محمد الحسن /
تعيش حركة حماس مأزقاً كبيراً مع جناحها العسكري المسلح كتائب الشهيد عز الدين القسام والذي يضم آلاف المقاتلين الذين انخرطوا في صفوف حماس لأجل المقاومة والاستشهاد وكنس الاحتلال الإسرائيلي، ولكن المستوى السياسي في حركة حماس أنحرف عن مسار ونهج برنامج حماس وميثاقها الذي ينص على الجهاد والاستشهاد والمقاومة في سبيل الله والوطن، وأخذ ينفذ رغبات وأجندة إقليمية، أبرزها الانقلاب على الشعب الفلسطيني وقتل المئات من أبناءه والثانية هو منع رجال المقاومة من الفصائل الفلسطينية الأخرى من تنفيذ عمليات فدائية ضد العدو الصهيوني، فهل حماس تمر في مرحلة تحول إلى حزب سياسي بدون ثمن.
هذا الانحراف الذي انكشفت عنه حركة حماس عبر حكومتها المقالة في غزة وباتت معروفة في مواقفها وسياستها الحالية والمستقبلية وأحرجها أمام أشقائقها في فصائل العمل الوطني والثوري، لدرجة أن هناك فصائل فلسطينية أخرى مقاومة مثل الجهاد الإسلامي والجبهتين الشعبية والديمقراطية وغيرهم بدأت تلتزم بشروط حركة حماس وحكومتها نحو المقاومة خشية من اندلاع مواجهة بينهما وحقنا للدماء. فحماس ليست وحدها المحرجة مع جناحها العسكري، كما أن الجهاد الإسلامي ليس وحدة في مأزق مع سرايا القدس، وهكذا بقية الفصائل الفلسطينية مع أذرعها العسكرية المسلحة.
فقبل يومين أصدر الجهاد الإسلامي نشرة داخلية وهي تعميم داخلي وزع على عناصره المسلحة يحذرهم من ارتداء الملابس الباكستانية بعد تفشي هذه الظاهرة في صفوف عناصر الجهاد الإسلامي وحماس، وفي المجتمع الفلسطيني في غزة، وهي رسالة اعتزاز وفخر برجال القاعدة والجماعات السلفية الجهادية التي باتت تستوعب العشرات يومياً من المندمجين إليها، في قطاع غزة، ربما تكون الغاية منها إيصال الفكرة لزعماء فصائلهم أنهم سيغادرون فصائلهم وينخرطون في صفوف الجماعات السلفية الجهادية في قطاع غزة والتي بلغ عدد أفراها أحد عشر ألف مقاتل في مدة وجيزة، استطاعت أن تستقطب هذا الكم الكبير رغم تعرض التنظيم لمحاولة إقصاء وملاحقة على يد حماس ومقتل زعيم الجماعة الشيخ عبد اللطيف موسى وثلاثون من رفاقه .
إذاً حماس تدرك حجم المأزق مع جناحها المسلح ومع عناصرها الذين يتذمرون نتيجة سلوك حركتهم وقياداتهم، وهناك العشرات من القرارات التي تصدر بحق العديد من عناصرها إما بالتهديد أو التجميد أو الفصل، لاسيما في ظل تذمر العديد بسبب حياد الحركة عن مشروعها المقاوم وبسبب الضغوط التي تفرضها حكومة حماس على المواطنين والشح المالي وملفات الفساد التي يدفع ثمنها العناصر البسيطة وأصحاب العقود الخاصة والمتحمسين للمقاومة ولزعماء الحركة التاريخين الذين استشهدوا....
فسارعت قيادة كتائب القسام في قطاع غزة إلى انتهاج أساليب وسياسات توهم عناصرها أنهم في محل مقاومة ورباط ضد العدو الصهيوني، فتارة تزجهم مع حلول الظلام في شوارع قطاع غزة فيطوفون فيها هاتفين العروض العسكرية، وتارة أخرى تشغلهم في تدريبات يسقط خلالها ضحايا تعرف بمهمات جهادية، ورباط هدفه إحباط عمليات فدائية تقوم بها فصائل أخرى لعل ذلك يفيد في إعادة الثقة لمقاتليها.
هذا المشهد يؤكد صحة أن حماس في مأزق، فهي لم تفلح في الحكم لفشلها في إدارة غزة وتفاقم معاناة المواطنين. ولم تفلح في المقاومة لأنها فرضت تهدئة دون اتفاق، ودون مقاومة، مما وضعها في موقف محرج مع الفصائل المقاومة في تبينيها لعمليات تلك الفصائل، فكيف ستفلح في المزاوجة بينهما أي الحكم والمقاومة ؟.
التعليقات (0)