لحظات انسانيه في حياة الشعراء..3
(لبيد بن ربيعه)
شاعر بني عامر، وحكيمها يصاب بأخيه (اربد) اذ يبقى شاعرنا على حكمته الرفيعه وأطلاعه الواسع ..
ليس ورائي أن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الاصابع ؟
اخبر اخبار القرون التي مضت أدب كأني كلما قمت راكع
بهذه الصوره يجسد لك الضعف، وماوراءه من دبيب على العصا ، وما فيه من بشاعه حتى تكره طول الحياة وتتمنى ان تذوب أنفاسها قبل ان تصل الى النهايه التي تنحني فيها الاصابع !
لا تلمس في نفس الشاعر شيئا من الحراره، او الجزع على فقد اخيه ! ولا ترى في عينيه قطره واحده من الدموع كما كان الامر مع الشعراء موضوع بحثنا .. وأنما تلمس التأمل ومقارنة الحياة بغيرها من الاشياء ..
وما المرء الا كالشهاب وضوئه يحور رمادا اذ هو ساطع
وما المال والاهلون الا ودائع ولا بد يوما ان ترد الودائع
وفي هذه التأملات معان مستمده من مراقبة الحياة والواقع ؛ تنتهي بصاحبها الى الخضوع للامر الواقع الذي لا مفر منه ..
أأجزع مما احدث الدهر بالفتى وأي كريم لم تصبه القوارع
لعمرك ماتدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما انت صانع
هكذا ينتهي الامر بلبيد على حكمته الى الدوران في الحلقه التي دار من قبله فيها الشعراء السابقين ..
يبقى متمم بن النويره نسيجا خاصا متفرد بروح جديده في الاطلاله على روح اخيه ؛ وهي روح تقف في القمه من المعاني الانسانيه وعظمة الشاعرفي ابياته الخالده انه لم يتحطم ، ولم يحقد بل رأى ان مأساته بأخيه لم تكن مأساته وحده ، وأنما هي مأساة الانسانيه بأسرها مأساة النظام القائم ومن هنا راح يقف عند كل قبر ويبكي كل قبر ويرى في كل قبر روح اخيه ..
وكنا كندماني جذيمه حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
تقول ابنة العمري ..مالك بعدما اراك قديما ناعم البال افرغا
فقلت لها ..طول الاسى اذسألتني
ولوعة حزن تترك الوجه اسفعا
انتهى البحث وقد آثرت ان لا اتطرق للتواريخ لاننا هنا لا نبحث تاريخ بعينه وأنما لحظات انسا نيه عاشها الشعراء، ولكي لا نفتح شهيه النابشين في التاريخ وبعث نزاعات الماضي ، يكفينا ما نحن فيه من تشرذم .
صادق البصري
التعليقات (0)