ليبيا سلاح و اختطاف
لا يستغربن أحد حوادث الاختطاف التي طالت مسؤولين ليبيين ولا يخطرن ببال أحد أن تلك الحوادث حوادث فردية , بل هي حوادث منظمة لها رسائل سياسية يٌريد منها إرسال رسالة للحكومة الليبية وللعالم أجمع أن لا صوت يعلو صوت السلاح وأن رائحة الدم هي ثمن الخلاف السياسي .
الثورة الليبية أسقطت نظام ديكتاتوري حكم البلاد والعباد بالحديد والنار ووضع حوله سياج سقط مع أول تحرك شعبي بقوة السلاح , لكن تلك الثورة وإن حققت أحلام الشعب الليبي جزئياً الإ أنها تواجه شغب جماعات ومليشيات تنذر بتحول ليبيا لصومال أخر بجبين الأمة العربية , شغب منظم تحتضنه مدن وأقاليم ويلقى الدعم من شخصيات لا يعلم الرجل البسيط ماذا تفكر فيه وماذا تستفيد من إحراق البلاد والعباد .
انتشار السلاح وكثرة أعداد الجماعات والمليشيات المسلحة ذات الأهداف والتوجهات المتعددة خطر لا يهدد ليبيا فحسب بل يهدد العالم العربي بأسره فيمكن أن تتحول ليبيا لمركز للجماعات المتشددة يمينية كانت أو يسارية , وتلك كارثة يتغافل عنها البعض ويدرك خطرها أخرون .
الحكومة الليبية عاجزة عن ضبط الأمن والاستقرار لأنها لم تتخذ إجراءات تضبط الشارع الليبي وتقصي الجماعات والمليشيات بأسلوب منظم ومدروس , ولم تعزز تواجدها كسلطة منتخبة في الشارع الليبي سواءً على الصعيد الاقتصادي الذي تأثر بحوادث القتل والاختطاف واحتلال المصافي أو على صعيد المصالحة الوطنية بين أطياف الشعب الليبي التي بدأت تبحث عن أخذ الحق بالقوة سواءً من أفراد أو جماعات , عجز الحكومة الليبية له أسبابه لكن ذلك لا يعفيها من مسؤولياتها فمن الواجب البحث عن طرق لوأد صلف تلك الجماعات وتجنيب البلاد والعباد الدخول بنفق مظلم , ولن تستطيع الحكومة الليبية مواجهة صلف الجماعات بدون تعاون شعبي وهنا سبب المشكلة الجوهري فعقلاء ليبيا ووجهائها وسياسيوها اشتغلوا بالسياسة والخلاف السياسي وتركوا البلاد تسير في طريق مجهول تحيط به النيران من كل جانب , فالخلاف السياسي والصراع على السلطة يكون ضمن أطر مشروعه سلمية تؤمن بمباديء السلمية والتعددية والتعايش وتحقيق الخير للبلاد والعباد ولا يكون ضمن أطر التخوين والإقصاء والاحتقان المفضي للعنف ولغة الدم , تشعب الخلافات بين السياسيين وغياب التوافق بين الأطياف السياسية ترك المجال مفتوحاً أمام زعماء السلاح للدخول في ساحة الصراع مسلحين لا سياسيين يفرضون الرأي والاتجاه بالقوة لا بالطرق السلمية ولنا في حوادث احتلال مصافي النفط والتبريرات التي ساقها من حرك جيوب نائمة دليل على رغبة زعماء الجماعات والمليشيات بالدخول في لعبة السياسة بالسلاح وليس بالرأي والفكر وفي تلك الرغبة تكرار للصراع الأفغاني الأفغاني الذي بدأت رحاها تدور منذ أن خرج السوفيت من أرض أفغانستان ولم ينتهي حتى هذه اللحظة .
ليبيا تستحق الكثير فقد ضحت بالكثير لأاجل أن تبقى صامده أمنه مطمئنة وعلى عقلائها إدراك حقيقة مره قد غفلوا عنها أن الأجيال القادمة سوف تلعنهم إذا تركوا قافلة الموت تنطلق ولم يوقفوها عندئذ ماذا سيكون مبررهم ضرورة الصراع السياسي أم غياب الرؤية السليمة الحافظة للمكانة والتاريخ النضالي العريق , الله أعلم ......
التعليقات (0)