انتشر فى هذه الأيام فى وسائل الإعلام الكافرة والصهيونية أن الإسلام دين الإرهاب وأن المسلمين يعلنون الحرب على البشر أجمعين فى كل زمان ومكان وكذبوا فإن الحرب فى الإسلام لها شروط ولها مبادئ وقيم لم ولن يصل البشر الى بعض معشارها لأن ديننا دين الرحمة والعدل للخلق أجمعين فاسمعوا معى الى قول الله عز وجل فى آية صغيرة من كتابهسبحانه وتعالى يفصل فيها أحكام الجهاد فى الإسلام وتحويها كلمات موجزة مختصرة من كلام الملك العلام ماذا يقول عز وجل ؟ :
[ [الآية(190) البقرة]
وأريد من إخوانى المؤمنين أن يعوا الأمر جيدا حتى لا يرتابوا فى دينهم ولا يشكوا فى قرآنهم ويعلمون أنه لا يوجد فى الكون كله شرقا وغربا أزلا وأبدا مثلهم: جعل القتال لابد أن يكون لغاية نبيلة وترضى الله عز وجل فلا يبيح القتال لأغراض شخصية ولا لطموحات اقتصادية ولا لنزعات عرقية أو سياسية وإنما الحرب فى الإسلام دفاعا عن النفس أو رد لظلم الظالمين عن المستضعفين الذين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم أو إذا أصيب إنسان بمن يعتدى عليه فى نفسه حتى ولو كان وحيدا فريدا فقد قال الإمام مالك رضى الله عنه : (( من دافع عن نفسه وماله فهو فى سبيل الله عز وجل )) نقاتل من ؟ الذين يقاتلوننا ] [ 190البقرة] لا يبدأ الإسلام بالقتال ... ولا يخون المعاهدات فلو كان بينه وبين قوم معاهده وأرادوا الخيانة أعلم حضرة النبى أن يعلنهم الحرب قبل أن يبدأها.
يعنى أعلنهم بالحرب ...
قبل أن تبدأها لأن هذا أمر الله وهذه تعاليم دين الله عز وجل .
فلا يبدأ الإسلام حربا إلا إذا أحس بأن الآخرين سيبدءونها فيدافع المؤمن عن نفسه ولذا لم يدرك التاريخ كله وقائع كالتى حدثت من المسلمين:
هل تصدق يا أخى المؤمن أن القائد المسلم قتيبة بن مسلم الباهى دخل جيشه مدينة سمرقند فاتحا ولكنه لم يعلن أهلها بالقتال فقدموا شكوى إلى الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز بأن جيش المسلمين دخل بلدتهم قبل أن يعلنهم بالقتال كعادة المسلمين فما كان من الخليفة العادل إلا أن استندب قاضيا للطوارئ فورا وأرسله الى جبهة القتال ينظر فى الأمر ويحكم فأحضر الطرفين وسمع من الاثنين ثم أصدر قراره الذى ليس له استئناف بما يلى :
- البند الأول: أن يخرج جيش المسلمين من البلدة لأنه دخلها بغير إذن أهلها بالقتال .
- القرار الثانى: أن يعوض أهل هذه البلدة من بيت مال المسلمين ما تكبدوه من خسائر فى ملاقاة جيش المسلمين .
- القرار الثالث : أن يعرض جيش الإسلام عليهم الإسلام أو الصلح ثم يبرم على وفق أمرهم وعلى حسب رأيهم .
ما هذه العدالة التى لم يسمع بها الأولون ولا الآخرون ؟
فما كان من أهل سمرقند عندما رأوا العدالة التى لم يعرفوا لها مثيل إلا أن تنازلوا عن شكواهم وأعلنوا جميعا أنهم مسلمون ودخلوا فى دين الله أفواجا .
فإذا حدثت حرب ماذا يصنع المسلمون فيها ؟
ما معنى ولا تعتدوا ؟
… معنى ذلك :
- لا تحاربوا إلا المحارب .
- لا تحاربوا إلا الجيش الذى يشترك فى القتال.
- لا تضربوا مستشفى ولا تهدموا مدرسة .
- ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة .
- ولا تحرقوا زرعا.
- ولا تذبحوا حيوانا.
- وإنما الحرب على المقاتلين.
- وقد كان يقول فى ذلك سيد الأولين والآخرين لقادة جنده :
«اغْزُوا باسْمِ الله وفي سَبِيلِ الله وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بالله. اغْزُوا، وَلا تَغْدُرُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً» [1]
كان على هذا النهج الخلفاء الراشدون وقادة المسلمون الى يوم الدين فقد كان الإمام أبو بكر الصديق رضى الله عنه عندما يرسل أى جيش من جيوشه يوصى قادة الجند بوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم ليزيد بن ابى سفيان : ((لا تقتلن امرأة ، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما ، ولا تقطعن شجرا مثمرا ، ولا نخلا ، ولا تحرقها، ولا تخربن عامدا ، ولا تعقرن شاة، ولا بقرة إلا لمأكله ، ولا تجبن ، ولا تغلل ))
وكذلك كانت وصية الصديق حين ودع جيش أسامة :
{{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ! قِفُوا أُوصِيكُمْ بِعَشْرٍ فَٱحْفَظُوهَا عَنِّي: لاَ تَخُونُوا، وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تُمَثِّلُوا، وَلاَ تَقْتُلُوا طِفْلاً صَغِيراً، وَلاَ شَيْخاً كَبِيراً، وَلاَ ٱمْرَأَةً، وَلاَ تَعْقِرُوا نَخْلاً، وَلاَ تَحْرِقُوهُ، وَلاَ تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً، وَلاَ تَذْبَحُوا شَاةً وَلاَ بَقَرةً وَلاَ بَعِيراً إلاَّ لِمَأْكَلَةٍ، وَسَوْفَ تَمُرُّونَ بِأَقْوَامٍ قَدْ فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الصَّوَامِعِ، فَدَعُوهُمْ وَمَا فَرَّغُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ، وَسَوْفَ تُقَدِمُونَ عَلىٰ أَقْوَامٍ يَأْتُونَكُمْ بِآنِيَةٍ فِيهَا أَلْوَانُ الطَّعَامِ، فَإذَا أَكَلْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً بَعْدَ شَيْء فَٱذْكُرُوا ٱسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ }} [2]
ما هذه التعليمات ؟
عدم ضرب الأهداف المدنية كما تقول تعليمات جنيف الحديثة والأمم المتحدة لكن المسلمين قالوها وطبقوها وعملوا بها.
والأمم التى تزعم أنها متحضرة كما نرى لا تعمل بها فلا يسمحون بإنقاذ الجرحى ويتركونهم حتى يموتوا بعد نزف جروحهم ،لا يرحمون الأمهات ،ولا يتركون الصغار من البنين ولا البنات ويحرمون استخدام المستشفيات ويمنعون الأكل و الطعام عن الجائعين من الشيوخ الكبار وأصحاب العاهات ويدَّعون أنهم أهل الحضارة وأن المسلمين هم أهل الإرهاب !!!
وهم سفاكوا الدماء كذبوا على الله عز وجل !!!
والفضل ما شهدت به الأعداء لقد قال :
( جوستاف لابون) فى كتابة حضارة العرب:
((لم ير العالم فاتحا أرحم ولا أعدل ولا أسمح من العرب ))
لقد دخل أبو عبيده بن الجراح مدينة حمص فى بلاد الشام وصالحهم على أن يدفعوا له جزية والجزية يدفعها الأشداء ولا تؤخذ من الشيوخ ولا النساء ولا الأطفال ولا المرضى ولا الضعفاء.
تؤخذ من الأقوياء مقابل أنهم لا يشتركون فى الحرب ويدافع عنهم المسلمون فلما سمع أبوعبيده بأن الروم قد جهزوا جيوشا كبيرة لا قبل لهم بها ولا يستطيع أن يدافع عنهم جمع رؤسائهم وقال لهم :
هذه جزيتكم فخذوها لأننا لا نستطيع أن ندافع عنكم .
ماذا قالوا ؟ قالوا : والله لأنتم أحسن لنا منهم.
فعدلكم أحسن من ظلم الروم ووالله ما شعرنا بالحرية إلا تحت ولايتكم نصركم الله وردكم إلينا الله وسنحارب مع قائدكم حتى لا يرجع الروم الظالمين إلينا مرة ثانية .
عدالة ليس لها فى تاريخ البشرية مثيل !!!!
لقد دخل الصليبيون الى مدينة بيت المقدس فى العصور الوسطى وقتلوا من أهلها سبعين ألفا حتى صارت الخيول تمشى الى ركبها فى دماء المقتولين فى الشوارع.
وفتح الله على بطل الإسلام صلاح الدين:
- فلم يعاملهم إلا بمعاملة الإسلام.
- ترك النساء والصبيان والشيوخ وخيرهم بأن من أراد البقاء يبقى فى داره ولا يتعرض لأذى .
- ومن أراد أن يخرج فليخرج فى حماية جيوش المسلمين حتى يبلغ مأمنه.
- و أمر بفتح المستشفيات لعلاج الجرحى من المقاتلين من الصليبين.
- وبلغه أن قائدهم (ريتشارد ) قد أصيب وجريح فأرسل إليه طبيبة الخاص ومعه الدواء لأن هذه إنسانية أمرنا بها الله عز وجل وعليها شريعتنا السمحاء.
- وجاءته فتاة قالت إن خطيبى فى الأسر وقد كنا تواعدنا على الزواج فى ليلة كذا فقال لهم اخرجوا لها خطيبها وأعطوها من المال ما يكفى تجهيزها .
رحمة واسعة لأن الله عز وجل جعل فى قلوبهم الإيمان فالإيمان يا إخوانى هو الذى فيه الرحمة ...... قلب لم يدخل فيه الإيمان إياك أن تظن أن فيه رحمة لبنى الإنسان يزعم أنه يرحم الحيوان وهل الحيوان أعز من الإنسان ؟
ترحم الحيوان وتهلك بنى الإنسان !!!!
هذا أمر عجيب وغريب !!!!
لكن هذا دين الله عز وجل يا جماعة المؤمنين بل إن ديننا الإسلامى فى أثناء القتال لم يوصى بالمستضعفين من الرجال والنساء فقط بل أوصى بالمقاتلين فقال r:
{{اغزوا باسم الله وفى سبيل الله وقاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغدروا ، و لا تغُلُّوا، وتمثٍّلوا ولا تخونوا ولا تقتلوا وليدا }} [3]
لا تمثلوا يعنى لا تقطعوا طرفا من أطراف المقاتلين ، لا تقطعوا آذانهم ولا أعضائهم ولا ألسنتهم ولا تصلبوهم على جذوع ولا تعذبونهم وكان من يقع فى يده أسير يستوصى به ويقول له :
{{ استوصِ بأسيرك خيرا }}.
حتى كان أصحابه الكرام يؤثرون الأسرى بالطعام ويبيتون طوايا من الجوع حرصا على العمل بوصية النبى الرءوف الرحيم صلى الله عليه وسلم.
ومر ذات يوم يتفقد الأسرى فسمع أنين لأسير فى خيمته فقال :
{{ من يعذب هذا الأسير ؟ فتفحصوا الأمر فوجدوا أن الحبل الذى ربط به قد اشتد رابطه عليه فهو يئن من ذلك فأمرهم بفك وثاقه }}
لأنه رحمة شاملة لبنى الإنسان علمها لنا الرحمن وطبقها النبى العدنان وأصحابه الهداة المهديين فى كل زمان ومكان والنماذج يضيق الوقت عن سردها.
كل ما أريده من إخوانى المؤمنين أن يقرأوا هذه الصفحات الناصعة فى تاريخ المسلمين ويقرأ بعدها الصفحات الظالمة:
من أول التتار والمغول وهولاكو ... الذين كانوا يقيمون قصورا من جماجم المحاربين الى محاكم التفتيش الى ما فعلته أمريكا فى العراق وأهل أفغانستان ...
الى ما تفعله إسرائيل الآن التى يقولون إنها واحة الديمقراطية فى هذه المنطقة العربية . أين حقوق الإنسان التى يتشدقون بها فى كل مكان ؟
أين حقوق أطفال فلسطين ؟
أين حقوق نساء المؤمنين فى فلسطين ؟
لا يتم ذلك إلا إذا كان الفاتح هم المؤمنون والمحارب هم المسلمون لأن الله جعل فى قلوبهم الرحمة وقال لهم :
{{ الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ. ارْحَمُوا مَنْ في اْلأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ في السَّماءِ }}[4]
[1] عن سُلَيْمَانَ بنِ بُرَيْدَةَ عن أبِيهِ ،(سنن أبي داوود).
[2] عن الْحسن بن أَبي الْحسن ، الكامل لابن الأثير ج10 ص284، جامع الأحاديث (مسانيد الصحابة) الجزء18 ص 253
[3] سنن أبى داوود عن سليمان بن بريدة عن أبيه.
[4] عن عَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو ، مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي
التعليقات (0)