لن انهمك في الموت.... لقد قررت
"... فلا تبكني.. إنني لن أعود.... فقد هان عبر بلادي الوجود..."
كمال ناصر
ليكن واضحا أنّ الإنسان لا يختار مكان ولادته، و لا مكان موته، و بالإمكان اضافة التوقيت و الكيفية، فلما نحبّ أماكن و أزمنة محددة؟
كم أتمنى أن أجد من يجيبني عن هذا الاستفهام بقدر تأكدي أنه لم و لن يفعل أيّ أحد، لأنها قناعتي، فأنا ولدت في الوطن الذي لم أختره وطنا، و لا أحد يستطيع ضمان أنها ستكون مكان وفاتي، على الرغم من أنّ أحبابي الذين لا أعرف سرّ حبهم، و مدى شدته أو وجوده أصلا، يريدون هذه الأخيرة و يرغبونها بشدة، أيّ مصير هذا الذي أواجهه؟ و إلى أين أنا ذاهب؟
لا أجزم أنني أملك القدرة على تغيير وجهة مصيري، لكنني أعلم يقين اليقين أنني أمتلك القدرة على صناعة واقعي، فأنا أستطيع بناء أسباب مغايرة لكنني لا أضمن الوصول إلى نفس النتائج. كم هذا غريب !!!!
فـيكفيني شرفا أنني أجرؤ على وضع يدي على الجرح و أصرح به، في الوقت الذي يتجاهله الكثيرين، و يتناساه أو لا يعترف به الأغلبية من أبناء جيلي، كم هذا محزن !
محزن جدا أن تتلقى المبادئ التي لا تقتنع بها من هذا المجتمع البائس، من أجل أن تُقبل فيه و فقط، إنها حقا من المضحكات المبكيات، أو لنكن صريحين إنها من المبكيات التي تُضحك كل شريف، في زمن قلّ فيه الشرفاء و ضاع معنى الشرف بين كل المعاني.
فأنا بعد ثلاثة و عشرين سنة من قذفي في هذا العالم، ما أزال لا أعرف من أنــا؟ و أيّ انجاز حققت؟ و إن كنت موجودا بالفعل؟ أو أنا موجود و كفى؟
لماذا أنا حيّ؟ و أيّ تعريف للحياة أنا مؤمن به؟ ففي أحيان كثيرة أختزل الحياة في كلمات يرسمها حاسوبي على صفحات بيضات القلب و زرقاء الهوامش، أفعلا هذه هي حياتي؟ و هل هي كل انجازاتي بعد أكثر من عقديْن من الزمن؟
فإن كنتم تريدون الاعتراف، فإني أعترف أني محتار، و غالبا ما أدخل في دوامة من تناقض الأفكار، حتى إني أشك على فترات في ضرورة العيش، و حق الاختيار !!!!
قد يبدوا بعد كلّ هذه الكلمات أني متشائم، فلكن! انا متشائم، لكن أنا لست كغيري من المتشائمين، فحتى المتشائمون أنواع، و أنا من النوع الذي يشخّص التشاؤم ليتخلص منه، و لماذا أوصف بالتشاؤم ما دام كلامي تثبته الأيام؟ !!!!
هذه عينة صغيرة مما يدور في داخلي، و أنا أشهد أطلال الماضي، و سواد المستقبل، و هو رأيي على كلّ حال.
لقد قررت أن أتمرّد على أحبائي، على القوانين و التقاليد و الأعراف، و خاصة تلك التي يحبها الجبناء من أبناء مجتمعي، ليظهروا أقوياء بها، بينما هم يبقون في نظري جبناء و ضعفاء، كالضباع التي تحتمي بزخارف النمور.... فهم بجبنهم أوضع من اللقطاء.
من السهل جدا عليّ أن اتقمص لباس هذا الموضع الكريه، فأكسب شرعية هؤلاء الجبناء، لكنني لا أريده، و لا أنتظر اعتراف أحد بما أعمل من أجله، هذه شيمتي منذ نعومة أظافري، و من شبّ على طبع شاب على هداه.
فالقوانين التي أتمرّد عليها ليست قوانين دولة، و لا هي قوانين أمة، و لا هي حتى قوانين مجتمع، و إنما انا اتمرد على قوانين العبث.
اللعبة التي أُجبر على لعبها لا أتحمّلها، و لهذا أنا أحاول إلغاءها نهائيا، فالإنسان لم يُخلق من أجل الأكل و الشرب و الجنس و فقط، بل خلق ليهنأ بالحياة، و العمليات الأولى هي وضعيات آلية يمرّ بها البشر، لدى لكل فرد طريقه !!!! و ها أنـــا أرسم طريقي.
السيّد: مــــزوار محمد سعيد
التعليقات (0)