إن الذين كان سهلاً عليهم ابتلاع دول وسفك الدماء.. والتفنن في سبل الاغتيال .. والوقيعة .. وبث الضغائن.. وإذكاء الفتن والحروب ..
فلن يصعب عليهم تزوير شهادة نسبهم .. ليقرنوا أنفسهم بمن شاءوا وقتما شاءوا ..
وكما قلنا من قبل في مقالنا ( ليسوا بني إسرائيل .. بل صليبيون جدد)
فإنها الحقيقة التاريخية التي يجب أن نعرفها ونتيقنها :
( اليهود الحاليون ليسوا من بني اسرائيل) ..
ومعنى ذلك أن الصهاينة الذين يحتلون فلسطين اليوم ليسوا من نسل بني إسرائيل أصحاب التوراة..
ولا حتى من سلالتهم سواء مباشرة أو غير مباشرة..كما يزعمون..
وكما يروجون إفكهم وضلالهم .. ليخلقوا من الوهم سندا .. ومن الأكاذيب مستندا .. ومن الزور والبهتان متكأً..
ليسرقوا فلسطين العربية :
ونعيد المقالة عليكم وعليهم .. للتذكرة .. فإن التذكرة تنفع المؤمنين ..ولا تنفع الصهاينة ..
إقرأ معي
(( فنحن نقر بأن بني إسرائيل أصحاب التوراة بدءوا كموجة أو شُعبة من الشعوب السامية التي ينتمي إليها العرب ..
وأن أصلهم ينتهي إلى يعقوب حفيد إبراهيم ..
مثلما أن العرب تنحدر من صلب إسماعيل ابن إبراهيم.
وحقاً قامت لهم دولة في جزء داخلي من فلسطين استمرت قروناً أربعة إلا قليلاً هي القرون التي تسبق التاريخ المسيحي مباشرة .
ولكن ماذا إذن؟
لسنا نريد بعد هذا أن نقول إن تاريخهم الذي كان – بشهادة كل الأديان- سجلا بشعاً من سفك الدماء والغدر والفساد
كان تاريخهم عابراً قصير العمر هناك..
ولم يزد عن أن يكون مجرد جملة اعتراضية في تاريخ فلسطين
" ولسنا نريد أن نقول إن فلسطين كانت كنعانية " عربية" قبل بني إسرائيل لألف سنة على الأقل ..
وعادت عربية بعدهم لنحو ألفي سنة على وجه التقريب..
فهذا كله وإن كان صحيحاً إلا أنه يهمل قضية حاسمة خطيرة :
وهي أن يهود العالم اليوم لا علاقة لهم البتة بتلك القبيلة الغابرة إلا علاقة إدعاء موهوم وانتحال ..
ذلك أن الأدلة التاريخية توضح ان الاسرائيليين الذين فروا من مجازر الرومان ..
وخرجوا من فلسطين .. بعد سقوط أورشليم لم يكن عددهم ليزيد عن بضع عشرات من الآلاف أو مئات من الآلاف على الأكثر..
وأهم من هذا ما حدث لهذه الشراذم والشظايا المتطايرة في المهجر منذ أن بدأ الشتات ( الياسبورا) ..
فقد تشتت أغلب هؤلاء في بلاد البحر المتوسط ابتداء من تركيا حتى اسبانيا ومن العراق حتى المغرب..
وفي هذا الوسط الجديد الذي ظلت أجزاء منه وثنية لقرون بعد ذلك ..
لم يبدأ تقوقعهم وعزلتهم المعروفة إلا بعد أن كانوا قد اختلطوا وتزاوجوا بدرجة أو بأخرى مع السكان الأصليين ..
وفي هذا الاختلاط لم يفقدوا نقاوة دمائهم الجنسية ..
وإنما تحول كثير من الأهالي الوثنيين إلى اليهودية عند التزاوج معهم..
ومعنى ذلك أنهم اليوم ليسوا نسلاً خالصاً للمهاجرين الإسرائيليين أولاً..
وأنهم ثانياً إن لم يكن قد ذابوا بدرجة أو بأخرى:
فإن جزءاً منهم كبيرا ليسوا إلا قطعاً من جسم الأهالي الوطنيين أنفسهم ..
هؤلاء هم اليهود " السفاراديم" الذين لا يمثلون اليوم إلا 20% من مجموع يهود العالم..
الأشكناز أوربيون تهودوا..
وتبقى ألأغلبية الساحقة 80% وهي – الشكناز " الأشكنازيم" الذين يشملون يهود أوربا والعالم الجديد ..
أصل هؤلاء الثابت علمياً وتاريخياً أن أعداداً ضئيلة للغاية من يهود الانتشار تسللوا إلى جنوب أوربا ووسطها وشرقها حيث كان المناخ الديني السائد لا يزال هو الوثنية..
وهناك لم يتزايد اليهود أو تتوسع اليهودية بالتكاثر ..
وإنما أساساً وفي الدرجة الأولى بالتحول والتبشير ..
فالتزاوج القليل الذي يمكن أن يتم كان يعني أن يتحول الأهالي من الوثنية إلى اليهودية وليس العكس بداهة00
ولكن التاريخ يسجل هنا موجات وعمليات ضخمة من التحول بالجملة إلى اليهودية وصلت أحيان على حدود الملايين ..
ولعل مثلاً وحداً يكفي هنا ..
تحول الخزر في القرن الثامن الميلادي ..
من نسل هذه الملايين المتحولة يأتي يهود الأشكناز مباشرة ..
ومعنى هذا أن يهود أوربا ليسوا من أبناء تلك البلاد ..
وأنهم بالجنس والسلالة أوربيون لحم ودما ..
روس أو بولنديون – نمسويون أو ألمان .. تشيك أو رومان ..إلخ ..
معناه أنهم لا علاقة لهم إطلاقا ببني اسرائيل التوراة_
إلا في العقيدة المستعارة..
أما من حيث الموطن والسلالة .. من حيث الدم والعرق..
فهم أوربيون من قمة الرأس إلى أخمص القدم ..
والأدلة والوثائق التاريخية الثابتة تؤكد هذا الانتماء..
بينما تثبته الدراسات الأنثروبولوجية كل يوم بالمقاييس الجسمية لليهود ..
والتي لا تختلف بتاتاً عن السكان الأصليين الذين يعيشون بينهم ..
آريون (لا) ساميون !!!
باختصار إذن اليهود جملة وتفصيلاً ليسوا من بني اسرائيل ..
ليس هناك يهودي " تائه" أو متجول ..
وإنما هناك ببساطة يهودي متحول ..
ولهذا لأنهم حين يتجهون الآن إلى فلسطين فإنهم لا يعودون وإنما يغتصبون ..
ليست هي عودة الغائب الذي يثوب ..
ولكنها غزو الأجنبي الدخيل الذي يعتدي ويسلب ..
وليست فلسطين أرض الميعاد أو الأجداد في أي معنى ..
ولكنها مجرد أرض الرسالة والعقيدة فقط ..
أبعد من هذا ..
ليس اليهود " ساميين" في أي معنى رغم ما في هذا من تناقض ساخر كما سنرى..
فهم – الشكناز منهم على الأقل- آريون أو هندوأوربيون لا يختلفون في ذلك عن الشعوب التي ينتمون إليها جنسياً..
وهم حينما يلتقطون العبرية من متحف اللغات الميتة.. لينفثوا في عظامها النخرة الحياة بالقسر والابتسار..
فإنما ينتحلون لسانا غريبا مثلما ادعوا من قبل أصلاً مكذوباً..
والموقف كله من الغرابة والشذوذ ..
بل السفه بمثل ما لو هب الستمائة أو السبعمائة مليون من البوذيين الصينيين والهنود الصينيين اليوم فقرروا أن الهند – وهي الموطن الأصلي للبوذية وإن كانت تخلو منها الآن – ينبغي أن تكون (الوطن القومي) للبوذية وأن يهاجروا إليها ليقيموا دولتهم فيها !
والتشبيه على غرابته صحيح في كثير من جزئياته بما في ذلك أن الصينيين والهنود الصينيين ليسوا من نسل سكان الهند أكثر مما أن يهود أوربا وأمريكا من نسل اسرائيل ..
أما اليهود الذين هم اليوم من نسل اسرائيل حقاً فهم البضعة عشر ألفاً التي كانت بفلسطين العربية حتى سنة 1900 تقريباً .. يضاف إليهم ولكن بدرجة كبيرة جداً من الشك والحذر بضع مئات من الآلاف من يهود السفارديم في البلاد العربية ..
لهذا جميعا :
فالصهيونية مجتمع دخيل تماماً على فلسطين..
وليس لهم فيها جذور أو أصول – أو حق بالتالي_
سواء بالتاريخ أو الجنس ..
سواء باللسان أو الدين ..
وهم حين يدعونها لأنفسهم وينتزعونها..
فما هو إلا استعمار مادي سياسي بحت ..
وبكل معنى الاستعمار الحديث تحت ستار ملفق من الدين ..
الصليبيات الجديدة
ويجوز لنا عند هذا الحد . .
ودون أدنى مغالاة أن نعتبرها " الصليبيات الثانية"
فكما كانت الحروب الصليبية استعماراً مادياً استغلالياً بحتاً تحت شعار الدين ..
فليس الاحتلال الصهيوني إلا استعماراً مادياً جديداً ولكن تحت شعار دين آخر..
وكما أن الذي مول الحروب الصليبية الوسيطة هم تجار البندقية وجنوة وبارونات الإقطاع ..
فإن الذي يمول الحروب الصليبية الصهيونية اليوم هم بارونات المال وصيارفة اليهود في الغرب ..
وكما تواترت الحروب الصليبية الوسيطة في موجات متتابعة بلغت السبع أو التسع عداً ..
فكذلك تتابعت موجات الاستعمار والهجرة اليهودية منذ القرن الماضي حتى بلغت الآن ستاً أو سبعاً ..
بل وكما أن بعض الحكام والقوى الأوربية كانت تشجع الحملات الصليبية تخلصاً من منافسيها وأعدائها ..
فكذلك لنا أن نشك في أن كثيراً من الدول الأوربية والغربية تؤيد الحملات والهجرات الصهيونية مادياً وسياسياً لتتخلص منهم – من بين أهدف أخر- كأقليات لها مشاكلها ونفوذها الداخلي . .
إن الصهيونية في أكثر من معنى هي (الصليبيات الجديدة)
///////////////////////
///////////////////////
المصدر/ المؤرخ والجغرافي العلامة
الدكتور / جمال حمدان
من كتاب / فلسطين أولاً
ولدينا مزيد
شالوم
التعليقات (0)