الجيش هو درع الوطن الحصين و هو اليد التي تدافع عن المواطنين و من أهم عوامل الانتصار ضد الاعتداءات الخارجية هي قوة الجيش و وحدة الشعب و إخلاص القادة للوطن و في وطننا العراق فأن الجيش و الشرطة هما القوة التي تحمي حياتنا و حريتنا و طريقة عيشنا و نظامنا الديمقراطي ضد الإرهابيين و المجرمين , لكن القوة الكبيرة تحتاج إلى احتواء و تنظيم اكبر , فماذا لو خرجت هذه القوة عن السيطرة ؟؟
من المعلوم إن عاصمتنا تعاني الآن من الإهمال أكثر عما كانت عليه في السابق ما جعلها تتنازل عن منزلتها الحضارية العريقة لتبقى مجرد شوارع مغلقة , بنايات متهدمة , سكانها الذين أصبحت جزء منهم و أصبحوا يقدسون العيش فيها و الكثير من الجيش و الأسلحة و الآليات العسكرية التي حولت بغداد إلى معسكر كبير و منطقة تدريب حرة .
و إذا أردنا أن ننظف شوارع بغداد من الأوساخ لنعرف إن أكثر الأوساخ هي بقايا الدمار و الخراب جراء التفجيرات و العمليات العسكرية الحكومية و غير الحكومية و قبل أن نرفع هذا الركام لنرفع و نبعد أسبابه عن شوارع مدينتنا.
و قد اثبت علم النفس الحديث و من طرح المختصين من العلماء إن رؤية الأطفال لهذا الكم الهائل من الأسلحة في الشوارع بشكل يومي يولد لديهم شعور بالأمان تجاهها و تجعلها تصبح شيء معتاد لديهم كما هي المدرسة و الأسواق و المستشفى السيارات و الزرع و الشجيرات في المتنزهات ( التي نتمنى أن نراها و قد تم بناءها و ليس مجرد شعارات ) .
و لا يعرف الطفل أن هذه الأجهزة و الآلات التي يحملها رجل الأمن قد صممت للقتل و ليس لفرض احترامهم على الناس أو لزيادة جمال ضخام الجثة من رجال الجيش و بالتأكيد هذه الأسلحة ليست لتقريب صورتهم من أبطال السينما و شخصيات الأفلام الأمريكية , بل إن بعض الأطفال قد يذهب بعيدا في تقليد رجال الأمن في حمل الأسلحة و آلات الحرب و أجهزة كشف المتفجرات لأنهم يرون أن رجل الأمن أو أي شخص مسلح يحظى بالاحترام في الشارع و يملك كلمة مسموعة بل إن أوامره تنفذ بسرعة من قبل الجميع فيصبح هذا الرجل في مخيلة الطفل هو القدوة و المثل الأعلى الذي يطمح في الوصول إليه .
و بما إننا نتكلم عن هذا الموضوع فأننا بصراحة نعارض استخدام الأطفال في الدعاية لحملة فرض القانون أو أي عملية عسكرية , فعندما نرى في أي ملصق أو لافتة جندي من الجيش العراقي يحمل طفلا فهذا لا يعني إن الجنود متعاطفون مع الأطفال بل تعني إن الجنود هم داخل شوارعنا و بين أطفالنا .
نحن نفتخر بكوننا عراقيين و نحيي جنودنا الأبطال على كل ما بذلوه من جهد في سبيل نشر الأمن و القضاء على الإرهاب لكن هذا العدد الكبير و المتزايد من الجنود في الشوارع دون أي خطة لمرحلة السلام ما بعد خطة فرض القانون ( أو خطة فرض السلاح على المواطنين في الشوارع ) أو كيفية البدء بتقليل عدد الجنود المنتشرين و عدم وجود أي حلول بديلة تنذر بأن هناك أزمة محتملة في المجتمع و الشارع العراقي , و لو على المدى البعيد , و هي تبرهن لنا بأن في الوقت الحاضر القوة هي الحل الوحيد ( و طبعا السلاح هو الحل الأمثل ) .
فمتى ستنتهي هذه الخطة ؟ أليست مدة ثلاث أو أربع سنوات كافية لإثبات قوة الجيش ؟ ألم تمتلئ السجون بعد ؟
كل هذه التساؤلات تدور في خلدنا و تبحث عن إجابة لا نملكها.
لو أخذنا نظرة عابرة إلى الماضي لفترة خمس سنوات لا نجد سوى خطط و مفاوضات و عمليات عسكرية لفرض الأمان على المواطنين مع العلم بأن رب العائلة الاعتيادية العاطل عن العمل لن يشعر بالأمان مادام يعلم بأنه لا يملك طعام عائلته غدا مهما زاد عدد الجنود خارج بيته و إن المرأة التي لا تعلم كيف ستطعم أطفالها بعد أن فقد زوجها و العائلة التي تركت ابنها الوحيد في المستشفى لتبحث له عن علاج بعد أن يئست من استلام علاج من وزارة الصحة , هؤلاء لا يعنيهم عدد الجنود في الجيش العراقي أو تفصيلاتهم الحالية و لا يهمهم انتشار الجنود لإغلاق الشوارع ( لنشر الأمن عفوا ) .
كذلك الشباب لا ينظرون إلى المستقبل بتفاؤل , أي تفاؤل و هم لا يعلمون كيف سيبدءون حياتهم بعد أن حصلوا على تحصيلهم الدراسي الذي كان مهم سابقا فيكون الحل الوحيد لهم التطوع للجيش لأن هذا هو المكان الوحيد الذي تجري فيه التعيينات دون الاعتبار للشهادة التي يحملها .
و طوال خمس سنوات لم يتم بناء أي مؤسسة لتجعلنا نشعر بأننا نعيش في دولة اعتيادية بل مجرد نظام إداري لدفع الرواتب للموظفين الذين تم تعيينهم قبل أكثر من سبع سنوات , ولم يتم سوى بناء السيطرات بأنواعها و القطع الكونكريتية التي لا اعلم سر صفقاتها .
الآن لنأخذ نظرة إلى مستقبلنا, ماذا سيحدث للمجتمع بعد عشرة سنوات ؟ النظام السياسي سيبقى كما هو بالطبع, لكن هل نعتقد بأن الشباب في ذلك الوقت سوف يكونون مثقفين و مفكرين أو متعلمين على الأقل و نحن الآن لم نوفر لأطفالنا أي أساس للعلم سوى صورة مع جندي يحمل السلاح و يمثل الأمل بالنسبة لهم. أي أمل ؟؟
احمد محمد نعمة
التعليقات (0)