم و الحياد و النزاهة و الكفاءة و المهنية و السمعة الحسنة، إلى جانب ضرورة توافر حد أدنى من العمل الوطني، و المساهمة الفاعلة في الثورة السورية، و أن يتجرد أعضاءها من صفاتهم الحزبية أو يقوموا بتجميدها، إذا كانوا أعضاء في أحزابنا الحبيبة المناضلة، و ذلك لحين إنتهاء مهامهم، و أن يُراعى وجود تباعد عُمري و جغرافي بينهم، و أن لا يكون بينهم و بين المدعوين صلة قرابة أو صداقة أو عداوة تؤثر في عملهم، و أخيراً و ربما ليس آخراً، أن يقسموا على أداء مهمتهم بكل صدق و أمانة و إخلاص وبدون تحيز، و أن يبذلوا جهودهم في سبيل ذلك، و كل ذلك مع نشر سيرهم الذاتية و طبيعة مهمتهم، بكل شفافية، و على الملأ.
هل توافرت للجنتنا العتيدة هذه الشروط أو بعضها؟ أترك السؤال برسم القارئ الكريم.
و لست أدري فيما إذا كان مكتب الإقليم قد وجه الدعوات دون الرجوع للأحزاب أم بالتنسيق معها، و لكني أستبعد ذلك، كما أن المسألة لا تبدو على هذه الدرجة من الأهمية، أو تمس سيادة الأحزاب و إستقلالها، التي ربما لا تعير هذه الشأن أي إعتبار، حيث ليس بين الخيرين حدود، و قد تكون المسألة تقنية أو لوجستية ليس أكثر، أو تملقاً من اللجنة التحضيرية لمكتب الإقليم، و قد تكون نوعاً من التبجح لتظهر نفسها  بمظهر المحظي (المدعوم) لدى سلطات الأقليم، لأني لا أتصور أن مكتب الأقليم يفرض نفسه على اللجنة، و يدعو من يشاء هو، حتى إذا دعته هي لذلك.
و في الحقيقة لا ضير من إختيار أعضاءَ في الأحزاب أعضاءً في اللجنة التحضيرية، ما دامت قد توفرت فيهم بعض الشروط المذكورة أعلاه، و لكن كان يجب على سلطات الإقليم الإنفتاح على الشخصيات و القوى التي ليست على تواصل مباشر معها، و هي تملك الوسائل لذلك، و لكن التساؤل هو عن آلية إختيار مندوبي المؤتمر، و تخصيص نسبة مئوية من المقاعد لكتلة الأحزاب، فقط لأنها أحزاب، يفترض أنها تقود الثورة، ثم توزيعها ـ المقاعد ـ بصورة متساوية على الأحزاب، مهما كان وزنها أو ثقلها العددي، على حساب غيرها من الأحزاب الأكثر عدداً أو من المستقلين الأكثر عدداً و عدةً. قبل أيامٍ قليلة صدر نداءٌ من حزبين على الأقل يدعوان أعضاءهما الذين تركوا الصفوف لأسبابٍ مختلفة إلى العودة نظراً للظروف التاريخية و حساسية المرحلة.. و المعروف أن التاريخ لم يتوقف و المرحلة كانت دائماً حساسة، و زادت حساسيتها منذ حوالي العام مع بدء الثورة و ليس اليوم، و لكننا لم نسمع بمثل تلك الدعوة الكريمة منذ ذلك الحين، لكن تبين أن المرحلة الحساسة بمفهومها تبدأ من المؤتمر المرتقب الذي دقت لأجله الأحزاب ناقوس نداءها، و تنتهي بنهايته،  حيث وجدت نفسها بهذه المناسبة في موقفٍ لا تُحسد عليه بسبب عجزها عن إملاء المقاعد التي خُصصت لها، و هكذا كانت طلبات إستتابة من الأعضاء السابقين، و طلبات عضوية على عجل من المقربين مقابل بطاقة دعوة، لذلك ستكون أيام العسل بين الطرفين معدودة، و محددة بهدفٍ واحد هو مؤتمر هولير، حيث سينفض المولد، بإنتظار مناسبات أُخرى.
إن كل مؤتمر أو مناسبة مشابهة لا بد أن يثير أسئلة، لكن إذا كانت الأسئلة كثيرة، أو لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تجد أجوبة، فهنا تكمن المعضلة، و قد حاولت اللجنة التحضيرية ـ و أرجو أن لا تكون قد نجحت ـ أن تدخل في روع الكثيرين، خاصةً من المدعويين، أن المسألة هي صراعٌ بين فسطاطين: فسطاط المدعوين المحسودين و فسطاط المغيبين الناقمين، و بالتالي الوطنيين و اللاوطنيين، و هذا غير صحيح على الإطلاق، فالجميع أخوة، و السعي للذهاب إلى كُردستان التي نُحبها جميعاً هدفٌ مشروعٌ للجميع، و لكن الخلاف هو على الخلط في الهدف بين من يود أن يذهب للسياحة، و بين من يرغب بتحمل مسؤولياته (نظراً لحساسية المسألة) كما نبهتنا لذلك مشكورةً بيانات الأحزاب، و قد كنا عن ذلك بغافلين.
و هكذا يكون بعض الأشاوس قد ضرب سياحتين بحجر، الأولى سياحة مجانية في هولير، و بذات الوقت الحصول على مصاريف سياحة أخرى قادمة في الوطن، على ضفاف بحر الدماء السوريين، خلال العطلة الصيفية و هي على الأبواب.
للأسف الشديد، فإن فهمنا لقضية المنظمات الحقوقية، أو المستقلين، قاصرٌ على إعتبارها أو إعتبارهم، أُناسٌ مسالمون، بلا مخالب، يقتصر عملهم على إصدار البيانات، أو الوقوف على عتبات الأبواب للإستماع في حال دعوتهم، أي لأنهم مجرد ديكور مكمل للمشهد، و لذلك تستباح هذه المنظمات و يتم التدخل في شؤون (حزب المستقلين)، و هذا الفهم القاصر فيه إهانةٌ كبيرة، نظراً لما تمارسه المنظمات العالمية المشابهة من دورٍ رقابي، و من فاعلية في إدارة دفة المجتمعات، حيث تعتبر صمام الأمان في العملية السياسية، فتقوم الدول على جعل تشريعاتها مطابقة لما تدعو إليه هذه المنظمات. إن إستبعاد المنظمات الحقوقية الكُردية، و هي بالمناسبة أصدرت بياناً بذلك، هو ضمن هذا المفهوم أمرٌ غير مقبول، و هناك عضوٌ في إحدى اللجان الحقوقية عائدٌ لتوه من رحلة (سياحية) في سجون الأسد ذات الخمسة نجوم بسبب نشاطه الحقوقي، إنتهت رحلته السعيدة فقط بعد إكتظاظ السجون، ربما بمن هو أولى منه، لا أظن هنا بأن أحداً تذكره.
و هنا لا يمكن تحميل أخطاء الأحزاب و لجنتها التحضيرية لسلطات الأقليم، حتى إذا حاولت الأولى التلطي خلف الأخيرة، و نحن نفترض حُسن النية في الأقليم، و أُشير إلى ما كتبه أحد الأخوة المطلعين على بعض جوانب العلاقة بين الطرفين، بأن الهدف من عقد مثل هذا المؤتمر هو الإستماع إلى مطالب الشعب الكُردي في سوريا، و لتحديد موقف قيادة الأقليم من المتحدثين و الوقوف على المطلوب، و حسبما فهمت فإن الإستماع يكون عبر جميع الوسائل المتاحة التي تعتبر المواقع الكُردية إحداها، لأنه و حسب الظروف المحيطة بالمؤتمر فإن الكثير من المتواجدين هناك قد رتب أموره و هيأ نفسه للإستماع للمضيفين، و ليس لإسماعهم.
أخيراً لا يسعني سوى تهنئة شعبنا الكُردي على نجاح المؤتمر الذي جاء بعد مناقشات عميقة جداً بين الحضور.
ألف مبروك، و إلى الأمام.
المقال منشور في موقع (ولاتي مه) ضمن ملف آراء حول حول مؤتمر هولير للجاليات الكُردية في الخارج




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !