مواضيع اليوم

ليبرمان مع ‘الإمارة’: هل كنا نتجنى؟!

فلسطين أولاً

2010-07-17 08:44:49

0

ليبرمان مع ‘الإمارة’: هل كنا نتجنى؟!
عدلي صادق

كان طبيعياً أن يصدر الصوت الداعي الى تكريس الوضع الإنقسامي لقطاع غزة، عن الوسط الصهيوني الأشد عداء للأمنيات الوطنية الفلسطينية، وهو الوسط الذي يُعد أفيغدور ليبرلمان أدق من يمثله. وفي وسعنا الآن، أن نطلب ممن كرسوا التمرد والانقسام، وشجعوا عليه، وروجوا لطُهرانيته ولتناقضه مع الدنس؛ أن يفسروا لنا حماسة أفيغدور ليبرمان لإحالة المسؤولية عن غزة الى ‘حماس’ كحزب وكحركة، ليست داخل كيان وطني فلسطيني، وإنما كإمارة أو كُيَيْن جغرافي حزبي، له توجهات لا تقلق ليبرلمان ولا أوساطه الموغلة في التطرف والحاقدة على ‘معتدلي’ العرب قبل ‘ممانعيهم’!

كنا في غير مرة، نفسر المعنى الجيوسياسي لتكريس الفصل بين غزة والضفة. وفي كل مرة، نّوهنا الى ما يبيته الحمساويون ضد مستقبل الحياة السياسية الديموقراطية، باشتراطاتهم للمصالحة، وآخرها اشتراطات د. الزهار بمقايضة الاعتراضات ‘المبدئية’ على ورقة المصالحة المصرية، بحدوث قسمة بين حركتي فتح وحماس، لعدد الوظائف في الأجهزة الأمنية، على أن يرتبط ذلك شرطياً بمتطلب يتعلق ببنية ما سماه ‘لجنتي الانتخابات المركزية’. ففي شرط التقاسم الوظيفي الأمني، يتعمد الحمساويون في كل مقاربة للمصالحة، الإبقاء على عنصر القدرة على التمرد في أي وقت يريدون، ولأي سبب وتحت أي عنوان، ولن يتحقق ذلك ـ بالنسبة لهم ـ إلا بوجود المليشيا الحزبية داخل المؤسسة الأمنية. أما الشرط المتعلق بلجنة الانتخابات، فإن الحمساويين يقصدون تقاسم الحق في تسمية القضاة ومن يصفهم الزهار بـ ‘المستقلين’ وكأن لجنة الانتخابات التي أشرفت على انتخابات 2006 والتي لم تكن حماس مشلركة فيها؛ خالفت ضميرها وأعلنت نتائج مغايرة وانحازت. ومن المفارقات، أنه كلما رفضت فتح شروطهم ومتطلباتهم السلطوية، كانوا يقولون إن الآخرين يردوننا أن نعترف بإسرائيل والقبول بشروط الرباعية. والصحيح، إن هؤلاء لا يريدون خوض الانتخابات. إنهم على دراية بأن تزويرها بأيديهم في غزة، هو السبيل الوحيد للنجاة من الهزيمة ذات الدلالات الكثيرة. فعندما يتفاءل الناس بالمصالحة، يشترطون من التدابير الإدارية، ما يجعل التزوير ممكناً، وفي الوقت نفسه يشترطون من عناصر القوة، ما يضمن تموضع المليشيا داخل الجهاز الأمني، لضمان قلب الطاولة عند الحاجة وإن لم يكن التزوير ممكناً!

اليوم ليبرمان يدفع في الاتجاه المتوائم مع نوايا تكريس السيطرة الحزبية على غزة. هو يريد الإمارة، ويحدث الأوروبيين في ذلك. ومن خلال هذا التوجه المسموع، يحق لنا تذكير الناس بأن ما قلناه في هذه النقطة لم يكن تجنياً على حماس أو غيرها. الآن، ليفسر لنا المتفذلكون حرص ليبرمان على المجاهرة بهكذا توجه. ونسأل: هل ما يقوله هو الذي يناسب ‘سلطة دايتون’ حسب اللغة التي أقرفت الناس لشدة عفونتها؟! وهل الذي يريده ليبرمان، يخالف ما تريده حماس؟ وهل عندما نقول ذلك بمنطق السياسة نكون بصدد النيل من المقاومة التي تزلزل الأرض من تحت أقدام الصهياينة؟ فمتى يستفيق المخدوعون لكي يتفكروا ويقرأوا جيداً قسمات وعلائم ومآلات المشروع الذي تدفع حماس الشعب والقضية اليه؟

إن الأمر لا يتعلق بغزة وحدها. إنه محاولة نسف لمشروع وحدة الفلسطينيين واستقلالهم، اتضحت مراميها منذ اليوم الأول للانقلاب. إن الأمر، مثلما كتبنا في غير مرة، يتعلق بتأسيس جغرافيا سياسية للإخوان، في أقل 1.5% من أرض فلسطين التاريخية، على شريط ضيق مساحته نحو 364 كم مربع. إن الهدف، هو تعزيز الديماغوجيا ‘الإخوانية’ في المنطقة طلباً للحكم وللتمكين في دائرة أوسع، وهذا هو بالضبط، ما يعرفه ليبرمان ويدفع اليه. ففي الأيديولوجيا الحزيبة الدينية، لا وطنيات تُحترم، بل إن الوطنيات أصنام أقل شأناً من تلك التي سافر القرضاوي الى أفغانستان الطالبانية، لكي ينقذها من النسف بالديناميت!

إن الوفاق الوطني هو شقيق أرواح الوطنيين. فليس أعز من الوفاق ووحدة الصف، ليس على مستوى الشعب وحسب، وإنما على مستوى الأمة كذلك. لكننا ننبه الى ضرورة تحاشي الكارثة التي يمثلها أي أتفاق يُبقي في يد حركة ـ أية حركة ـ القدرة على ممارسة الإكراه والتمرد أو الانقضاض على السلطة الشرعية. فهذه الأخيرة، هي صاحبة الحق الحصري، في ممارسة الإكراه، نيابة عن المجتمع، ولمصلحته، وبالقانون. ففي غزة وانطلاقاً من غزة، جربنا المقاومة المسلحة، ولم تعد تناسبنا، ليس لأننا لا نطرب لكلمة المقاومة ولمصطلح الكفاح المسلح الذي هو من اختراعنا أصلاً؛ ولكن لأننا لا نستطيعه موضوعياً، وحماس تفهم ذلك جيداً. لذا لا يصح، في أية تدابير إجرائية لتنفيذ اتفاق تفصيلي للوفاق الوطني، أن تؤخذ المقاومة ذريعة لاحتفاظ طرف بالحق في الإكراه. بل يتوجب أن نكون واضحين وأن نقول، لن ننجح في تنفيذ أي اتفاق تفصيلي للمصالحة، إن كان هذا الاتفاق سيعطي ضمانات لقاتل، لكي يمنع وصول يد العدالة اليه. إن الاتفاق الذي بات الفلسطينيون في حاجة ماسة اليه، هو ذلك الضامن لنفاذ القانون الذي تنحني له كل الهامات. وهو المستند الى هيبة الجهاز القضائي، ولمُجريات العدالة. وبغير ذلك لا يصح أن نتعب أنفسنا. إن وحدة الأرض الفلسطينية تحت سلطة واحدة، شرعية ومقتدرة، هو هدفنا الذي لن نحيد عنه، وها هو ليبرمان يجاهر برغبته في قطع الطريق لكي يستمر الحمساويون فيما هم عليه!





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !