مواضيع اليوم

لنغير المسار !!

Fatma alzahra

2010-05-23 12:09:56

0


 

السعادة هدف يطمح له الجميع .. و ملايين البشر يصوغون السبل ويحيكون الخطط للوصول لهذه الغاية المفقودة .. و كل منا يعتقد السعادة في أمر معين وأنه الطريق الأمثل للوصول لذاك الشعور الجميل وتلك النشوة الشعورية الدائمة التي تسمى بالسعادة .... فمن يجمع المال يجمعه للسعادة.. ومن يسلك طريق العلم و المعرفة فلا يسلكه إلا من أجل السعادة .. ومن يتزوج و يجلب الأبناء يجلبهم للسعادة .. ومن يترقى في منصبه و يترأس أعلى المناصب فلا غاية له إلا السعادة .. ومن يعتقد بشيء و يؤمن به فأيضا من أجل السعادة .. ومن يعطي و يبذل فلأنه يبغى السعادة .. ومن يطالب و يأخذ فأيضا السعادة هي هدفه .. ومن ومن ومن ..و اللائحة لا تنتهي من السُبل والمسارات ولكنها جميعا تتحد في غاية واحدة و نتيجة واحدة ألا وهي السعادة ..و ما أستغربه هذه الأيام أن كل الأمور التي ذكرتها أصبحت الغاية منها هو جلب المال أيضا و ضخه على حياتنا بأي طريقة كانت .. فنسمع مثلا أن فلان قدم على بعثة للدراسة في الخارج من أجل أن يحصل على البورد الأمريكي أو البريطاني و إن عاد للبلاد فإن راتبه سيتضاعف .. فلم يحصل هذا الشخص على البورد من أجل العلم المعرفة في المقام الأول إنما من أجل المال .. كذلك من الناس من يتزوج من أجل الـ4000 دينار التي تمنحها الحكومة ممن ينوي الزواج بكويتية ، فيكون في ورطة مالية فيلجأ للزواج من أجل حل مشكلته فليس الزواج والاستقرار هو هدفه إنما هدفه الوصول للأمان والاستقرار المالي .. و كذا من يحرص على إنجاب طفل كل سنة حتى يزيد راتبه 50 دينار عند كل طفل ينجبه فليس الشعور بالأبوة هو دافعه إنما رائحة الدرهم والدينار هي من تحرك غريزته للإنجاب و كذا وكذا و كذا .. فلم تعد حتى الأمور الفطرية تمنحنا السعادة بحد ذاتها و نحتاج دائما لمحفز مادي لنقوم بها !! فأي خداع هذا الذي أصبح يختبئ وراء كل أمر في حياتنا !!! و أي سُبل للسعادة هذه التي اختزلناها جميعا و طوعناها للوصول للدرهم و للدينار !!


وقليلون جدا من البشر يوفقوا لأن يسلكوا الطريق الصحيح بنوايا صحيحة و يصلوا للهدف بأمان ودون خسائر كبيرة سواء كانت مادية أو نفسية .. أما الغالبية العظمى والسواد الأعظم من الناس فنفوسهم ترنوا لذاك الهدف و تتخبط يمنة ويسرى وتترنح بين ملذات الحياة وتصول و تجول في أزقة الحياة المادية وتيه المظاهر الخداعة و في النهاية - لأن العبرة دااائما في النهايات - تخرج خاوية القلب .. و خالية اليدين من أي سعادة تذكر وأي بهجة و تفاؤل من حق الإنسان أن يشعر به طالما كانت السعادة هدفه .... فلا أتلفت يمنة ويسرى إلا و أرى التعساء المحبطين من حولي .. تعساء وأشباح و أرواح بشر معذبة .. قد ظللت الهالات السوداء أعينهم الحمراء المليئة بالكدر والهم و الخوف من فقدان الكبسولة الفورية التي اعتادوا على التهامها كلما عاود شبح البؤس يخيم على حياتهم .. أما عن نبرات أصواتهم فحدث ولا حرج فلا تفوح منها إلا مشاعر اليأس و الفشل وركام قبيح من الإحباطات المريرة التي يتقلبون فيها يوميا و ينشون بعذاباتها كل ساعة .. وبين زحمة الأقنعة الملونة و ضياع الكلمات الساقطة من على الخط .. تفلت من أحدهم إيماءات مليئة بشعور لا أستطيع وصفه مهما قلت و شرحت .. .. و أقسم أنني لو شعرت به و تجمع ذاك الشعور في صدري لقتلني فلا يقوى قلبي على هذا الشعور ولا تسع كلمات المحدودة لذكره بين هذه السطور .. ولا يُسعفني الخيال لوصفه بالدقة التي يستحقها !! فكيف تتحملينه أيتها المسكينة البائسة و يا من سكن الخواء جوفك !! ويا من تملقتِ و تألقتِ في هندامك و ملبسك لاعتقادك أن الشعور الغالب عليك في حياتك من الممكن أن يُخفى بقليل من المساحيق المُبيضة وقليل من الرتوش التجميلية التي تطلين وجهك و ملامحك بها فيختفي ما في قلبك الحزين !! فإن صَمَتِ وصبرتِ فعيونك ستفضحك ! و إن تعاليتِ و مثلتِ فإن شعورك قادر على اختراق نبرات صوتكِ المتصارعة بين الحقيقة و الكذب .. بين الواقع والخيال الذي أجدت تمثيله بكل إتقان حتى كدتِ أنتِ أن تصدقيه !!


فلمَ هذه التعاسة ! ولمَ هذا اليأس ! مع أنكم منعمون ! والحياة أعطتكم الكثير ولم تأخذ منكم إلا ما تركتموه أنتم لها !! تركبون السيارات الفارهة وتسكنون أرقى القصور والعمران !! وتبذلون كل لحظة في حياتكم لتوفير الكثير من الكبسولات الفورية ذات المفعول السريع - ومع علمكم بضرر هذه الكبسولات و الشر الذي تجلبه ومع ذلك تصرون على ابتلاعها !!!!!!!! - للقضاء على أي ألم طارئ قد يعترض طريقكم و مَسلككم للسعادة التي تريدونها و تحلمون للعيش بها .. نعم نحن أغنياء بالمال لكن أرواحنا افتقرت كثيرا و باتت معدمة ( عمياء ) .. وكل يوم تُطلق أرواحنا هذه الإنذارات المدوية لتعلن عن وجود حاجات ماسة لم تُلبى بعد و نحن من فورنا نخرج شريط الكبسولات السحرية المخدرة للألم و نبتلعها - عناشف إن لم يتوفر الماء - فيسكن الألم برهة من الزمن ثم يعاودنا سريعا وبألم أقسى وأمر مما كان عليه من قبل و كأن شيء لم يكن !!


و ستمضي الحياة هكذا يا أيها التعساء .. ( تعاسة ثم كبسولة فورية ثم تخدير تام ثم شعور لا يوصف من التعاسة أقسى من الأول !! ) و إلى متى هذه الطريقة الفاشلة التي تثبت كل يوم وكل لحظة عدم كفاءتها وعدم قدرتها للوصول لمبتغانا جميعا نحن البشر !! لنغير الطريق .. لنبحث عن مَسلك آخر .. لمَ هذا التشبث المقيت بهذه الحلقة المفرغة و هذا الطريق الأوحد الذي قد يكون أكبر الطرق و أوسعها و أكثرها ازدحاما هذه الأيام .. قد يكون هنالك طرق بسيطة و مختصرة و أقلها تكلفة و أخفها جهدا !! لنترك هذا الطريق و لنترك كبسولاته المنتشرة على أرصفته الملونة كما تركوه القليلون جدا أمثال المليونير البريطاني كارل رابيدار .. و الذين أدركوا تماما أن ( المال ) و الجاه و الثراء مجلبة للهم و الغم و التعاسة ولا يستحق بحال من الأحوال أن نعتقد و نجزم أنه طريق للسعادة .. بل هو حقن تخديرية و جرعات من Pain killer الذي يقتل ذاك الشعور المرير و لم يكن يوما أصلا للسعادة ..


هذه دعوة مني لنفسي و لكل التعساء أمثالي و الذين اعتقدوا و لو لبرهة أن هذا الخداع الماكر ( المال ) و طريقه الملون يستطيع أن يسعدهم أو يوصلهم لهدفهم المُخزن في الوعي أو في اللاواعي عند من تتغير الأسماء لديهم و تتلون الأهداف في مخيلتهم فتظهر بكثير من الأقنعة و تتشكل بكثير من الأشكال ..ولكن يبقى الجميع يرنو للسعادة سواء حدث نفسه بها أم لم يحدث .. وسواء صارح الآخرين بها أم لم يصارح .. السعادة والشعور بالتفاؤل والرضا هو هدفنا و مأربنا جميعا .. و لنحاول طرد هذا الماكر ونمنعه من الاختباء وراء أحلامنا الجميلة وغاياتنا الفطرية التي هي بحد ذاتها تجلب السعادة الحقيقية .. و معنى السعادة في نظري لا يختلف إنما الاختلاف في طُرق الوصول لها .. و طرق الوصول أيضا منها الصادق ومنا الخداع الماكر .. و لذا لنُعمل عقولنا جيدا و نبحث في حياتنا عن طرق حقيقية أخرى للسعادة قد تكون أقل تكلفة وأقل ضرر .. و القاعدة التي تقول أن ما يحتاج الكثير من الإنفاق و بذل للأموال يكون أكثر متعة وسعادة قاعدة مكذوبة و غير صادقة .. لذا لنوصد ذاك الطريق المشع المبهرج بالشمع الأحمر و لنغلقه بالحديد المحمي و لنقطع الجسور الموصلة له و نضع عليه حراس لنمنع أي تسرب لهذا الطريق المؤلم الذي انغر به أغالب البشر فباتوا يسلكونه و هم مغمضوا الأعين و دون التفكير بالطرق الأخرى الأكثر منفعة و الأجلب للسعادة المرجوة لنا جميعا ..


أطيب المنى بحياة سعيدة .. 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات