(( ليلة سقوط بغداد ))
شيكاغو – أنس ألبياتي
لمراسلة الكاتب مباشرة والنقاش حول الموضوع
Anass.albayati@iraqimutualaid.org
مرت علينا قبل ايام قلائل الذكرى العاشرة لاحتلال العراق!
انا وغيري الكثير نكره تسمية سقوط بغداد لانها ثقيلة جدا ولكني سأشرح لماذا اخترت هذا العنوان لمقالتي على الاقل تيمنا بالفلم العربي الذي يحمل نفس العنوان.
بمناسبة هذه الذكرى الاليمة تمت دعوتي مع اثنين من الزملاء لحضور حلقة نقاشية حول الموضوع اكون فيها متحدثا ومجيبا على الاسئلة.
وبالطبع اشكر من قام بدعوتي الى هذه الحلقة وهي الزميلة العزيزة جاكي سبينر وهي مراسلة صحيفة الواشنطن بوست السابقة في العراق. ابتدات هذه الحلقة النقاشية حول الصحافة والاعلام في العراق وتكلمنا عن الموضوع وبعدها قمنا بالاجابة على الاسئلة! من الطبيعي ان يكون اغلب الحضور من الامريكان وبالتالي فهم يسألون بطريقة يبتغون من خلالها فهم ماجرى تماما وعادت بي الايام وانا اسمع اسئلتهم الى ذلك اليوم التاسع من شهر نيسان! عموما لا اريد ان اعود لاروي معاناة الايام الخوالي لكن استفزني سؤال احدهم حول قصر المدة التي تم من خلالها احتلال العراق! واصدقكم القول كان السؤال محير لي على الاقل , خاصة واني عشت كل تلك الايام في العراق ولم يكن اسوأ المتشائمين يتوقع هذه السرعة الدراماتيكية للاحداث خاصة مع كل تلك التصريحات النارية التي كانت تصاحب الاحداث في حينها! فكرت قليلا وفعلا وجدت الحقيقة التي كانت غائبة وأجبته! العراق لم يحتل في خمسة عشر يوما هذا ماقلته له! وساد صمت في قاعة جامعة كولومبيا احدى اشهر جامعات الصحافة في امريكا!
قلت له ان عملية احتلال العراق اخذت اثنى عشر سنة! لم يفهم الجميع ماذا اقصد لذا شرحت لهم الفكرة وهي الحقيقة كما اراها فمنذ عام 1991 وبعد الانسحاب المفجع للجيش العراقي من الكويت وانا اتكلم عن الطريقة التي تم بها الانسحاب والتي ادت الى خسارات فادحة في الارواح والمعدات! نعم لقد بدات عملية احتلال العراق منذ ذلك التاريخ! ورغم عدم تقدم القوات المتحالفة انذاك تنفيذا لاتفاقية الخيمة لكن الحرب لم تنتهي حينها فقد بدات الحرب الباردة ان صحت التسمية والحارة على كل ابناء الشعب العراقي وهو مابدا بالانتفاضة التي شهدتها المحافظات الجنوبية العراقية ورغم تحفظاتي العديدة على ماقام به المنتفضون وكيف كانت ردة الفعل الصاعقة ولكن الحقيقة تقال ان معركة احتلال العراق قد بدأت حينها ليليها فترة حصار اقتصادي على العراق كان الغرض منه واضح جدا هو تدمير كل ماهو جيد في صفات العراقيين لينتشر الفساد تبعا للازمة المالية الخانقة التي كان يعيشها البلد والتي لم تؤثر بأي حال من الاحوال على النظام الحاكم بل اثرت في النفسية العراقية وبمعظم دوائر الدولة ليستشري الفساد في اغلب دوائر الدولة وليصل الى الجيش وهو الحصن المنيع لاية دولة وبالتالي بدات عملية التهالك والتي ادت فيما بعد الى هذا الاحتلال السريع ومارافقها من قرارات غير مدروسة للقيادة في حينها والتي اثرت على تماسك الجيش وقوته والضبط والالتزام العالي الذي كان يمتاز به الجيش بخلق جيش موازي اطلق عليه جيش القدس والذي اتاح لارذل القوم تعليق الرتب العسكريه على اكتافهم الخاوية وتجهيز هذا الجيش لوجيستيا بما كان يحلم به الجيش الاصلي من معدات سواء عسكرية او مكتبية!
نعم لقد استغرق احتلال العراق اكثر من اثني عشر سنة! فماذا تتوقعون من جيش محاصر وخارج من معركة خاسرة! وماذا تتوقعون من شعب انهكه الجوع والبحث عن لقمة العيش في بلد هو بكل الحالات من اغني البلدان في العالم
لتأتي ثورة السراق او الحواسم كما يطلق عليهم في العراق! شعب نسبة اميته اعلى بكثير من نسبة مثقفيه ومحاصر وجائع هل تتوقعون منه ان يحمي المتاحف او يقاوم جيش اقوى دولة في العالم؟
حتى الثقافة التي كانت سائدة هي حب القائد الاوحد ولم تزرع ثقافة حب البلد والا والامثال تضرب ولا تقاس بماذا تبررون ان يقوم الشعب المصري بحماية المتحف والاثار عندما سادت الفوضى ابان الثورة المصرية؟ وهل تعتقد ان المصريين حالهم احسن من حال العراقيين؟ بالتاكيد لا لكنها ثقافة حب البلد والايمان به واليقين ان هذه الثروة ليست لاحد بل هي ملك الجميع!
اعود الى عنوان المقالة وتسمية سقوط بغداد واؤكد كغيري ان بغداد لم تسقط ولن تسقط ابدا لكنها قد وقعت في ايدي الساقطين والسراق! عشر سنين ونحن ننتظر عشر سنين ونحن نامل النفس عشر سنين ونحن ندعوا من الله ان يفرجها!
لكن الواضح انها فرجت على السراق والمرتشين بعد ان استطاعوا تكوين ثروات لم يكونوا هم انفسهم يحلمون بها.
لم ولن تسقط بغداد لكنها وقعت في ايدي الساقطين ... وتلك الايام نداولها بين الناس وغدا لناظره قريب.
التعليقات (0)