ذكرت الديلي ميل البريطانية ان الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير شؤون الرئاسة وهو يعد واحدا من اثرى اثرياء العالم , اعد طائرة خاصة من طراز بوينك 747 لنقل فرسان ملكة بريطانيا من وحدة الأستعراضات الموسيقية الى ابو ظبي وسيقوم بتغطية نفقات اقامتها في واحد من افخم فنادقها .
وأضافت ان خيول فرسان الملكة التابعة لنفس الفرقة سيتم وضعها في اسطبلات مكيفة الهواء وسيقوم جيش من الموظفين بالسهر على راحتها . كما وعد الشيخ الثري افراد هذه الفرقة بمكافآت سخية عن عرضهم اللذي سيقدموه في الأمارات . وستبلغ تكاليف هذا العرض بحسب الصحيفة البريطانية 250 الف جنيه استرليني أي ما يعادل 380 الف دولار امريكي .
ينفق الغرب مليارارت عديدة من الدولارات كل سنة على اطعام كلابه وقططه وخنازيره بطعام يحلم به ملايين البشر الجوعى . ويحرص الكثيرين من الأفراد والجمعيات المهتمة بالحيوان في بلدان الغرب الغني على الباس هذه الحيوانات الملابس والحلي حسب الموضة . بل ان الأمر وصل عندهم الى فتح فنادق ومنتجعات للكلاب والقطط والخنازير . هذا بينما عرايا افريقيا والعالم لا يجدون ما يستر عوراتهم . ولو سألت احدهم عن معنى كلمة منتجع لأجابك . لااعلم , ربما هو اسم لأكلة عندكم! .
انا لا استطيع القول ان الأشفاق على الحيوان هو امر لا انساني بل انه من الأمور الأنسانية المحببة اللتي حضت عليها جميع الأديان الا ان الحيوانات لاتحتاج الى طعام معلب وحلي ذهبية وملابس فاخرة واسرة وثيرة وبيوت فارهة ومنتجعات سياحية وفنادق لكي نقول اننا نشفق عليها . فهذا سفه واضح وبين لايختلف عليه عاقلان .
وفي نفس الوقت نجد ان دول الغرب هذه هي من اكثر دول العالم تقديما للمساعدات لفقراء العالم وان فقراء العالم اللذين يهربون الى داخل هذه الدول يلقون من الرعاية والأحترام ما يكفل لهم حياة حرة وكريمة لا يجدها اغنياء الدول الأخرى داخل دولهم . وان المنظمات الأنسانية التابعة للغرب تتكفل برعاية معظم فقراء العالم بفعالية وان الدول الأسلامية تأخذ من هذا الغرب الكافر ملايين الدولارات سنويا كمساعدات و و و.. وهذا كلام صحيح ولا يمكن انكاره لأنه واضح وضوح الشمس .
ولكن السؤال هنا . هل ان ما فعلته وتفعله دول الغرب الغنية قد قضى على الفقر في العالم ؟ . الا يوجد الملايين من الجوعى والعرايا في انحاء العالم الآن ينتظرون لقمة تسد رمقهم وتبقيهم على قيد الحياة او دواء يشفيهم من الآفات اللتي تحصد ارواحهم كل يوم . اوليس من الأنسانية والمنطق اشباع هؤلاء وعلاجهم قبل ان نفكر ببناء منتجعات للكلاب . فلماذا اذا هذا السفه اللذي اوصل الأمور الى حد توريث الغربيين كلابهم وقططهم ملايين الدولارات بوصية قانونية .
كما ان هذه الدول الغربية يجب ان تتحمل مسؤولية اطعام جوعى العالم لأنها ذاتها مسؤولة مسؤولية كبيرة عن زيادة اعداد هؤلاء الجوعى بسياساتها الأقتصادية الربوية اللتي كادت ان تطيح حتى بأقتصاداتها هي ولأستغلالها للشعوب المتخلفة ابشع استغلال فتأخذ ثرواتهم من المواد الأولية بأبخس الأثمان لتصنعها وتعود لتبيعها عليهم باضعاف مضاعفة , فيزداد الفقراء فقرا ويزدادوا هم غنا على غنى كل يوم .
ناهيك عن ان اكثر هذه المساعدات الغربية تعطى للكثير من الدول لأسباب سياسية وكرشى لساستها الفاسدين للحصول مقابلها على تنازلات معينة تؤدي بالضرورة الى زيادة الفقراء في هذه الدول .
اعتقد ان هناك نفاقا واضحا في الموضوع الأنساني الغربي , فهم لايعطون الفقراء في العالم شيء الا بعد ان يشبعوا كلابهم وقططهم وخنازيرهم وجميع حيواناتاهم الأليفة . ولو ان ما بين ايديهم لايكفي لأطعام كلابهم وفقراء الصومال مثلا فأعتقد انهم سيختارون اطعام كلابهم على اطعام الصوماليين الجياع , فحيواناتهم افضل من هؤلاء الأفارقة المتخلفين في نظرهم . طبعا انا لااعمم ولكني اعتقد ان اعمالهم تدل على ان اكثرهم يفكر هكذا حتى صدق عليهم قول الله رب العالمين ((الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا )) .
قد اعطي بعض العذر ( وان كان لا عذر لهم ) لهؤلاء العلمانيين اللذين اماتت علمانيتهم الكثير من قيم الحق والخير في قلوبهم عندما نسوا الله فأنساهم انفسهم . ولكن مابالنا نحن المسلمين نحذوا حذوهم وننسى قيم الخير والحق ونتسفه كما تسفهوا وننسى الله . فلو ان الشيخ الأماراتي الثري هذا قد فتح مصنعا صغيرا لأي شيء في مدينتي البصرة مثلا واوجد وظائف لعشرين شخصا يعيلون عشرين عائلة , الن يكون هذا اكثر انسانية ورحمة من صرف هذا المبلغ على فرقة موسيقية بريطانية وعلى تكييف الهواء لخيولها . الم يسمع هذا الشيخ المسلم بقول رسول الله صلوات الله وسلامه عليه (( انا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة . واشار بالوسطى والسبابة )) فما اللذي جعله يصرف هذا المبلغ الكبير على الخيول ويترك ايتام المسلمين اللذين بلغ عددهم في بلدي وحده خمسة ملايين لايجدون من يأويهم .
وكما في حالة الغربيين فأن الأمارات لها دور كبير في مساعدة الكثير من فقراء العرب وخاصة في فلسطين ولكن هذا لا يعني ان هذا يكفي . فلازالت دولنا العربية والمسلمة بحاجة للكثير من استثمارات الأغنياء لكي تفتح بيوت الفقراء . ففقراء العرب ليسوا بحاجة لأستجداء السمك بل انهم يريدون صنارة يصطادون بها بدلا من ان تذهب هذه الأموال على الغواني وصالات القمار واحصنة الملكة اليزابيث .
بدون تعميم اعتقد اننا نحن العرب قد جبلنا على العشائرية حتى اصبحنا نعطي الشيخ والملك والرئيس الحق بأن يتصرف بالبلاد والعباد كيفما يشاء مادامه يسكتنا بالفتات اللذي يسد رمقنا ويكفينا مؤونتنا واحتياجاتنا وليأخذ هو بعد ذلك ما يشاء فهو شيخ القبيلة وهو الوحيد اللذي من حقه توزيع الغنائم . فما بالك اذا كان هذا الفتات يساوي ملايين الدولارات كما هو الحال في دول الخليج , بالطبع نحن سنأخذ هذا الفتات وسنقبل (( خشم )) الشيخ ويده وحتى.... لو اراد ولن نكلمه بعد ذلك عن باقي اموال الدولة واللتي هي بالمليارات .
يبدوا ان حكام المسلمين اللذين يعتبرون اموال الدولة كاموال الغنائم يوزعوها كيفما يشائون لم يسمعوا بآية (( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ(( اما باقي المسلمين في الدول الفقيرة فان حكامنا والكثير منا يعتقدون ان هؤلاء ليس لهم أي حقوق ولاتنطبق عليهم اية (( إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ )) . ولا اية (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )) .
في كثير من المناقشات والمناكفات الفكرية والسياسية اللتي تدور بيني وبين اصدقائي وخصوصا المثقفين منهم ومعظمهم من ادعياء العلمانية , يمتدحون دول الخليج العربية ويتمنون ان يصبح العراق يوما مثل هذه الدول . فاجيبهم ولكن هذه الدول لازالت غير ديموقراطية وتحكم بعقلية شيخ العشيرة . فيقولون نعم صحيح ولكن الا يعيش سكان هذه الدول افضل من مئة دولة ديموقراطية بضمنها دولتك . مما يجعلني اضحك كثيرا ودائما ما اجيبهم بالجواب التالي .
يا ادعياء العلمانية الا تستطيعون ان تتخلصوا من الصنمية الفكرية مهما تثقفتوا . والله لو ان صدام لم ينفق اموال العراق على السلاح والحروب واعطى لكل عراقي الف دولار شهريا وضمانا صحيا واجتماعيا وتعليميا لما طالبه احدا منكم بالديموقراطية ولا بحقوق الأنسان ولأسكتم كل من يطالب بهما ولأوسعتموه ضربا وشتما لتطاوله على الشيخ صدام راعي الأمة وخرافها . ولتركتوا له باقي الخزينة حلالا عليه وعلى عياله .
لا اعلم من اين اتى العرب بهذه الأفكار وكل ما في دينهم ينهاهم عن ذلك .
يقال ان عقيل بن ابي طالب اخو الأمام علي كانت عنده مشكلة خاصة واراد ان يأخذ رأي الأمام في حلها . فذهب اليه في مقر الخلافة في الكوفة وسأل عنه , فقيل له ان الأمام في بيت المال يجري جردا للأموال . فلما دخل عليه وجده منهمكا في عمله يجرد ويكتب الحسابات على رقع . ولأن الوقت كان ليلا فان امير المؤمنين اللذي كان جالسا على جبل من الذهب كان يسجل حساباته على ضوء سراج صغير ينير بواسطة الزيت . فسلم عقيل على الأمام وقال له . يا امير المؤمنين جئتك لتعينني على حل مشكلة عندي. فأجابه الأمام وهل مشكلتك تخصك ام تخص المسلمين . فقال عقيل لا انها تخصني وتخصك فقط . فما كان من امير المؤمنين الجالس في بيت مال المسلمين المليء بالذهب والفضة الا ان ينفخ على السراج ويطفئه . فتعجب عقيل وقال له لماذا فعلت ذلك يا امير المؤمنين فأني لا اكاد اراك . فاجابه امير المؤمنين ان هذا السراج بفتيله وزيته هو من بيت مال المسلمين وما دام حديثنا لا يخص المسلمين فحرام علينا ان نستضيء بضيائه حتى ننهي كلامنا !!!! .
فليسمع العرب وحكامهم .
التعليقات (0)