لم أجب في عباب البحار ولم أقصد ثمة محل لبيع المجوهرات و الاحجار الکريمة، عندما وجدت صدفة لٶلٶة بيضاء، لٶلٶة يکاد بياضها الناصع يخطف سنا البصر، لٶلٶة، تقوقعت منذ أکثر من عقدين داخل لٶلٶة المغرب العربي(تلمسان)، ولذا فقد فاح أريج حسنها و سناء بهاها في الآفاق، لکنها ظلت کطلسم و فانوس سحري يحتاج لمن يفك أحجيته و الغازه او يلمسه فتصعق الوجد و تٶسره في آجم عينيها.
لٶلٶة بيضاء، هناك في تلمسان، بين مزارع الکروم و الزيتون، خلف حيطان البيوت العتيقة المترنمة بزلال الاصالة و خمر زمان سرمدي، لم تکن تتوارى لتخبأ عن الانظار و الانفس سحر بياضها، وانما کانت تنتظر ثمة سندباد قادم من هناك. من وراء غبار الشمس و اسرار النجوم، من أعالي القمم الشماء التي تکاد ان تمزق دثار السماء لازرق، وکلما خر أمامها من يطلب ودها مٶکدا بأنه السندباد المطلوب، کلما إزدادت اللٶلٶة أنفة و شموخا و کبريائا و فاض غرورها أکثر فأکثر لتضيف الى سجل شروطها التعجيزية شروطا أخرى تفوق الاستحالة.
لٶلٶة بيضاء، تحسدها کل لآلئ البحار و المحيطات و تود لو تحظى ولو بنزر يسير من بياضها الملائکي البکر، بياض وأي بياض ؟! تضيع و تتشتت و تتلاشى فيه کل الالوان و تغدو واحدة تلو الاخرى مدارات خرساء بلهاء خالية من کل شئ.
لٶلٶة بيضاء، تغفو بين ثنايا و منحنيات غرناطة أفريقيا کأميرة تنتظر ثمة فارس يوقظها بقبلة لايستحقها الا فارس أحلامها الوحيد، وترنو بلحاظها المدافة ببريق کأن مصدره هناك في أعالي السماء، نحو أفق بعيد بعيد، تستمع الى ترانيم و أهازيج القارات و البلدان و المدن و المرافئ و القرى المبعثرة في قمم الجبال و أعماق الوديان و وسط السهول لکن لاشئ من کل ذلك يطربها و يدفعها لکي تتمايل و تضرب بقدميها الارض نشوة و سرورا.
لٶلٶة بيضاء، تسافر کوميض يخترق اسرار الزمان و المکان و تفض بشعاعها المخترق لمملکة الانسان، عذرية العيون معلنة انها کلمة لن يسمعها أي أذن، مطر لن يضرب أي أرض، نسمة لن تهب إلا في مکانها و زمنها الخاصين، تسافر قوقعا و لٶلٶها مسجى في تلمسان بين الارض و السماء، الموت و الولادة، السر و البوح، الصمت و الصراخ.
لٶلٶة بيضاء، تتمختر زهوا عند شواطئ مستغانم و تتحدى البحر الابيض و کل البلدان المطلة عليه ببياضها الاخاذ المتألق زهوا، بعد ان تهادت ذات فجر من تلمسان صوب مستغانم و هي تخلف ورائها شيئا ما أشبه مايکون بطريق کأنه وميض أبيض يسلب من العيون بريقها وعندما وصلت مستغانم، کانت السماء أيضا تمطر بياضا وکل شئ بات من تلمسان والى مستغانم، يصير أبيض أبيض لکنها لما تزل تنتظر وصول سندباد أبيض ينبض في وجدها وفي أفق بعيد بعيد!
التعليقات (0)