في البدء يجب ان نفرق بين حالتين من التقليد الحالة
الاولى تقليد الرسول صلى الله عليه وسلم في
العبادات(الصلاة-الحج-الصيام-الوضوء) والحالة الثانية تقليده في اموره
الشخصية(طريقة الاكل-طريقة الشرب-الاطعمة المفضلة لديه-طريقة اللبس-طريقة
النوم)، فالحالة الاولى تعتبر من المتطلبات التي يحرص المسلم على اتباعها،
ولكن الحالة الثانية هي مايوقع الفرد في مأزق في حال تقليده لها.
فالرسول
عليه الصلاة والسلام، كان فرد في المجتمع العربي والاسلامي، وبالتاكيد
سيصبح له ذاته المستقلة والمختلفه عن ابناء جيله، بسبب طبيعة الفوارق
الفردية بين اعضاء مجتمعه، لذا كانت احواله الشخصية(طريقة الاكل والشرب
والاطعمة التي يفضلها) نتاج لاستقلاله الذاتي، وليست نتيجة لوحي من السماء.
فلكل
فرد كيانه الخاص به، ويتميز كل مجتمع بفوارق فردية بين اعضاءه، وعندما
يحاول افراد اي مجتمع تقليد حياة شخص معين سواء كان هذا الشخص الرئيس او
النبي الذي بعث لهذا المجتمع، فان افراد هذا الكيان الاجتماعي سيعانون
الامرين بسبب هذا التقليد.
ومن الاسباب التي تجعلهم يعانون المأزق
بسبب التقليد، هي ركود المجتمع بسبب ضئل الفوارق الفردية بين افراده-في
حالة تم تقليد هذا الشخص المعني- ويصاب المجتمع بالجمود، ويفقد
ديناميكيته، لان الفوارق الفردية انزاحت بسبب اختزالها في شخص واحد.
وعندما
يفشل الفرد بتقليد هذه الشخصية التاريخية، يصاب بخيبة امل، واحساس بالذنب،
لانه لم يستطع تقليد هذه الشخصية التي اختزل ذاته في ايطارها، بالاضافة
إلى مقاومته الشرسة لرغباته الفردية بالتميز عن غيره من افراد المجتمع،
وحاجة ذاته إلى البروز بعيداً عن هذه الايطار الذي تم فرضه عليه، وبذلك
يصاب الشخص بازدواج في الشخصية بسبب هذا الوضع.
وهنا يكمن مأزق
التقليد، فعلى المسلمين ان يدركو، بان احوال النبي الشخصية هي نتاج
لشخصيته، ومن الصعب تقمص هذه الفوارق الشخصية ومحاولة تقليدها، لان كل شخص
له ذاته المستقلة، وفي حالة التقليد يفقد الانسان استقلاليته و يعاني
الامرين بسبب الصراع الذي سيقع بين ذاته التي ترغب في ان تتوج نفسها
بفرديتها الخاصه بها، وبين تقليده للنبي عليه الصلاة والسلام في احواله
الشخصية.
التعليقات (0)