ليس بالحذاء وحده!
بقلم : حسن توفيق
ليس بالحذاء وحده يسقط الطغيان.. هذا ما أود أن أقوله، بعد أن لاحظت كما لاحظ سواي أن كثيرين قد أخرجوا حذاء منتظر الزيدي بعيداً عن دلالته الرمزية، وتصور هؤلاء أن كل قضايانا العربية قد حلت، وأن الكرامة المهدورة قد عادت، وأن الإهانة التي لحقت بالإمبراطور الأمريكي الذي انتهت صلاحيته السياسية هي غاية المراد من رب العباد!.
الحقيقة أن كل هذه التصورات ليست سوي أوهام، لكن الضعفاء والعجزة يحبون دائماً أن يتعلقوا ولو بقشة صغيرة طافية علي سطح الماء، وهذا حال الجماهير العربية التي انساقت وراء عواصف الانفعال، وهو انسياق غيب المنطق عن الأفعال، بينما المطلوب حقا إذا أردنا أن نتصدي لما نواجهه أن نبتعد عن الانفعال الأهوج، لكي يكون للعقل مكانه ومكانته، وحول هذه القضية كتبت عشرات المقالات التي ووجهت بمقالات مضادة، وأما القضية نفسها فإنها إثبات للجوء الانسان العربي إلي تضخيم الأمور وفقاً لما نتمناه نحن، بدلاً من أن نعرف حجم كل أمر منها علي وجه الدقة.ومنذ أيام قلائل عادت قناة الجزبرة الى حذاء منتظر عبر برنامج الاتجاه المعاكس وكما هى العادة فقد تشابك الطرفان الضيفان وحاول أحدهما أن يستفز غريمه وهو الصديق الدكتور أحمد أبو مطر فاتهمه بأنه أحد كتاب ايلاف وانه ضد المقاومة والجهاد بل ان هذا الطرف- الضيف رفع حذاءه فى خاتمة الحلقة كأنه حرر القدس التى يجرى تهويدها أمام أنظار العرب أجمعين سواء أكانوا حفاة أو ممن يرتدون أحذية لكى يمشوا بها !
لست أريد أن أنغص علي أحد ممن ابتهجوا بانطلاق فردتي حذاء منتظر الزيدي تجاه طاغية العصرالذى رحل غير مأسوف علبه ، بل إني أقول إني كنت واحداً من هؤلاء المبتهجين، لكن لا ينبغي أن يجرفنا الانفعال الأهوج الي تصورات كاذبة وليست حقيقية بل هي أشبه ما تكون بالفقاقيع التي تملأ الأرض أثناء هطول الأمطار، لكنها سرعان ما تختفي وتتلاشي كأن لم تكن!.
علينا أن نؤكد أن لحذاء منتظر الزيدي دلالة رمزية لا أكثر، أما ما كان أعلنه - علي سبيل المثال - أحد الشبان الأثرياء من أنه يريد شراء هذا الحذاء بعشرة ملايين دولار أمريكي، فهذا أمر يدخل في باب المزايدات التي سرعان ما ننساها جميعاً كما ينساها صاحبها نفسه، ولو كان هذا الشاب الثري السعودي يريد بالفعل أن يقوم بعمل مثمر، فلماذا لا يوزع ولو نصف هذا المبلغ علي الأطفال الذين تيتموا في العراق أو فلسطين أو حتي في أفغانستان أو أن يشترى آلاف الأحذية ويوزعها بالمجان على ألوف الحفاة فى مناطق عديدة من أرضبا العربية ؟ !
هناك آخرون كتبوا أن النعل أصدق أنباء من الكتب، بعد أن غيروا كلمة السيف وأحلوا محلها النعل وهذا كلام ساذج وسطحي، ولو كانت كل مشكلات الدنيا يمكن أن تحل عن طريق توجيه النعال والأحذية والشباشب إلي الذين تسببوافى خلق هذه المشكلات لما كانت هناك أية قيمة جوهرية لكفاح الإنسان ضد الظلم والقهر وكل أشكال التعسف والجبروت.
أيها السادة… لابد أن أكرر ما بدأت به.. لابد أن أؤكد أنه ليس بالحذاء وحده يسقط الطغيان.
التعليقات (0)