لولا العلمانية
لولا العلمانية ما صدحت المساجد بصوت الأذان في أوروبا وأمريكا بشقيها الشمالي والجنوبي ، فتلك الفكرة البشرية العاقلة آتاحت للأديان والمذاهب ومُختلف الأفكار الانتشار بلا قيدِ أو شرط ، العلمانية أيديولوجيا مرنه تحترم إنسانية الفرد وحقوقه وحريته فلا هيّ تقف عند مُعتقد الفرد ولا تبني عليه المواطنة مثلما تفعل الأيديولوجيات الدينية والمذهبية ، العلمانية في الفكر الإسلامي كُفرُ بواح والسبب عدم فهمها كفكرة تطبيقيه لا شأن لها بالتفاصيل الجزئية التي تهتم بها بعض الأدبيات الدينية والمذهبية ، مرد عدم الفهم إلى الجهل والخوف من شيوع حركة التفكير وسيادة العقل ، العلمانية تحول بين السُلطة وبين الدين فتمنع إستغلاله أو التضييق عليه بأي شكلِ من الأشكال ، قد يقول قائلُ في الدول العلمانية يتم مصادرة الحريات ذات الطابع الإيديولوجي الديني كالحجاب باسم الضرورة الأمنية ذلك القول صحيح ويحمل وزره من أستغل المظاهر الأيديولوجية لتنفيذ جرائمِ بشعه ، لكل فكرةِ إيجابياتها وسلبياتها فالإيجابية هيّ الأصل أما السلبية فنتيجة حتمية للتطبيق ونتيجة لعدم التحديث والمراجعة ، العلمانية ليست سوبر ماركت يختار منها الفرد ما يعجبه ويتمناه وليست حديقة زهور ينتقي منها ما يعجبه ، هيّ منظومة متكاملة ، منظومة سياسية وفكرية واجتماعية واقتصادية وثقافية وفكرية مترابطُ بعضها ببعض فلا علمانية من دون ديموقراطية ولا ديمقراطية من دون علمانية وهنا القاعدة الأرضية للعلمانية ، الديموقراطية تعني التنازع "علي الوردي" فالتنازع حالة طبيعية طابعها سلمي ينتج عنها صحافة حُره مستقلة وأحزابِ سياسية ووعي مجتمعي ، الديموقراطية تُنتج العلمانية والعكس كذلك والمتأمل في حال الدول العلمانية يجدها مستقرة مُزدهرة لا إستبداد فيها ولا صراع تيارات ينتهج نهج التشويه ومحاولة الوأد ليخلو الفضاء لتيارِ بعينه ، في الدول العلمانية لا أيديولوجيا تطغى على الساحة ولا إلزامِ لأحد برأي وقولِ مُعين ولا منعِ لمظهرِ من مظاهر الحياة إلا بتوافق ووفق إجراءات معينة فرضتها ظروف قاهرة تُسمى بحالة الطوارئ التي لا تدوم ، في العلمانية يختار الفرد طريقه إلى الله ويختار ما يراه ويعتقده صواباً ويتعايش مع أبناء جنسه فلا فوارق تُذكر ولا صوت يُكفر صاحب دينِ أو مُعتقد ، في العلمانية الفكرة البشرية العاقلة لا يتم إتهام المرأة بأنها شيطان يغوي الذكور ولا يتم منعها من حقوقها سداً لذرائع الوهم بل تُمنح حقوقها وتُحمى بقوة القانون وسلطة المجتمع الذي بوعيه جعل العلمانية تنمو وتزدهر ، بما أن العلمانية فكرة عاقلة هيّ أيضاً شجرة تنمو وتُثمر وتظل كل ما يُحيط بها هيّ حياة مختلفة في ظلها تزدهر الفنون وتُحمى الحقوق وتتحقق معاني المواطنة.
الدولة المدنية نتيجة طبيعية وحتمية للعلمانية وفي أوروبا مثال فلولا العلمانية لبقيت في الظلام ولهلكت شعوبها في حروب الظلام الدينية التي اندلعت بسبب نظرية من يُمثل الله في أرضه ؟
@Riyadzahriny
التعليقات (0)