مواضيع اليوم

ليس بالمبادرات وحدها تحيا الشعوب..

جمال الهنداوي

2011-04-13 19:56:14

0

 اخيرا انتبهت دول مجلس التعاون الخليجي الى ان هناك هناك مشكلة على حدودها الجنوبية وتحتاج الى مبادرات لحلها..وأن هناك دماء تسيل في الشوارع والطرقات اليمنية الآمنة تستدعي من الاشقاء ابداء بعض الوقت والاهتمام بايجاد السبل لوقف نزيفها المجاني المهدور..

وحسنا فعلت دول الخليج..فبعد التجاهل والتغافل وتوسيع هامش المناورة للنظام..وبعد غض النظر الاقرب الى التواطؤ تجاه كل هذا القتل والتنكيل والتحايل والترهيب والترغيب والنهب المنظم لمقدرات البلاد وما يتيسر من مدد ومساعدات خارجية..وبعد اكثر من ثلاثة عقود من الحكم.. وبعد انعدام الخيارات –على ما يبدو- أمام دول الخليج في دعم الرئيس صالح ونظامه المتهالك..واصفرار ورقة الدعم المالي السخي الذي ما فتأ يعد الخيار الاول لدول الخليج..و لجسامة وفداحة المجازفة بترك الأمور تصل إلى نهاية الطريق الذي يبدو أن الأطراف اليمنية لا تجد غضاضة في السير به..يأتي الطلب الخليجي –والاصح السعودي- لنقل صلاحيات الرئيس الى نائبه كعلامة واضحة الى التذمر الاقرب الى التأنيب من فشل النظام الحاكم في محاولة نزع فتيل الأزمة منذ بواكيرها الأولى من خلال التعامل بحكمة مع المطالبات الاحتجاجية للمتظاهرين والتقاعس عن ايجاد السبيل الى استيعاب واحتواء شعورهم بالظلم والتهميش وانعدام المواطنة المتساوية..

ولكن يبدو ان استفحال الروح التنافرية ما بين الشعب والنظام..واستعار التطورات العسكرية والأمنية والسياسية في اليمن ودخول المواطنين الآمنين في سجل الخسائر قتلا وجرحا واعتقالا وحرقا لممتلكات.. واستمرار الإخفاق الحكومي الواضح في تلمس أي إمكانية لتأطير الإشكاليات والتناقضات الراهنة والعجز عن طرح أي صيغة توفيقية تمتاز بالعقلانية والقدرة على التصحيح..والعقلية القبلية الواضحة في الصياغة الخليجية للنص..تجعل من هذه المبادرة تبدو كطوق نجاة للرئيس اليمني اكثر من كونها وسيلة لتضميد جراح يمن كف عن ان يكون سعيدا..

فهذه المبادرة لا ترتقي الى الحد الادنى من المطالب التي خرج من اجلها الشعب اليمني الى الشوارع وتناثرت اشلائه على الارصفة قربانا لتحقيقها.. هذه المطالب التي تبدأ بتنحي الرئيس علي عبد الله صالح وافراد اسرته عن سدة الحكم والمناصب التي يستأثرونها لانفسهم..ولا تنتهي الا ببناء الدولة المدنية الديمقراطية..دولة المؤسسات والمساواة والعدالة الاجتماعية التي قدم من اجلها الشعب اليمني الكريم التضحيات الجسام والدماء الغزيرة الطاهرة..كما انها-وككل المبادرات الخليجية السابقة-تغافلت تماما عن وجود التيار الوطني الموجود على الارض والممثل بحركة الشباب الرافض المنتفض واحالت المسألة الى تقاسم صلاحيات بين الحكم واحزاب المعارضة المتعطشة لاستلام الحكم..

كما انه من غير المفهوم..ويعد من الامور الجالبة للقلق-وربما سوء الطالع- ان تتصدى دول المنظومة الخليجية الى حل ازمات تتعلق بالديمقراطية والتداولية والحكم التعددي الرشيد..فليس من الظلم وصف هذه الانظمة بالكيانات العائلية القبلية الوراثية المغلقة التي لا تؤمن بالدستور والمشاركة الشعبية في الحكم وتعارض علنا حق المواطنين في التعبير عن خياراتهم السياسية عن طريق الانتخابات الحرة المباشرة..وتتعامل مع جميع المبادرات الشعبية الداعية الى المزيد من الحريات عن طريق الحلول الامنية الصرفة والدفع بتجريم وتخوين وتكفير القائمين عليها...

إن الحل الأمثل اليوم في المسألة اليمنية هو الإصرار على رحيل النظام القائم بقيادة علي عبدالله صالح ومحاكمته ورؤوس الفساد في حكومته عن الجرائم التي ارتكبت وادت الى الاضرار بسلامة وكرامة ومقدرات الشعب اليمني الطيب النبيل..وتشكيل حكومة انتقالية تعبر عن الارادة الشعبية تقوم بمهمة اطلاق عملية الحوار الوطني الهادف الى تخليق اليات الانتقال الى الحياة السياسية المبنية على الدستور والقانون والتداول السلمي للسلطة عن طريق الانتخاب الحر والمباشر..

ودول الخليج  لكي تكسب امتنان واحترام الشعب اليمني وانصاف  التاريخ  لابد لها أن تقف إلى جانب الشعب في أزمته الراهنة من خلال الدعوة الى ايقاف الإرهاب المنظم التي تمارسه منظومة الحكم اليمني  ومرتزقته..وقد يكون في ذلك نوع من التكفير عن المآسي التي ارتكبت على ارض اليمن العزيزة بدعم وتواطؤ وتمويل وتعتيم من دول مجلس التعاون الخليجي نفسها..

فلن يكون من التجاوز لو ربطنا كل هذا التاريخ والطابور المتطاول من التأزمات والتحديات السياسية الداخلية التي يعاني منها اليمن..وتغول الانتماء والولاء وهيمنته على سلطة الدولة وهيبتها وانتهاك الكثير من القوانين تحت شعار القيم القبلية والانتماءات العشائرية والمناطقية وبما يضعف الروح الوطنية الجامعة لأبناء اليمن ويرسخ تقدم مصالح القبيلة على مصالح الدولة.. كل هذا وغيره لم يكن الا بدعم وتمويل خليجي تحول إلى تورم متخم لأرصدة بعض المتنفذين في الدولة في جزئه الأكبر..ولرصاص ومدافع توجه نحو صدور أبناء الشعب اليمني في جزئه الآخر..

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !