مواضيع اليوم

ليس من سمع كمن رأى خيرات دارفور

أبومهند العيسابي

2010-10-04 12:23:34

0

ليس من سمع كمن رأى خيرات دارفور


في التسعينات قمت بزّيارة لجنوب السودان ،، وكان في موسم المانجو لم أشاهد حينها كميات من المانجو مثل ماشاهدتها مفروشة في الشوارع وفي سوق كونج كونج بجوبا ،، بل أن أحد المسؤولين في جنوب السودان وفي ذلك الحين أمر أي سيارة تخرج من محافظته بأن تحمل معها كميات من المانجو ( إجباراً ) حفاظا على النظافة وصحة البيئة لرميّها بكثرة في الشوارع مما أدى إلى تكاثر الذباب!! ، وذلك لوجود أشجار كثيفة من المانجو المُثمرة بالشوارع .

اليوم وفي أكتوبر2010 تصادف أن أكون بدارفور والآن فقط عرفت أن دارفور فعلاً ( قرة أم خيراً بره ) كما يقول أهلها ،،، نصادف الآن بدارفور موسم الخريف وما أدراك ماموسم الخريف !! رأيت العجب العجاب من الخيرات ،، رغم مايُقال أنها في حرب ،، لم أرى بطيخاً بهذا الحجم وسُكراً بهذا الطعم ورخيصاً بهذا السعر كما لم أرى حجم عجورة بهذا الشكل ولن أبالغ إن قلت لكم أن طول العجورة يقارب النصف متر وطول الباميّة الواحدة يقارب طول زراع ،، بل حكي أحدهم أن ثلاثة حبات من البامية تكفي لطبخ وجبة تكفي العائلة . أما الطماطم فحدث ولاحرج من الحجم والشكل واللون والطعم وكذلك برتقال ( جبل مرّة) الأصفر اليانع .

أما عن أسعار هذه الخضروات والفواكه فما من بلد في العالم أقل سعر منها ! سعر البطيخة مابين اثنين وثلاثة جنيهات سودانية فقط وأحيانا تشتري بطيخه وواحدة مجاناً أما سعر كوم من العجور بواحد جنيه فقط ،،، وأجمل مافي ذلك أن كل هذه الخضروات طبيعية تنبت من أرض بكر خصبة و تأتي من الريّف والقرى تُسقى من مياه المطر ،، ويزرعها أناس بسطاء لايعرفون شكل الأسمدة أو تعديلاً وراثياً ولم تحوجهم أرضهم أصلاً لذلك ،، كما لم يدخل قلوبهم طمعاً فيكفيهم القليل من المال ،، وليس لهم تكاليف إنتاج مادام كل هذا الخير ينبت بماء السماء ،وكذلك اللحوم تباع بأسعارِ زهيدة ويأتي الذبيح من مراعي خضراء طبيعيّة .

رأيت كل هذه النعم والخيرات في جنوب وغرب السودان ، ولكن الأدهى والامّر أن كل هذه الخيرات لاستطيع أن تكون صادرات أو أن تصل إلى العاصمة الخرطوم حتى ! فما بالك أن تُصدر إلى الخارج فتكلفة النقل بالطيران مرتفعة جداً ، وليست هناك وسيلة غيرها ، كما أن هؤلاء البسطاء لم يفكروا بالإنتاج الاستثماري فما ينتجونه حسب حوجة سوقهم المحلي وبآليات تقليدية جداً . رأيت ذلك الخير وأنا أقول في نفسي إن من أطلق أن السودان يمكن أن يكون سلة غذاء العالم مُحقا جداً، ولكن يبقى السؤال الكبير( كيف يتحقق ذلك ) ؟؟والسودان يُحارب في أخصب أراضيه استهدافا لثرواته الطبيعية في باطن الأرض وما فوقها .

الآن فقط عرفت قيّمة أن تأكل خضاراً طبيعيا ( بحتاً) ينتج من أرض بكر ويسقى من السماء ،،، كما عرفت قبل ذلك لماذا أصبح السودان مُستهدفاً تتكالب عليه القوى المُستعمرة كما تتكالب الأكلة على قصعتها ! إذن ليس من سمـــــــع كمن رأى دارفور .

 


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !