مواضيع اليوم

ليالي رمضان مع السيد الدكتور إبراهيم الجعفري

رانيا جمال

2012-08-14 08:46:04

0

دولة الرئيس.. كيف يمكن الحديث عن التوكّل؟

الدكتور إبراهيم الجعفري:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة، والسلام على محمد، وآله الطاهرين، وصحبه المنتجبين، وجميع عباده الصالحين..انطلاقاً من قول الله - تبارك وتعالى -:((فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ))مفهوم التوكّل من المفاهيم التي تعتبر حدّاً فاصلاً بين ركبين بشريين: ركب الإيمان، وركب الإلحاد وعدم الايمان بالله - تبارك وتعالى - مطلق الغيب.التوكُّل مصطلح إسلاميّ ورد في القرآن والسنة، وهو مصطلح شرعيّ أيضاً.. فعندما نقارب هذا المفهوم نجده يشكّل نقطة الافتراق بين الركب المؤمن الذي يسلـّم بمطلق الغيب، ويؤمن بالله - تبارك وتعالى - ويتكل عليه، وبين المدرسة المادية المحضة التي لا تؤمن بوجود القوى الغيبية، ولا يوجد في مصطلحاتها، ولا في قاموسها، ولا في منظومتها المعرفية.هذا المبدأ بمثابة نافذة تجعل الإنسان يؤمن بوجود الله، ويعتمد عليه، لكنّ الإيمان بهذا المبدأ لا يعني أن نـُلغي التخطيط من الحياة، والنظر إلى العوامل الحسّية.الذين يتوكّلون على الله - عز وجل - لا يُلغون شيئاً اسمه الاستشارة والتخطيط والاعتماد على الآخر؛ لذا كلمة (شاورهم) التي وردت في الآية الـ(159) من سورة آل عمران:((وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)) تدلّ على وجود جماعة؛ إذن القرار يمرّ بمرحلة التخطيط قبل البتّ به، فالتوكّل ليس بديلاً عن التخطيط، ولا يتناقض معه. أي بعد أن يستوفي مقدّماته ينتقل إلى التوكّل. الآية الكريمة الثانية من سورة الأنفال تناقش جوهر التوكّل:((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ))الصفتان: (وَجَل القلوب، وزيادة الإيمان) وردتا في الآية الكريمة معلـَّقتين بأداة الشرط (إذا)، وفي الصفة الثالثة لم يستخدم أداة الشرط (إذا)، وهذا يعني أن الصفتين الأوليينمكمِّلتان، ومقدِّمتان للصفة الثالثة، وهي (التوكّل).هذه الآية تتحدّث عن خمس صفات، ثلاث من شأن القلب، واثنتان من شأن الخارج: الإنسان مع الله، والإنسان مع المجتمع..

ليالي رمضان برنامج في حلقات يلقي الضوء على ما ينفع المؤمن في هذا الشهر الفضيل، ولعل خير من يمكن ان يؤدي هذا الدور هو الدكتور ابراهيم الاشيقر الجعفري.

أين جاء مصطلح (التوكّل)؟

جاء ثالثاً، مادام الإنسان قد وفـّر في قلبه تلكما الركيزتين فمن الطبيعيّ أن يتوكّل على الله؛ لأن القلب استجاب لله، ولم يعصِه، والآيات قرعت سمعه وقلبه، فمن الطبيعيّ أن يندفع إلى الحياة من موقع التوكّل، والاعتماد على الله.

حين يُوكِل الإنسان أمراً لشخص ما فإنه يُوكله لمن يتمتع بالكفاءة والحرص والتجربة وغيرها من المؤهّلات، وكذا حين يجعل له وكيلاً في قضية ما، فكيف بمن يتوكّل على الله - تعالى - القادر المطلق على كلّ شيء، والذي يعلم كلّ شيء، والموجود في كلّ مكان.

هذه المنظومة تدفعه كمحصّلة إلى مسرح الحياة، ويتحرّك من داخل قلبه إلى الخارج السلوكيّ.. فلسفة التوكّل تجعل الإنسان يشعر بالفقر أمام قدرة الله اللامتناهية، وعدله المطلق، ورحمته اللامحدودة.

يتصوّر البعض أنه إذا توكّل يترك التخطيط، ولا يعتمد على الأسباب الطبيعية.. هذه تسمّى اتكالية لا توكّل.

هناك بين الاتكال على الله - تبارك وتعالى - والاتكالية. الاتكالية تعني أن لا تعمل اعتماداً على الله - تبارك وتعالى -، فيما وردت النصوص تحثّ على العمل والسعي:

((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى))

((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))

إذن يجب أن تعتمد السنن الطبيعية، ثم تتوكّل على الله، أما من جحد وجود الله، واعتمد السُبُل المادية، وغضّ النظر عن القدرة الإلهية التي هي من مصاديق الغيب فقد كفر بالله، ومن وقف عند التوكّل، ولم يعتمد على السنن الطبيعية فقد عصى الله.

أكثر العاملين المخلصين الذين سجّلوا إنجازات رائعة عمّرت دنياهم وآخرتهم عملوا بعقل عمليّ، وتوكّلوا على الله، وأكثر المتوكّلين بوعي على الله هم أنفسهم أكثر الناس الذين يعتمدون سنن الله في الوجود، على سبيل المثال: حين يمرض الإنسان عليه أن يعرض نفسه على الطبيب ليصف له الدواء الناجع، هذا الدواء هو سبب الشفاء وهو أحد معلولات الله؛ إذن لدينا مسبّب ولدينا سبب علينا أن نفرّق بينهما:

المسبّب هو الله - تعالى - الذي يتحكّم بناصية السنن والأسباب، أما السبب فهو السبيل إلى الله، والسُبُل إليه - تعالى - بعدد أنفاس الخلائق، والله - تبارك وتعالى - كمسبّب أمَرَ العبد بطاعته، وتطبيق الأسباب، والاتكّال عليه كمسبّب، وإذا جحد، ولم يأخذ به كمسبّب فقد كفر، أو أشرك، وإذا استغنى عن الأسباب، ولم ينطلق منها فقد عصى.. الله تعالى يقول:

((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى))

نموذج المتوكّل هو الذي يسلك الأسباب، ويمرّ بها في ميادين الحياة المختلفة، ولا يغيب الله - تبارك وتعالى - عن باله؛ وبذلك يوفـِّق بين حقيقتين، هما: التوكّل الحقيقيّ الذي يجعل الإنسان السائر في الطريق يستحضر وجود الله دائماً في وجدانه، والحقيقة الثانية أن هذا التوكّل يفتح له أفقاً في عالم الأسباب تجعله لا يقف عند حدود نقطة الشروع.

الامتداد إلى عالم الأسباب لا يعني اعتماد الأسباب المحرّمة، إنما يجب أن يوفـّق الإنسان بين إرادة الله (أوامره ونواهيه)، وبين توكّله عليه، فالتطابق أمر مهم بين شرعية الأسباب ومشروعية التوكّل، وإلا تخبّط الإنسان تائهاً في الظلمات، وأضاع المنطلق، أو بقي عند نقطة الشروع كمن وقف عند التوكّل، ولم يعتمد السنن الطبيعية.

هذه الجدلية أو الثنائية تبدأ بالقلب، وتنتهي بالعالم الخارجيّ، وهي منظومة في كتاب الله دُرَراً منظومة في عُقد الوجود، يقول الله - تعالى - في سورة الأحقاف الآية:

((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ))

ويقول في سورة فصلت:

((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))

قالوا: ربنا الله، في عالم القلب، وهي تنطوي على الإيمان بالله كربّ وخالق ومولى،

((ثم استقاموا)). أي حوّلوا هذا الشعور الغامر بالقلب، وهذا الرصيد الروحيّ الهائل كقوة ينطلقون بها بعزم وإرادة في طريق الاستقامة.

استخدم التعبير القرآني كلمة (ثم)، وهي في اللغة تفيد (الاسترخاء). أي وجود فسحة زمنية بين السابق واللاحق. بين الشعور الداخليّ: (التوكّل، الإيمان بالله، الإذعان لربوبيته، الصدق، والإخلاص) وبين عالم السلوك، وذلك يأخذ وقتاً؛ لأنه ليس مسألة إقرار عقليّ، فهناك فرق بين عالم الذهن وعالم القلب لجهة سرعة التحصيل، فالمعلومة قد تـُتحصَّل في زمن قصير، لكن في عالم القلب عالم التربية يحتاج الأمر إلى وقت في تحويل المعلومة من عالم القلب إلى عالم التجسيد والسلوك.

((ثم استقاموا))

الاستقامة على الطريق، أو المشي على الطريق باستقامة من أصعب الأشياء؛ لذا قال الرسول (ص): (شيّبتني سورة هود)؛ لأن فيها أمر الاستقامة لمن معه، وهم أشكال وأنواع.

التوكّل ليس بديلاً عن التخطيط والسعي، والسعي وحده لا ينفع، ولعلك تسأل: هناك أناس كـُثـُر سعوا بمعزل عن التوكّل، ووصلوا، وقد يكون بعضهم نفع من موقع الانقطاع عن إرادة الله، فمكتشف النوويّ عالم، ومكتشف الكهرباء توماس أديسون عالم، ورونتجن مكتشف أشعة أكس الكهرومغناطيسية عالم، ووليام هارفي عالم، وجابر بن حيان عالم، وهو تلميذ الإمام - عليه السلام -، وقد علـّمه مبادئ الطب، ومكتشف الأسلحة الجرثومية عالم أيضاً، نعم.. هؤلاء علماء، لكن العلم حياديّ، وهنا يأتي دور التوكّل لأنسنة العلوم، وجعلها تخدم الإنسان، ولا تضرّه.. التوكّل على الله

- تبارك وتعالى - يفتح لك أفق تحقيق المصلحة العامة، وعدم المسّ بمصالح الناس، وعدم الإضرار بهم؛ من هنا يكون المتوكّل قد ثبّت نقطة الارتكاز لحركته مع الله، وأمّن الجانب المعنوي بالقلب مع كل عمل، وأعطى العمل روحاً معنوية؛ إذ إن العمل جثة هامدة، وحين يدخل فيه الجانب الروحيّ يتحوّل من عمل نافع إلى عمل صالح؛ لذا يأتي غالباً في القرآن الكريم: (الذين آمنوا وعملوا الصالحات)؛ إذن التوكّل يعني (آمنوا، وعملوا الصالحات).

الله - سبحانه - كمسبِّب موجود، ولا ينبغي أن ننساه في جميع الأمور، وتأخذنا شدة التمسّك بالأسباب على حساب المسبِّبية، كما لا ينبغي أن نتحوّل إلى دراويش، ونقول مادام الله تعالى يقول:

((وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ))

فلماذا نسعى، فلنعتمد على الله، فهو الذي يبعث لنا الأرزاق..

لا.. فمسبّب الرزق يقول:

((وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى))

في الحالات الاضطرارية الاستثنائية قد تنعدم الأسباب، وينفرد المسبِّب بإرادته، كما إذا أصيب شخص ما بمرض لا شفاء له، أو يركب طائرة فتحترق به في السماء.

ماذا يستطيع أن يعمل، ما هي الأسباب التي يستطيع أن يعملها؟

إنه لا يستطيع عمل شيء، سوى الالتجاء إلى المسبّب، يقول الله تعالى:

((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ))

النبي يونس - عليه السلام - كان في بطن الحوت، ولا سبب عنده ليُخرجه منها، فنادى الله - تبارك وتعالى - أن ينقذه، ولعل هذا هو مُراد الآية القرآنية الكريمة:

((أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ))

إذن علينا أن نجمع دائماً بين المسبِّبية والسببية. المسبّبية تعني أن الله - تبارك وتعالى- وحده هو مالك كل شيء، وهذا نوع من أنواع التسليم، والتوحيد بأنه

- تعالى - يملك ناصية التحكّم بالوجود كله، وفي بعض الأحيان يهديك إلى الأسباب.

الأسباب هي سُنة الله - تبارك وتعالى - سنـَّها في هذا الوجود، حتى الإعجاز الذي هو خارج القوانين الطبيعية هو سُنة من سُنـَن الله، وليس إلغاء للأسباب الطبيعية، ولا بديلاً عنها، فقد جعل الله مريم - عليها السلام - تحمل من دون زواج، ويقول لها: ((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا))

فمن جانب يعرّضها إلى إعجاز كمسبِّب، فتحمل بعيسى - عليه السلام -، ومن جانب آخر يقول لها:

((وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا))

إذن الأسباب هي سنة الله في كل شيء، فلا يعني التوكّل أن نتواكل، إنما يعني أن نستحضر الله - تعالى - في نقطة الشروع، ونستحضره في نقطة الاستمرار.

إن السُبُل التي ننتهجها يجب أن تكون سُبُلاً منسجمة مع أخلاقية التوكّل، ومن غير الصحيح أن تتوكّل على الله في البداية، وتنساه وأنت في الشروع فبدلاً من أن تتكسّب بالحلال تتكسّب بالحرام، فنسيان الله قد يُنسيك الأسباب، يقول الله تعالى:

((وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))

الاعتماد على الله، والاستمرار بالتوكّل يجعل الإنسان وهو في نقطة الشروع وفي نقطة المواصلة يتحرّك بأخلاقية منسجمة، وفي كل مفردات حياته في البيت مع زوجته وأطفاله، وأمه وأبيه وأقربائه وأصدقائه حتى مع أعدائه.

هذه المبادئ يستحضرها؛ لأن الله - تبارك وتعالى - شكّل في حياته نقطة ارتكاز، وغمر قلبه وعقله بأخلاقية التوكّل، وهو معه أينما كان، يقول تعالى:

((أَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ))

حتى إذا دهمه محرّم يتذكر أن الله - تبارك وتعالى - كمسبّب لا يقبل.. لننظر إلى النموذج الذي يقدّمه النبي يوسف - عليه السلام - حين عرضت زليخة نفسَها عليه في ذلك القصر، فاستعاذ بالله - تبارك وتعالى - من الشيطان الرجيم:

((إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ))

وانسحب. هذا يعطينا نموذج الإنسان الذي يستحضر وجود الله، و لا تحدّثه نفسه بأن يرتكب محرّماً، بل إنه يبتعد حتى عن شبهة الحرام.

التوكّل يعطي نقطة ارتكاز معنويّ، ويعطي قوة دفع حقيقية في أيّ ميدان إنسانيّ، ويحوّل العمل من مجرّد عمل كمّي إلى عمل نوعيّ تنبض فيه الأفكار، وقوة المفاهيم، فتراه يدخل المعركة، ويضحّي، وتراه متعففاً وهو محتاج من الناحية المالية.

- إذن التوكل يدفع إلى العمل الجادّ؟

الجعفري: التوكّل يستلزم العمل التامّ الذي لا نقص فيه، ولا حرام فيه، والله - تبارك وتعالى - يسدّدك من موقع العمل، يقول الله تعالى:

((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))

ما لم يتوكّل الإنسان على الله فإنه يفقد الجانب المعنويّ، وما لم يسلك السُبُل، ويسعى في الحياة فإنه يفقد الجانب الواقعيّ والعمليّ.

العمل يعني الارتباط بالأسباب، والأسباب ليست بديلة عن المسبّب، وهي تقع في طول إرادته المسبّب.

- هل تعتقد أن هذا العمل نفسه نوع من الإيمان والارتباط بالخالق - تعالى -؟

الجعفري: نقطة الافتراق في التوكّل - كما بدأنا الحديث بها - تعني أن المتوكّل على الله مؤمن به وبقدرته ورقابته وعدله ورحمته، وهذا الإيمان يصنع منه عبداً مستجيباً ومتفاعلاً مع هذا الخزين المعنويّ، فيملأ قلبه وعقله بالإيمان، ويدفعه إلى ميادين الحياة.

لا معنى لأن نرى متوكّلاً على الله وهو كسول لا يعمل، ولا يجتهد.
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !