يظل السؤال قائما لماذا اصرت الحكومة العراقية على ترحيل الاشرفيين من مخيمهم الى مخيم ( ليبرتي ) ؟ . لماذا هذا النقل القسري ما دامت الحكومة عازمة على اجلاء الاشرفيين من العراق ؟ . وهل صحيح ان الدافع لهذا النقل هو ارجاع الارض التي اقيم عليها مخيم اشرف الى اصحابها ؟ ام ان اوامر ملالي طهران يجب ان تنفذها حكومة المالكي ؟ .
لقد سكن الاشرفيون في مخيم شمال شرق بغداد في محافظة ديالى منذ حوالي ثلاثين سنة , وعمروا المباني السكنية والبنى التحتية , مثل المسجد والمستشفى والمقبرة وملعب كرة القدم وساحة الاحتفالات الدينية والرياضية , اضافة الى مولدات الكهرباء وتحلية الماء وشبكة الاتصالات , وكل هذه البنى تم اقامتها على حساب الاشرفيين . وقد تكيفوا في هذا الموقع الذي شهد الولادات , وشهد الوفيات , وشهد الافراح والاتراح , وصار لكل واحد منهم ذكرياته الخاصة . وهؤلاء السكان هم من العناصر العقائدية الملتزمة مع منظمة مجاهدي خلق المعارضة لنظام الملالي في ايران . لان هذا النظام يحكم ايران منذ اكثر من ثلاثين سنة بالحديد والسحل والاعدام لكل من يعارض نهج " ولاية الفقيه " , النهج الذي لا يقبل اية معارضة له , ومن يعارضه يلقى الاعدام او السجن لسنوات غير معلومة . الاشرفيون استبدلوا نضالهم ضد نظام الملالي , من الجهاد المسلح الى الجهاد السلمي , داخل ايران و في دول العالم , وصار للمجاهدين انصار واعوان ينتصرون لمنهج السلم والتغيير السلمي , الذي تدعمه الانظمة الديمقراطية في العالم .
لقد املت الصلة الوثيقة بين الحكومة العراقية التي يتفرد بها " حزب الدعوة " الذي يرأسه نوري المالكي , وبين نظام الملالي في ايران , ان تنفذ حكومة المالكي خطة النقل القسري للاشرفيين من مخيمهم الى مخيم ليبرتي , الذي لا يحمل من معنى الحرية الا الاسم . وبالاساس كان موقعا للقوات الامريكية الغازية للعراق , وهو معسكر كبير بجوار مطار بغداد الدولي , وكما هو الحال في المعسكرات فان السكن فيها عبارة عن ( كرفانات ) من الخشب , يتسع الواحد منها الى ثلاثة او اربعة جنود . ومن اجل تفويت الفرصة على الملالي واعوانهم في بغداد استجاب الاشرفيون الى عملية النقل الى ليبرتي على دفعات , وفق اتفاقية وقعتها الحكومة العراقية مع الامم المتحدة , تقضي بان يتم نقل ممتلكات الاشرفيين الى المخيم الجديد , وان يكون للشرطة العراقية تواجدا عند مدخل المخيم . ولكن المسؤلين عن عملية النقل خالفوا كل بنود الاتفاق , فلم يسمحوا للاشرفيين بنقل امتعتهم من سيارات واجهزة حاسوب , ووصل المنع الى اشرطة الكاسيت وكتب الشعر واللغة العربية . كما خالفت الحكومة العراقية امر التواجد العسكري , حيث اقامت العديد من مراكز الامن داخل المخيم , بحيث يمكن للجنود من مراقبة كل حركات السكان , حتى عندما يدخلون الى الحمامات . الامر الاكثر خرقا لكل الاعراف الدولية الخاصة بمعاملة المدنيين هو اقتطاع مساحة كبيرة من المخيم الذي يبلغ مساحته حوالي 40 دونما , وحصر الاشرفيين في مساحة ضيقة جدا , بحيث صار المخيم سجنا ضيقا يعيق حركة المعتقلين .
المخيم المهجور بعد انسحاب القوات الامريكية المهزومة صار ارضا خربة غير صالح للسكن البشري اذا لم يتم اصلاحه , وبالذات المجاري ومكب النفايات وصنابير المياه , وهذه البيئة القذرة صارت مرتعا للافاعي والجرذان والعقارب التي تشكل خطرا على حياة السكان وخاصة الاطفال , وقد وزعت على وسائل الاعلام المرئية صورة الافعى الضخمة التي ترتع في بركسات المخيم , والله اعلم كم لديها من الابناء سوف ترعب السكان وتقلق راحتهم . الامر المحير ان المسؤولين العراقين عن المخيم لا يسمحون للسكان بجلب السيارات لنقل النفايات , وجلب الماء الصالح للشرب , وشراء الادوية لمكافحة الافات والافاعي والجرذان والعقارب .
ان الاوضاع البائسة التي فرضت على الاشرفيين قسرا في المخيم الجديد , تلزم الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي التحرك لثني الحكومة العراقية عن الاخلال بالاتفاق المبرم معها , وتأمين حياة تليق بالبشر والكرامة الانسانية , ريثما يتم نقلهم الى بلدان اخرى .
التعليقات (0)