مرت صبحية كطيف جميل في ثوبها الأخضر المتناغم مع الزروع والمروج وهي راكبة عربتها التي يجرها حمار ضعيف ...لم تكن صبحية هي الحمل الوحيد فوق العربة ولكنها تقعد على حمل ثقيل من البرسيم يئن منه الحمار اسبرينه (هذا لقب الحمار الذي تناديه به صبحية) ...حاااا ياحماااار ...هييش اقف!!...هذا نداء متكرر سواء كان سريعا أو بطيئا ...حااا ياحمار انعدل ...هيييش يا حمار...وما بين حااا وهيشش كان الأستاذ محمود مدرس العربي المتعلم الوحيد في قريته ينظر إلى صبحية وقلبه يبكي...ليت وجه صبحية الجميل يركب على جسد زوجته البرميلية ذا وزن ثقيل الثقيل بلغة رفع الأثقال ووجه نوفل ذو الأنف الكبير...
ياربي !!! تنهيدة من صدر الأستاذ محمود تتحسر على دفن هذه الجميلة في بيت متواضع جدا بينما زوجته ميرفت ذات الشكل البرميلي المتكور تعيش في بيته وسط أحدث الأجهزة المنزلية فالغسالة أتوماتيكية والثلاجة نوفروست والمكنسة هيتاشي والتلفزيون إن إي سي ..و...و...و...
....كلما مرت أمامه صبحية استعاد ذلك الفيلم في ذهنه وقال ليتني كنت فلاحا مثل زكريا زوج صبحية الجميلة لأتزوج جميلة مثلها مهما كان عمل أبيها ...ولم أكن لأعير اهتماما بمكانة والدها الفلاح لأناسب فهمي ناظر المدرسة ( أبو اللي ما تتسماش)...ولكن ضميره يقول يا ولد اعقل!!.أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ....ويذكر الآية....( لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى) (سورة طه) ...وتتقاذف محمود مشاعر وأفكار الحب والفضيلة والتدين والإعجاب والتحسر ويتقلب متململا في سيارته الحلزونة كما يسميها أهل القرية لصغرها ورقتها ومعرفتها التامة بحواري القرية ...ثم يدير المفتاح ليبدأ محرك السيارة في الدوران بعد أن تشتكي البطارية صعوبة الموقف الصراعي بينها وبين المحرك اللعين ...المهم تدور السيارة ويقول محمود سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين ...والحمد لله على ميرفت أم الأولاد رغم أنفها الكبير.....
التعليقات (0)