مواضيع اليوم

لوسي وآردي والأيمان بالله

زين الدين الكعبي

2009-10-03 20:03:55

0

                                                              رسم تقريبي لأرديبيديكوس راميدوس

 

كشف العلماء يوم أمس عن أسرار هيكل عظمي وجدوه في أثيوبيا في عام 1992 . وهو يعود الى كائن أطلق عليه الإسم اللاتيني أرديبيتيكوس راميدوس كأسم علمي له ، وآر دي كأسم علم . وكشفت أبحاث العلماء الى أن تاريخ وجود هذا الكائن يعود إلى ما قبل أربعة ملايين وأربعمائة ألف سنة .

وتعدُ بقايا هيكل أنثى هذا الكائن أهم قطعة متكاملة من الحفريات المكتشفة الى الآن . فقد تمكن فريق الخبراء الدولي من تجميع أهم عظام هيكلها بما فيها الجمجمة بأسنانها والذراعان والكفان والحوض الساقان والقدمان . كما تمكن الخبراء من العثور على شظايا يعتقد أنها لـ36 من أفراد المجموعة من بينهم صغار وذكور وإناث. ويقول العلماء إن بعض خصائص هذا الكائن تشبه إلى حد كبير خصائص القردة القديم ، فيما يشبه البعض منها بخصائص تنبئ بملامح شبيهة بالملامح البشرية.

ويضيف هؤلاء الخبراء قائلين إن أردي –التي يبلغ ارتفاعها مترا وعشرين سنتيمترا- كانت تتقن تسلق الأشجار لكنها كانت تستطيع المشي على قدمين كذلك. غير أنها لم تكن تمتلك قدما مقوسة مثل أقدامنا، ما يعني أنها لم تكن قادرة على الجري أو المشي لمسافة طويلة . وقال عضو الفريق البروفيسور أوين لافجوي من جامعة كينت ستيت بأوهايو الأمريكية لبي بي سي: " إنها كانت تقضي نصف حياتها فوق الأشجار، حيث كانت تقتات، لكن عندما تنزل إلى الأرض فقد كان بإمكانها المشي بطريقة مستقيمة كما نفعل أنا وأنت." و كون أردي كانت تعيش في الغابة قبل أقل من خمسة ملايين سنة قد يتعارض مع الاعتقاد السائد بأن تطور الجنس البشري جاء بسبب انقراض الغابات في بعض المناطق الإفريقية الذي دفع به إلى المشي على الأرض. ويعتقد العلماء أن أرديبيتيكوس قد يقربهم من الحلقة المفقودة التي تربط البشر بالقردة العليا من الشيمبانزي. ونظرا لأن ملامح أرديبيتيكوس لا تظهر على القردة الإفريقية المعاصرة فقد تكون هذه الحلقة المفقودة أقدم مما كان يُعتقد – حوالي سبعة ملايين أو تسعة ملايين سنة . ويقول تيم وايت، الباحث في أصول الجنس البشري في جامعة كاليفورنيا والمدير المشارك لمجموعة البحث، "إن أردي ليس شمبانزي ..وليس إنسانا..إن هذه الجمجمة توضح لنا الصورة التي كنا عليها قديما .

وكان وايت يتحدث أمام مؤتمر صحفي عقد في واشنطن قبل يوم واحد من نشر مجلة العلوم الأمريكية "ساينس" 47 مقالة عن الكشف الأثري. 

يذكر أن البحث الأولي عن الكشف قد نشر عام  1994، غير أن البقايا المتحجرة كانت هشة للغاية ، لدرجة أن الأمر استغرق من العلماء 15 عاما لإعادة تجميع الهيكل العظمي "أردي"وتحليله. وقال الباحثون إن الحقيقة المتعلقة بــ"الحلقة المفقودة"؛ أي الجد المشترك بين الإنسان والقردة الحديثة، كانت مختلفة عن الاثنين وتطورت القردة تماما بقدر ما تطور الإنسان عن هذا الجد المشترك .  ويؤكد العلماء أن "أردي" ربما تكون الآن أقدم أسلاف الإنسان المعروفين ، لكنها ليست الحلقة المفقودة وذلك وفقا لما نقلته وكالة رويتر . ((رابط2)).

كيف تتعارض هذه المعلومات مع نظريو داروين ؟ .

لأن الموضوع معقد جدا وصعب على غير ذوي الأختصاص من أمثالي فسنحاول التبسط  في تلخيص النظرية الداروينية. (( رابط 4 )) .

تقوم الدارونية على ثلاث قواعد أولية و هي" التناحر على البقاء، و الانتخاب الطبيعي، و بقاء الأصلح، أما التناحر على البقاء فاصطلاح مجازي يؤدي في أوسع مدلولاته معنيين، فأما أنه يدل على العلاقة القائمة بين الأنواع الحية العائشة في بيئة ما، إذ ما اتجهت الأسباب العاملة على بقاء نوع إلى إبادة آخر، و أما أنه يدل على الجهد الذي يبذله الأحياء في سبيل الحصول على مقومات الحياة، و أما الانتخاب الطبيعي فمحصلته أنه يبقى من الأفراد أقدرها على الحياة في بيئة ما، و أن تفنى غير القادرة منها على البقاء، و أما البقاء للأصلح فهو اصطلاح يراد به إيضاح عمل الانتخاب الطبيعي، إذ أن الأحياء الأكثر صلاحية للبقاء في بيئة طبيعية تظل حية . ((رابط 5)) .

وهذه المفاهيم تؤدي الى نظرية الأرتقاء اللتي يمكن شرحها بصورة مبسطة جدا كالتالي .

أن تغير الظروف الطبيعية الأرضية من كيميائة وفيزيائية وخاصة الفجائية منها , عند الداروينيين أدت الى أن تتطور الكائنات الحية بصورة منفصلة الى مخلوقات أخرى أعقد قادرة على الصمود بوجه هذه المتغيرات الطبيعية. والكائنات الحية تتطور من الأشكال الأقل تعقيدا الى الأشكال المعقدة ومن ثم الى الأشكال الأكثر تعقيدا .

 وبصورة أبسط . فأن الظروف الطبيعية والمناخية وبسبب التغيرات المفاجئة الناتجة من أسباب مثل الزلازل والعواصف والفيضانات والجفاف الحاد والنيازك والشهب اللتي كانت تضرب الأرض لتسبب حرائق وزلازل مشابهة لما تفعله القنابل النووية . وتحرك الصفائح التكتونية اللتي أدت الى الصدوع الأرضية والجبال والوديان وتكوين القارات . كل هذه الأحوال المناخية والجيلوجية وغيرها , أدت الى تفاعلات كيميائية معقدة نتجت عنها الخلية الحية الأولى عند الداروينيين . ومن ثم بدأت هذه الخلية وبسبب غريزة طبيعية نشأت في هذه الخلية للبقاء ومقاومة الفناء الى تكوين شيفرة وراثية مكونة مما بات يعرف حاليا بالمورثات أو الجينات , ومكنت هذه المورثات الخلية من الأنقسام الى خليتين تحمل كل منهما نسخة من هذه المورثات نتيجة أنقاسام المورثات ذاتها أثناء أنقسام الخلية الأولى . ومن ثم أنقسمت الخليتين الى أربع والأربع الى ثمان وهكذا ألى أن أمتلأت الأرض بمليارات من هذه الخلايا الحية الأحادية الخلية .

وتقول هذه النظرية بأن التغيرات الطبيعية اللتي ذكرناها سابقا قد أدت الى أجبار هذه الخلايا الأحادية على التطور الى خلايا أحادية مختلفة جينيا . أي أن الطبيعة أدت الى تغير قسري في اللمورثات لبعض هذه الخلايا . بينما بقيت الخلايا الباقية البعيدة عن هذه التغيرات الطبيعية على حالتها الأصلية وربما تعرض بعض أنواع هذه الخلايا الى الفناء مما يجعل الخلايا اللاحقة أصلا لنوع جديد من المخلوقات .ولنفس الأسباب الطبيعية  تطورت القوية من هذه الخلايا الأحادية الجديدة الى نوعين رئيسين من الخلايا .

نوع حيواني بدائي , وآخر نباتي بدائي  . ومن ثم تطور هذين المخلوقين بصورة منفصلة . فبينما تطورت الحيوانات في البدايا من مخلوقات أحادية الخلية شبيهة بالفايروسات . نجد أن القسم النباتي تطور الى خلايا شبيهة بالبكتيريا أحادية الخلية الموجودة الآن .

أما الخلية الحيوانية الأولى فقد تطورت الى كآئنات ذات خليتين ومن ثم الى كائنات متعددة الخلايا لتكون نسيج حيواني في أبسط  صوره . لتتطور لاحقا هذه الكائنات الى كائنات اشبه ما تكون بدعاميص الضفادع ومن ثم كائنات شبيهة بالأسماك لصغيرة , ومن ثم الى مخلوقات برمائية شبيهة بالضفادع اللتي أدت الى ظهور العضايا والسحالي اللتي هي المخلوقات البرية الأولى . ومن هذه السحالي بدأت التغيرات الجينية اللتي نتجت عن التغيرات الطبيعية الأرضية اللتي ذكرناها الى ظهور مخلوقات جديدة أعقد بكثير . فظهرت الديناصورات والحيتان والطيور الأولى . واللتي تطورت فيما بعد لنفس الأسباب الطبيعية الى جميع أنواع الحيوانات اللتي نعرفها من منقرضة وغير منقرضة .

ومن بين هذه الحيوانات , نشأت القردة بكافة أنواعها اللتي نعرفها الآن . ونتيجة لأبحاث داروين ومندل مكتشف قوانين الوراثة من بعده  . أو ما بات يعرف لاحقا بالداروينية الجديدة . أفترض الداروينيون أن الأنسان لابد أن يكون قد تطور عن القرود وعلى الأخص من الشمبانزي أقرب الحيوانات والقردة الى الأنسان تشريحيا . وقد أدى أكتشاف الهيكل العظمي المسمى بلوسي عام 1974  في صحراء آفار الأثيوبية القاحلة في موقع يسمى أراميس ويبعد 74 كيلومترا من الموقع الذي عثر فيه على الهيكل أردي في عام 1992 . الى تعزيز نظرية داروين . حيث أن لوسي اللتي عمرها 3.5 مليون سنة أعتبرت أقرب هيكل عظمي مكتشف في حينها الى الأنسان والقرد .  

من أهم ماقاله العلماء في لقائاتهم الصحفية وفي أبحاثهم اللتي نشروها في المجلات العلمية  بعد دراستهم الطويلة للهيكل العظمي آردي يتلخص بالتالي .

-  أن "أردي" ربما تكون الآن أقدم أسلاف الإنسان المعروفين ، لكنها ليست الحلقة المفقودة وذلك وفقا لما نقلته وكالة رويتر . ((رابط 2 )) .

- لو سألت أي شخص الآن عن شكل اجداد الأنسان لقال بأنهم كانوا يشبهون لوسي وأنهم يشبهون الشمبانزي من قبل . ولكن الحفريات الجديدة اثبتت بان هذه المعلومات غير صحيحة على الأطلاق . (( رابط 3 )) .

- كون أردي كانت تعيش في الغابة قبل أقل من خمسة ملايين سنة قد يتعارض مع الاعتقاد السائد بأن تطور الجنس البشري جاء بسبب انقراض الغابات في بعض المناطق الإفريقية الذي دفع به إلى المشي على الأرض . (( رابط )) .

- قال عالم أنتروبولوجي أميركي ان أصل القرد إنسان وليس العكس . وأوضح البروفيسور في جامعة كنت والمتخصص في أصل الإنسان سي أوين لوفجوي انه أجرى دراسة على الإنسان البدائي الذي يعرف باسم «Ardipithecus ramidus» الذي عاش قبل 4.4 ملايين سنة في أثيوبيا. وأضاف لوفوجوي . ((غالباً ما يظن الناس ان البشر تطوروا من القردة، لكن هذا ليس صحيحاً، فالقردة هي التي تطورت منا )) . 

وتابع «شاعت فكرة ان البشر هم نسخة متطورة عن الشمبانزي، لكن دراسة الإنسان البدائي ساهمت في تأكدنا أنه لا يمكن أن يتطور البشر من الشمبانزي أو الغوريلا . (( رابط 6 )) .

 

النتائج المستقاة .

بالرغم من أن العلماء لم يستطيعوا التخلي عن نظرية التطور , فقط لأنهم لا يملكون غيرها   وليس لأسباب علمية ! . وأنهم لازالوا يصرون بأن الأنسان قد تطور عن كائن لايعلمون ماهو ((  أن "أردي" ربما تكون الآن أقدم أسلاف الإنسان المعروفين ، لكنها ليست الحلقة المفقودة )) , لنفس السبب . ولكننا حتى ولو سلمنا بنظرية التطور . ألا أن الشيء اللذي أصبح مسلما به ان نظرية دارون القديمة والجديدة عن الأرتقاء  قد سقطت بأكتشاف أن الشمبانزي اللذي يمشي على الأربع لاحق وليس سابق لآردي اللتي كانت تمشي على أثنتين . بالرغم من أنها أقل ذكاء من الشمبانزي بسبب صغر حجم دماغها عنه كما يقول العلماء . ((على أعتبار أن العلماء لازالوا يعتقدون أن آردي هي جد مشترك بين البشر والشمبانزي )) .

ولذلك أعلن العلماء يوم أمس بأن الشمبانزي هو اللذي تطور عن الأنسان وليس العكس . وحتى لو أكتشف العلماء بعد ذلك هيكلا أقدم من آردي يمشي على الأربع وأعتبروه جدا لآردي . فستظل نظرية الأرتقاء لداروين مدحظة وغير صحيحة . لأنه وفي كل الأحوال ما كان للقردة اللتي كانت تمتلك ظهرا منتصبا  وتمشي على الأثنتين قبل ما يقرب من اربع ملايين ونصف عام أن ترجع القهقري ويتقوس ظهرها وتمشي على الأربع من جديد بعد مليون سنة . أي أنها بدلا من أن ترتقي تخلفت ونزلت سلم التطور الحيواني مرة أخرى . وخاصة وأن آردي أكتشفت في مكان لايبعد عن لوسي جدة الشمبانزي ألا ب74 كيلو متر فقط .

وبذلك أصبح من الممكن أن القول بأن الأنسان قد تطور بمعزل عن القرد . حتى لو كان هناك من يقول بعكس ذلك الى الآن . فالأمور اصبحت غير مؤكدة علميا بالنسبة لأصحاب القول الأول والثاني . والى ان يثبت أحدهما نظريته تبقى الأمور معلقة وبدون أثبات للأثنين .

 

العلم والدين .

يتخرص عبدة العقل من دون الله , بأن الطبيعة هي اللتي خلقت الأنسان وليس الله . ولقد كانت نظرية داروين من أهم الحجج اللتي كانوا يتشدقون بها لأثبات وجهة نظرهم هذه . وها هي تتهاوى اليوم شيئا فشيئا .

ألا أن ذلك لا يعني أن نركن الى كلام المتخلفين من المسلمين اللذين يرون الأسلام شارب ولحية وجلباب قصير . واللذين يدعون الناس الى أقفال أبواب العلم لأنهم خائفين من أن ينقض العلم كلام الله . مما يدل على ضعف الأيمان لدى هؤلاء الجهلة . فلو أنهم صحيحي الأيمان لما خافوا قط من العلم اللذي لابد أن يثبت ما قاله الله . كيف لا وعلاقة العلم بالأيمان علاقة طردية منذ ان نزلت الآية الأولى من القرآن واللتي كانت أولى كلماتها كلمة اقرأ .

لم يكن العلم يوما عدوا للدين كما يزعم الجهلة من أعداء الدين ومن المتدينين الجهلة . وألا لما قام أبن الهيثم بشرح كيفية الرؤيا بالعين ولما قام بتشريحها . ولما أكتشف أبن النفيس الدورة الدموية الجزئية الصغرى . ولما قام جابر بن حيان بأكتشاف حامض الكبريتيك . ولما أكتشف الخوارزمي أسس الجبر واللوغارتمات . ولما برع المسلمون في الجغرافيا والفلك والأجتماع وغيرها من اصناف العلم . فالبيئة اللا علمية لايمكن أن تنتج علماء وأبحاث وأختراعات . وألا لكان من الممكن اليوم أن ترسل أفغانستان مسبارا الى الفضاء ! .

ولو أن الأسلام لايحض على العلم لما ملأ الله قرآنه آياتا تحض على تدبر الكون ومخلوقاته . (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق )) . ولما قال رسوله صلوات الله عليه وعلى آله (( أطلب العلم من المهد الى اللحد )) . ولما طلب صلوات الله وسلامه عليه من أسرى قريش المتعلمين في بدر , أن يعلم كل واحد منهم عشرة من المسلمين مقابل أطلاق سراحه . فلو لم يكن رسول الله قوي الأيمان لخاف أن يعلم المسلمين القراءة والكتابة وهو الأمي . فلا يمكن لأمي أن يحاجج متعلم أبدا . ولكنه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . أعلم الناس بعلوم القرآن وكنوزه اللتي لا تنضب . وهذا دليل واضح على نبوته وسماوية رسالته . ولقد علم صلوات الله عليه أن العلم قوة ومنعة للمسلمين فحضهم عليه بكل السبل .

  

رابط 1

http://www.bbc.co.uk/arabic/scienceandtech/2009/10/091001_mek_fossil_evolution_tc2.shtml

رابط 2

http://ara.reuters.com/article/internetNews/idARACAE5901BP20091001

 

رابط 3

http://www.bbc.co.uk/arabic/multimedia/2009/10/091002_gn_us_fossil.shtml

 

رابط 4

http://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_التطور

رابط 5

http://www.libyaforall.com/vb/t584.html

رابط 6

http://www.alqabas.com.kw/Article.aspx?id=537567&date=03102009

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات