ليس فقط في جدة .. كيف تكون من هؤلاء ؟
تركي الأكلبي
لأن السماء لا تمطر ذهبا ، ولأنه مهما بلغ راتبك وامتيازات منصبك ووظيفتك فلن تكون غنيّا غنا فاحشا .
فكيف تكون مميزا بركوب السيارات الفارهة ؟ ، وألا تركب اليوم ما ركبته البارحة ؟ ، وكيف تسكن القصور ؟ وتلعب مع النمور ؟!
وكيف تقضي إجازتك الصيفية في أرقى منتجعات الدول الغربية والأمريكية والشرق آسيوية ؟
كيف " تصرّح " حين تهطل الأمطار ، للمواطنين وأصحاب القرار
" أنها السيول ولست أنا المسؤول ؟ " أو " نفذنا كل ما تريده يا طويل العمر وكل شيء على ما يرام ، .. إلخ ، من التصريحات
للصحفيين والصحفيات !
إذن ، لن يكون لك كل هذا إلا في وجود العوامل التالية :
أن يظل الفقير كما هو لا يزداد فقرا ولا يرقى ليحتل مكانا
أدني في صفوف القلة من الطبقة الوسطى المهددة بالانقراض
الأمر الذي يُحافظ على الطبقة الاجتماعية الدنيا ويزيدها اتساعا.
أن يكون المجتمع مجتمعا مستهلكا لكل شيء.
أن تستمر أسباب البطالة وليست البطالة نفسها فتظل البطالة
مرضا اجتماعيا مزمنا لا يمكن علاجه مهما تعددت المحاولات .
أن تُقتل – بتسكين القاف وفتح التاء - محاولات الإبداع في مهدها ، وتُحبط تنمية القدرات الذاتية للفرد ، وأن يُنتج التعليم متعلمين أميين غير قادرين على النمو وغير قادرين على الإنجاز بمهارة .
أن يكون التفكير الخرافي من أهم أنواع التفكير السائدة لدى العامة والمتعلمين الأميين .
أن تستمر أسباب الفساد المالي والإداري وليس الفساد نفسه ، وأن تكون الأنظمة واللوائح والإجراءات التي تحمي المجتمع من الفساد هي ذاتها التي تشجع على الفساد من خلال الاعتماد الكلي علها والتطبيق الحرفي لها والمرونة فيها في الوقت نفسه وفقا لما يتطلب الموقف .. فالتطبيق الحرفي يدفع طالبي الخدمة للجوء للواسطة والرشوة ، والمرونة تعطي المجال لمن أراد من مقدمي الخدمة والقائمين عليها للسرقة ، والنهب ، والعمل وفق ما تمليه علاقات المصالح الخاصة .
أن يسود احتكار العقار والسلع والخدمات فيشكل حماية للمحتكر ضد انخفاض الأسعار ، ويشكل ارتفاع الأسعار المتنامي ضغطا قويا على الطبقة الوسطى مما يؤدي لانكماشها وتراجعها عند خط الكفاف ، ويشكل ضغطا مضاعفا على الطبقة الدنيا فيدفعها لارتكاب المخالفات النظامية ويجد أفرادها في ذلك فرصة للعيش فينظم إليهم الكثيرين من الطبقة الوسطى فتتسع دائرة الطلب على الخدمات العامة فيزداد الطلب على عقود المشروعات الإنشائية العاجلة خارج نطاق التخطيط وفي المواقع المنسية وترتفع أسعارها ، ولأنها هشة ومجزأة تتلف فيتكرر طرحها وإعادة إبرامها فتبتلع العابرون من فوقها عند أول قطرة مطر .. وهكذا .
وأخيرا ، أن تكون محصنا ضد المحاسبة والمساءلة ، وأن تقول : " كيف لا يكون لي هذا ؟ بدلا من أن يقال : لك " من أين لك هذا ؟ " !
Turki2a@yahoo.com
التعليقات (0)