مواضيع اليوم

لوائح الحكومة.

محمد مغوتي

2012-11-18 18:36:12

0

    عاد وزير التجهيز لسياسة نشر اللوائح مرة أخرى، وأفرج عن لائحة جديدة تتعلق هذه المرة بأسماء المستفيدين من رخص استغلال مقالع الرمال، بعدما كان قد كشف قبل عدة أشهر عن اللائحة الشهيرة الخاصة ب"كريمات" النقل العمومي. وعلى عكس المبادرة السابقة، لم تحظ اللائحة الجديدة بنفس الإهتمام الشعبي واللغط الإعلامي اللذين رافقا الجولة الأولى من مسلسل اللوائح الحكومية.
    ما يستفاد من الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها وزارة النقل والتجهيز هو أن حكومة السيد بنكيران لم تستوعب الدروس بعد، فبالرغم من أنها باتت تدرك جيدا أن عملية النشر هذه لن تغير في واقع الحال شيئا، إلا أنها مازالت تمضي قدما في فن تقليد النعامة. فما الذي تحقق منذ أن تعرف المغاربة على أسماء المستفيدين من رخص حافلات النقل العمومي؟. ما هي التدابير والإجراءات التي رافقت عملية النشر؟. كيف تعاطت الحكومة مع ملف الريع الإقتصادي الذي يفوت على خزينة الدولة موارد مالية مهمة؟. هذه الأسئلة لا تحتاج إلى أجوبة طبعا، على الرغم من راهنيتها، فقد عبرت الحكومة عن سياستها بهذا الشأن منذ أن أعلن رئيسها عن وصفته السحرية التي اختزلها في " عفا الله عما سلف".
    وبما أن حكومة بنكيران لا تمتلك الإرادة ولا القدرة على النبش في أغوار الريع الإقتصادي، فما الداعي لعملية النشر هذه؟. وما الفائدة المباشرة التي يجنيها المواطن المغلوب على أمره من كل هذا؟. قد يقول قائل: إن هذه الخطوة هي إنجاز في حد ذاته، لأن ملف الريع ظل مستعصيا على الحل، ولم تمتلك كل الحكومات السابقة الجرأة لفتحه، ولا بد من المكاشفة وإخبار الرأي العام قبل اتخاذ التدابير اللازمة في هذا الشأن. لكن المؤكد حتى الآن هو أن هذه التدابير التي ينتظرها الشعب لن تجد طريقها إلى الأجرأة الفعلية، والحكومة تدرك جيدا أن جيوب المقاومة قوية ونافذة، وهي لا تمتلك الشجاعة الكافية لمواجهة عفاريت الريع. وفي هذا السياق لابد من تسجيل ردود الفعل التي عبر عنها عدد من المتابعين لملف الريع، والذين يؤكدون أن لائحة المستفيدين من مقالع الرمال استثنت أشخاصا نافذين، لذلك فإن عملية النشر التي أصبحت تخصصا حكوميا ليست إلا ذرا للرماد في العيون، لأن التحقق الفعلي لمطلب إسقاط الفساد يستوجب ثقافة سياسية جديدة تحتكم للقانون وحده.
    لقد أثبتت حكومة السيد بنكيران عجزها عن الوفاء بالتزاماتها، وهي تعيش وضعا أشبه بالهدنة بين مكوناتها الحزبية التي تشكل التحالف الحكومي، خصوصا منذ التغيير الذي عرفه حزب الاستقلال، وأفرز قيادة جديدة عبرت عن عدم ارتياحها لأداء الحكومة. والواقع أن عدم الإرتياح هذا أصبح شعورا متناميا لدى المغاربة الذين لا يلمسون التغيير الذي كانوا ينتظرونه غداة انتخابات نونبر 2011. لذلك فإن الاستمرار في نشر اللوائح لن يعني شيئا في سياق التلميح المتكرر الصادر عن رئيس الحكومة الذي يتهم أطرافا غير معروفة بعرقلة العمل الحكومي في سلوك أقرب إلى عملية تبرئة للذمة، غير أن سياقات المرحلة لم تعد تسمح بمثل هذا الخطاب، فالمغاربة ينتظرون الأفعال وليس الأقوال. ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار اللوائح الحكومية فعلا أو إنجازا يستحق التنويه ما لم تكن العملية مرتبطة بإجراءات وحلول ناجعة يشعر معها المواطن البسيط بأسباب الأمل في المستقبل.
    
    محمد مغوتي. 18 – 11 – 2012.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !