إصدار البرلمان التركي قرارا بالموافقة على مذكرة الحكومة السماح بضرب أهداف خارج البلاد، ومنها سوريا، تحوّل إلى موضوع جديد للانقسام في تركيا، حيث اعتبر المعارضون للمذكرة أنها دعوة للسقوط في الفخ السوري وإرسال الأبناء إلى الموت، بينما أكد مؤيدوها أنها ليست للحرب بل «للردع» كما أشار رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان شخصيا إلى ذلك.
وشنت صحف المعارضة حملة كبيرة على المذكرة، فجاء في عناوين صحيفة «جمهورييت» «التاريخ لن يغفر..الشعب قال لا» للحكومة. وفي صحيفة «بوكين» «دعوة أبنائنا إلى الموت»، وفي «أقشام» «الحرب على المذكرة»، وفي «بركون» «الأداة (الحكومة) نالت تفويضها»، وفي «آيدينليق» «مذكرة الجريمة»، وفي «ايفرينسيل» «لا للحرب»، وفي «غونيش» «هل ذاهبون إلى حرب عالمية؟» وفي «مللي غازيتيه» «انتهت الديبلوماسية». أما الصحف المؤيدة للحكومة فأجمعت على اعتبار المذكرة رسالة إلى الرئيس السوري بشار الأسد كي يفكر بالعواقب، والى أنها مذكرة ردع ودعوة للعقلانية.
ويكتب سادات ارغين في «حرييت» ان مذكرة الحكومة أعادت السجال حول سياسة الحكومة تجاه سوريا. وقال إن المذكرة لن تغير موقف الرأي العام، الذي أكد في خمسة استطلاعات رأي متتالية معارضته هذه السياسة حتى لو جاء قرار التدخل العسكري من جانب الأمم المتحدة.
ففي استطلاع لمؤسسة «مارشال» الأميركية أعرب 57 في المئة عن معارضتهم سياسة تركيا تجاه سوريا، وفي استطلاع لمؤسسة «آندي - آر» التركية عارض 67 في المئة هذه السياسة. وفي استطلاع لشركة «غزيجي» اعلن 64 في المئة انهم ضد هذه السياسة. وبين هذا الاستطلاع بالذات أن 29 من قاعدة حزب العدالة والتنمية نفسها تعارض سياسة الحكومة تجاه سوريا.
وفي استطلاع لصحيفة «خبر تورك» جاء ان 61,5 في المئة يعارضون هذه السياسة، بينما يعارض التدخل العسكري التركي في سوريا 80 في المئة. وفي استطلاع لشركة «متروبول» جاء ان 56 في المئة لا يؤيدون الحكومة في سياستها السورية. وهنا اشارة مهمة، وهي ان مؤيدي سياسة الحكومة قبل انتخابات حزيران العام 2011 كانت نسبتهم 45 في المئة بينما كان يعارضها 40 في المئة. وهذا يعكس التحول الكبير ضد الحكومة منذ سنة ونيف وحتى الآن. وحتى سياسة الحكومة بفتح معسكرات للاجئين السوريين يعارضها 52 في المئة ويؤيدها 42 في المئة.
وحتى داخل حزب العدالة والتنمية فإن مؤيدي إقامة مخيمات اللاجئين بلغت 50 في المئة فقط، وعارضها 45 في المئة. كما يعارض على مستوى تركيا 66 في المئة تدفق اللاجئين على تركيا.
ويقول الكاتب انه لا حاجة أبدا للتعليق على هذه الأرقام التي تحكي بنفسها عن المعارضة الكبيرة لسياسة تركيا تجاه سوريا، ولا سيما التدخل العسكري الذي لا يؤيده أكثر من 16 في المئة من الأتراك، بينما يعارضه فوق 76 في المئة بحسب آخر إحصاء.
ويقول الكاتب يالتشين دوغان انه «بمعزل عن الأسباب فإن السياسة الخارجية لأنقرة تأخذ تركيا إلى حافة الحرب ولا تعير انتباها للانتقادات. وانتقد مذكرة الحكومة التي كتبت على عجل، والتي تجعل الجغرافيا من البحر المتوسط الى الصين مجالا لوظيفة القوات التركية، بينما كان يجب تحديد المجال الجغرافي لعمل الجيش كما هو حاصل في المذكرة الخاصة بالعراق. كانت الحكومة بحاجة لهذه المذكرة، لكن أحدا لا يعرف ماذا ستفعل».
وفي «ميللييت» كتبت أصلي آيدين طاشباش قائلة انه «لا حاجة لتظاهرات في تركيا ضد الحرب، فلن تقع الحرب بين تركيا وسوريا. فكل القوى من روسيا والصين والغرب وايران لا يريدونها. وهي حرب ان حدثت فستكون حربا مذهبية، لذا يخافها الجميع، وأي محاولة لاحتلال سوريا او تدخل تركيا بمفردها ستكون انتحارا».
وتضيف الكاتبة «لم يعد أحد لا يعرف أن واشنطن لا تريد الحرب، ولا تعطي الضوء الأخضر لمنطقة عازلة او منطقة حظر طيران أو ممرات إنسانية. الهمّ الأساسي لضفتي الأطلسي الأزمة الاقتصادية ومن بعدها إيران. كل هذا يجبر تركيا على سلوك النهج السياسي، وهي لن تغامر في التدخل بمفردها، رغم الحقن الذي تتعرض له. لكن ما دامت الحرب في الداخل السوري مستمرة، وما دام الأسد لم يرحل، فإن تركيا لن تعرف الطمأنينة».
التعليقات (0)