مواضيع اليوم
قصيدة رائعة للشاعر الجاهلي طرفة بن العبد
لِخَولة َ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ، | تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ |
وُقوفاً بِها صَحبي عَلَيَّ مَطيَّهُم | يَقولونَ لا تَهلِك أَسىً وَتَجَلَّدِ |
كَأَنَّ حُدوجَ المالِكيَّةِ غُدوَةً | خَلايا سَفينٍ بِالنَواصِفِ مِن دَدِ |
عدولية ٌ أو من سفين ابن يامنٍ | يجورُ بها المَّلاح طوراًويهتدي |
يشقُّ حبابَ الماءِ حيزومها بها | كما قسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ |
وفي الحيِّ أحوى ينفضُ المردَ شادنٌ | مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ |
خذولٌ تراعي ربرباً بخميلة ٍ | تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، وتَرتَدي |
وتبسمُ عن ألمَى كأنَّ مُنوراً | تَخَلّلَ حُرَّ الرّمْلِ دِعْصٌ له نَدي |
سقتهُ إياة ُ الشمس إلا لثاتهُ | أُسف ولم تكدم عليه بإثمدِ |
ووجهٌ كأنَّ الشمس ألقت رداءها | عليه، نَقِيَّ اللّونِ لمْ يَتَخَدّدِ |
وإنّي لأمضي الهمّ، عند احتِضاره، | بعوجاء مرقالٍ تروحُ وتغتدي |
أمونٍ كألواح الإرانِ نصَأْتُها | على لاحب كأنهُ ظهرُ بُرجد |
جَماليّة ٍ وجْناءَ تَردي كأنّها | سَفَنَّجَة ٌ تَبري لأزعَرَ أربَدِ |
تباري عتاقاً ناجيات وأتبعت | وَظيفاً وَظيفاً فَوق مَورٍ مُعبَّدِ |
تربعت القفّين في الشول ترتعي | حدائق موليِّ الأسرَّة أغيد |
تَريعُ إلى صَوْتِ المُهيبِ، وتَتّقي، | بِذي خُصَلٍ، رَوعاتِ أكلَفَ مُلبِدِ |
كأن جناحي مضرحيٍّ تكنّفا | حِفافَيْهِ شُكّا في العَسِيبِ بمَسرَدِ |
فَطَوراً به خَلْفَ الزّميلِ، وتارة ً | على حشف كالشنِّ ذاوٍ مجدّد |
لها فَخِذانِ أُكْمِلَ النّحْضُ فيهما | كأنّهُما بابا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ |
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنيّ خُلوفُهُ، | وأجرِنَة ٌ لُزّتْ بِدَأيٍ مُنَضَّدِ |
كَأَنَّ كِناسَي ضالَةٍ يُكنِفانِها | وَأَطرَ قِسيٍّ تَحتَ صُلبٍ مُؤَيَّدِ |
لَها مِرفَقانِ أَفتَلانِ كَأَنَّها | تَمُرُّ بِسَلمَي دالِجٍ مُتَشَدَّدِ |
كقنطرة الرُّوميِّ أقسمَ ربها | لتكفننْ حتى تُشادَ بقرمد |
صُهابِيّة ُ العُثْنُونِ مُوجَدَة ُ القَرَا | بعيدة ُ وخد الرِّجل موَّراة ُ اليد |
أُمرُّتْ يداها فتلَ شزرٍ وأُجنحتْ | لها عَضُداها في سَقِيفٍ مُسَنَّدِ |
جنوحٌ دقاقٌ عندلٌ ثم أُفرعَتْ | لها كتفاها في معالى ً مُصعَد |
كأن عُلوبَ النّسع في دأياتها | مَوَارِدُ مِن خَلْقاءَ في ظَهرِ قَردَدِ |
تَلاقَى ، وأحياناً تَبينُ كأنّها | بَنائِقُ غُرٌّ في قميصٍ مُقَدَّدِ |
وأتْلَعُ نَهّاضٌ إذا صَعّدَتْ به | كسُكان بوصيٍّ بدجلة َ مُصعِد |
وجمجمة ٌ مثلُ العَلاة كأنَّما | وعى الملتقى منها إلى حرف مبرَد |
وخدٌّ كقرطاس الشآمي ومشْفَرٌ | كسَبْتِ اليماني قدُّه لم يجرَّد |
وعينان كالماويتين استكنَّتا | بكهْفَيْ حِجاجَيْ صخرة ٍ قَلْتِ مورد |
طَحُورانِ عُوّارَ القذى ، فتراهُما | كمكحولَتي مذعورة أُمِّ فرقد |
وصادِقَتا سَمْعِ التوجُّسِ للسُّرى | لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُندِّد |
مُؤلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتقَ فِيهِما، | كسامعتيْ شاة بحوْمل مفرد |
وَأرْوَعُ نَبّاضٌ أحَذُّ مُلَمْلَمٌ، | كمِرداة ِ صَخرٍ في صَفِيحٍ مُصَمَّدِ |
وأعلمُ مخروتٌ من الأنف مارنٌ | عَتيقٌ مَتى تَرجُمْ به الأرض تَزدَدِ |
وإنْ شئتُ لم تُرْقِلْ وإن شئتُ أرقَلتْ | مخافة َ مَلويٍّ من القدِّ مُحصد |
وإن شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رأسُها | وعامت بضبعيها نجاءَ الخفيْدَدِ |
على مثلِها أمضي إذا قال صاحبي | ألا لَيتَني أفديكَ منها وأفْتَدي |
وجاشَتْ إليه النّفسُ خوفاً، وخالَهُ | مُصاباً ولو أمسى على غَيرِ مَرصَدِ |
إذا القومُ قالوا مَن فَتًى ؟ خِلتُ أنّني | عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلّدِ |
أحَلْتُ عليها بالقَطيعِ فأجذَمتْ، | وقد خبَّ آل الأَمعز المتوقد |
فذلك كما ذالت وليدة مجلس | تُري ربّها أذيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ |
ولستُ بحلاّل التلاع مخافة ً | ولكن متى يسترفِد القومُ أرفد |
فان تبغني في حلقة القوم تلقَني | وإن تلتمِسْني في الحوانيت تصطد |
متى تأتني أصبحتَ كأساً روية ً | وإنْ كنتَ عنها ذا غِنًى فاغنَ وازْدَد |
وانْ يلتقِِ الحيُّ الجميع تلاقيني | إلى ذِروة ِ البَيتِ الرّفيع المُصَمَّدِ |
نداماي بيضٌ كالنجوم وقينة ٌ | تَروحُ عَلَينا بَينَ بُردٍ ومَجْسَدِ |
رَحيبٌ قِطابُ الجَيبِ منها، رقيقَة ٌ | بِجَسّ النّدامى ، بَضّة ُ المُتجرَّدِ |
إذا نحنُ قُلنا: أسمِعِينا انبرَتْ لنا | على رِسلها مطروفة ً لم تشدَّد |
إذا رَجّعَتْ في صَوتِها خِلْتَ صَوْتَها | تَجاوُبَ أظآرٍ على رُبَعٍ رَدي |
وما زال تشرابي الخمور ولذَّتي | وبَيعي وإنفاقي طَريفي ومُتلَدي |
إلى أن تَحامَتني العَشيرة كلُّها، | وأُفرِدتُ إفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ |
رأيتُ بني غبراءَ لا يُنكِرونَني، | ولا أهلُ هذاكَ الطرف الممدَّد |
ألا أيُّهذا اللائمي أحضرَ الوغى | وأن أشهدَ اللذّات، هل أنتَ مُخلِدي؟ |
فأن كنتَ لا تستطيع دفع منيَّتي | فدعني أبادرها بما ملكتْ يدي |
ولولا ثلاثٌ هُنّ مِنْ عِيشة ِ الفتى ، | وجدِّكَ لم أحفل متى قامُ عوَّدي |
فمِنهُنّ سَبْقي العاذِلاتِ بشَرْبَة ٍ | كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تُزبِد |
وكَرّي، إذا نادى المُضافُ، مُحَنَّباً | كسيد الغضا نبّهته المتورِّد |
وتقْصيرُ يوم الدَّجن والدَّجنُ مُعجِبٌ | ببهكنة ٍ تحت الخباء المعَّمد |
كأنّ البُرينَ والدّمالِيجَ عُلّقَتْ | على عُشَرٍ، أو خِروَعٍ لم يُخَضَّد |
كريمٌ يُرَوّي نفسه في حياتِهِ، | ستعلم ان مُتنا غداً أيُّنا الصدي |
أرى قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بمالِهِ، | كَقَبرِ غَويٍّ في البَطالَة ِ مُفسِدِ |
تَرى جُثْوَتَينِ من تُرَابٍ، عَلَيهِما | صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ |
أرى الموتً يعتام الكرام ويصطفي | عقيلة مال الفاحش المتشدِّد |
أرى العيش كنزاً ناقصاً كل ليلة ٍ | وما تَنقُصِ الأيّامُ والدّهرُ يَنفَدِ |
لعمرُكَ إنَّ الموتَ ما أخطأ الفتى | لَكالطِّوَلِ المُرخى وثِنياهُ باليَدِ |
فما لي أراني وابنَ عمّي مالِكاً | متى ادن منه ينأى عني ويبعد |
يَلومُ وَما أَدري عَلامَ يَلومُني | كَما لامَني في الحَيِّ قُرطُ بنُ مَعبَدِ |
وأيأسني من كلِّ خيرٍ طلبتُه | كأنّا وضعناه إلى رمس مُلحَد |
على غير شئٍ قلتهُ غير أنني | نَشَدْتُ فلم أُغْفِلْ حَمُولة َ مَعبَد |
وقرّبْتُ بالقُرْبى ، وجَدّكَ إنّني | متى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيثَة ِ أشهد |
وِإن أُدْعَ للجلَّى أكن من حُماتها | وإنْ يأتِكَ الأعداءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ |
وإن يَقذِفوا بالقَذع عِرْضَك أسقِهمْ | بشرْبِ حياض الموت قبل التهدُّد |
بلا حَدَثٍ أحْدَثْتُهُ، وكَمُحْدِثٍ | هجائي وقذفي بالشكاة ومطردي |
فلو كان مولاي امرءاً هو غيره | لَفَرّجَ كَرْبي أوْ لأنْظَرَني غَدي |
ولكنّ مولاي امرؤٌ هو خانفي | على الشكرِ والتَّسْآلِ أو أنا مُفتَد |
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة ً | على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد |
فذرني وخُلْقي انني لكَ شاكرٌ | ولو حلّ بيتي نائياًعندَ ضرغد |
فلو شاءَ رَبي كنتُ قَيْسَ بنَ خالِدٍ، | ولو شاءَ ربي كنتُ عَمْرَو بنَ مَرثَد |
فأصبحتُ ذا مال كثيرٍ وزارني | بنونَ كرامٌ سادة ٌ لمسوّد |
أنا الرّجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعرِفونَهُ | خَشاشٌ كرأس الحيّة المتوقّدِ |
فآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحي بِطانَة ً | لعضْبٍ رقيق الشَّفرتين مهنَّد |
حُسامٍ، إذا ما قُمْتُ مُنْتَصِراً به | كَفَى العَودَ منه البدءُ، ليسَ بمِعضَد |
أخي ثقة لا ينثَني عن ضريبة | إذا قيلَ:"مهلاً"قال حاجزه:"قَدي" |
إذا ابتدرَ القومُ السلاح وجدتني | مَنِيعاً، إذا بَلّتْ بقائِمِهِ يدي |
وبرْكٍ هُجود قد أثارت مخافتي | نواديها أمشي بعضب مجرَّد |
فَمَرَّت كَهاةٌ ذاتُ خَيفٍ جُلالَةٌ | عَقيلَةُ شَيخٍ كَالوَبيلِ يَلَندَدِ |
يقولُ، وقد تَرّ الوَظِيفُ وساقُها: | ألَسْتَ ترى أنْ قد أتَيْتَ بمُؤيِد؟ |
وقال:ألا ماذا ترون بشارب | شديدٍ علينا بَغْيُهُ، مُتَعَمِّدِ؟ |
وقالَ ذَرُوهُ إنما نَفْعُها لهُ، | وإلاّ تَكُفّوا قاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ |
فظلَّ الإماء يمتللْن حوارَها | ويُسْعَى علينا بالسّدِيفِ المُسَرْهَدِ |
فان مُتُّ فانعنيني بما أنا أهلهُ | وشقّي عليَّ الجيبَ يا ابنة َ معْبد |
ولا تَجْعَلِيني كامرىء ٍ ليسَ هَمُّهُ | كهمّي ولا يُغني غنائي ومشهدي |
بطيءٍ عنِ الجُلّى ، سريعٍ إلى الخَنى ، | ذلول بأجماع الرجال ملهَّد |
فلو كُنْتُ وَغْلاً في الرّجالِ لَضَرّني | عداوة ُ ذي الأصحاب والمتوحِّد |
ولكِنْ نَفى عنّي الرّجالَ جَراءتي | عليهِم وإقدامي وصِدْقي ومَحْتِدي |
لَعَمْرُكَ، ما أمْري عليّ بغُمّة ٍ | نهاري ولا ليلي على َّ بسرمد |
ويومَ حبستُ النفس عند عراكه | حِفاظاً على عَوراتِهِ والتّهَدّد |
على مَوطِنٍ يخْشى الفتى عندَهُ الرّدى ، | متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائِصُ تُرْعَد |
وأصفرَ مضبوحٍ نظرتُ حواره | على النار واستودعتهُ كفَّ مجمد |
ستُبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً | ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوّد |
ويَأتِيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تَبِعْ له | بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وقْتَ مَوعد |
التعليقات (0)