تتفاقم الازمة السياسية في العراق بشکل غير عادي بعد التشدد الملفت للنظر الذي أبداه"ويبديه" رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالکي حيال نتائج الانتخابات العراقية الاخيرة التي يبدو ان نتائجها کانت أکثر من موجعة بالنسبة له، وليست هناك أية مؤشرات محددة تدل على ان الرجل الذي أعاد الى بغداد بعضا من هيبتها السابقة و اسبغ عليها حلة من الامن الاستقرار و الهدوء، يفکر في أية خيارات أخرى تمهد لمغادرته کرسي الحکم لغيره قبل أن ينهي دورة أخرى.
نوري المالکي، الذي خرج من بعد إخفاقة الدکتور ابراهيم الجعفري و فاجأ العالم بدوره الحيوي الملموس في إعادة هيبة القانون الى العراق بشکل عام و بغداد بشکل خاص، خصوصا وان عهده قد شهد قتل ثلاثة من کبار زعماء القاعدة في العراق بالاضافة الى منجزات أخرى على الارض منحته قوة و زخما أمام العراقيين، لکن ذلك لم يتمکن من إخراجه من الدائرة الضيقة للمسألة الطائفية التي يتهمه بها خصومه و اوساط سياسية مطلعة ولاسيما بعضا من الذين يعرفونه عن قرب و عن کثب او حتى من الدبلوماسيين السابقين الذين عملوا في بغداد و عاصروه لفترة معينة، وان هذا الامر وقف عائقا کبيرا أمام العراقيين کي يمنحونه ثقتهم الکاملة و يعيدون إنتخابه لدورة أخرى، وان الدکتور أياد علاوي الذي يبدو أن القدر منحه فرصة مشابهة لتلك التي منحها لغريمه المالکي أمام الجعفري، لايجد الظروف السياسية و الامنية و الاقليمية بتلك السهولة التي تمکنه من سحب البساط من تحت أقدام زعيم حزب الدعوة المعتد بنفسه أکثر من اللازم.
ولاترى الاوساط السياسية المطلعة بأن إيران تقف مجرد موقف متفرج وليست لها علاقة بمجريات الصراع السياسي الحالي في العراق، وان العديد من الاوساط السياسية و الاستخبارية ترجح بأن اللعبة اساسا تدار من طهران وان نوري المالکي مازال يمثل الخيار الافضل للإيرانيين خصوصا امام البدائل الاخرى التي لاتجدها طهران بقوة و ثبات و حدية المالکي وان رهانها القوي جدا على زعيم حزب الدعوة هو بالاساس من أجل کرامتها و إعتبارها السياسيين الذي يبدو انهما تعرضا لهزة قوية جدا بعد الصفعة الموجعة التي وجهت لها من قبل علاوي المتمتع بشعبية ملفتة للنظر على الساحة العراقية و المدعوم عربيا و دوليا الى حد ما، وان إغتيال احد رموز القائمة العراقية قد تکون رسالة ذات مغزى لعلاوي و من الممکن و المرجح جدا تکرار هذا السيناريو الدموي و بصيغ أخرى وان علاوي ذاته قد بات يتحوط أکثر من اللازم من احتمال التعرض له سيما بعد النصائح التي وجهت له بهذا الصدد من أطراف متباينة، لکنه وفي نفس الوقت فإن اللجوء لمنطق الاغتيال و الدم و الرصاص من أجل حسم الموقف السياسي، هو أمر و نقطة ثمينة لصالح أياد علاوي سيما أمام العرب من أجل حثهم على المزيد من الدعم المقدم له و يبدو ان دوائر القرار العربي قد أخذت موضوع إغتيال النائب العکيدي على محمل الجد وانها عاقدة العزم على الوقوف خلف علاوي حتى اللحظة الاخيرة خصوصا وان الاخير بات يتمتع بثقة أکبر من جانب العراقيين وان بعضا من القوائم قد باتت تميل للتحالف معه بعيدا عن نوري المالکي الذي تذکر العديد من الاوساط العراقية أحاديث مختلفة عن الانقلاب النفسي الذي طرأ على شخصيته بعد ان حقق بعض المنجزات الامنية الکبيرة في بغداد و بعد ان أثنت دوائر غربية إطرائا محددا على ادائه الامني و تؤکد بعضا من هذه الاوساط ان المالکي قد"بات يبدو غير ذلك المالکي الذي عرفناه قبل صعوده الى کرسي رئاسة الوزراء"، فيما تقول اوساطا اخرى ان الرجل"متعطش للسلطة بشکل ملفت وان حجم الدعم و الاسناد الايرانيين المقدمين له قد جعلت منه ينظر من شرفة الاستعلاء و التکبر للکثير من المسائل" و تتفق اوساطا سياسية عراقية مستقلة، بأن المالکي لن يغادر کرسي رئاسة الوزارة مهما کلف الامر وانه سيقاوم حتى الرمق الاخير، وهنا يجب أن نثني على رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته من أنه لم يطلق تهديدا کالذي أطلقه صدام حسين عندما أکد بأنه لن يغادر العراق الا وقد صار العراق ترابا، وانما إکتفى الرجل بأنه لن يترکها ولو على جثته ولم يقل غيرها مطلقا!
التعليقات (0)