ماهر حسين .
تمر مصر منذ ثورتها بظروف معقده حيث أنها تواجه العديد من المشاكل منها ما هو خارجي ومنها ما هو داخلي وبعيدا" عن أجواء المحاسبة والمحاكمة للنظام السابق ورئيسه و التي نرجو أن تكون عادلة وليست انفعالية بهدف الانتقام حيث إن العدالة لازمة وهامة لضمان أن تكون مصر الثورة المثال للدولة المدنية التي يرجوها كل مواطن.
يرافق أجواء المحاكمة كم هائل من المطالبات والتي تشمل أغلب فئات المجتمع وقطاعات الدولة حيث يعتقد أغلب أفراد الشعب وفئاته وموظفي الدولة في كافة القطاعات بأن ما يحدث الآن في مصر هو الفرصة لتحقيق المكاسب ولقد أدت هذه المطالبات إلى خلط الأوراق بين المطالب الحقيقية والمطالب الناتجة عن استغلال الظرف القائم وانعكس هذا بشكل سلبي على العمل بشكل عام مما اثر على الاقتصاد المصري ويرافق المطالبات العامة غياب الشرطة التي يحتاجها المواطن المصري للتعزيز الاستقرار في المجتمع المصري شاملا" لمواجهة إجرام البلطجية ومهربي المخدرات وغيره من القضايا التي تتعلق بحياة المواطن المصري وفي ظل كل ما سبق من مشاكل داخلية وإلى جانب أهمية التنمية الاقتصادية و العمل لتحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة وملف الوحدة الوطنية ودور الأحزاب الدينية والدولة المدنية وعودة الحياة لقطاع السياحة الهـــام والمؤثر ومع كل ما سبق من مشاكل داخلية ومنها الكثير الذي لم يُذكر هنا فإن مصر تواجه مشاكل خارجية لا تقل تعقيدا" عن مشاكلها الداخلية.
فعلى حدود مصر هناك السودان وإعلان دولة جنوب السودان وعلاقتها المميزة مع إسرائيل و نهر النيل الحيوي لمصر ومطالبات أثيوبيا لتغيير الاتفاقات المتعلقة بنهر النيل وهنـــاك سقوط النظام الليبي وتواجد قوات الناتو بالقرب من مصر بالإضافة إلى التوتر الكبير مع إسرائيل وما يحدث بسوريا والمسؤولية الأخلاقية المترتبة على ثوار مصر وجيشها اتجاه الثورات العربية والأنظمة العربية ويضاف إلى ذلك دور مصر وعلاقتها مع الخليج العربي وتركيا ودورها بالمنطقة وإيران وأطماعها بالمنطقة والملف النووي ونزع أسلحة الدمار الشامل بالمنطقة كلها بالإضافة إلى مشكلة سيناء التي تعٌبر عن تداخل العوامل الداخلية الخارجية للأزمة في مصر .
يضاف إلى كل ما سبق فلسطين... وبشكل خاص غزة ..هناك ومن فلسطين يوجد ...الانقسام.. حماس وارتباطات حماس بالمنطقة وعلاقتها بالإخوان في مصر وما يشكله من تداخل كبير يؤثر على الدولة المصرية ...المعابر والحصـــار ...التجاوزات الأمنية والتهريب والتطرف والخطر الأمني وعلاقة البعض مع منظمات إرهابية ..قضايا شائكة ومعقده والتعامل معها يكاد يكون أكثر تعقيدا" من أي قضية أخرى بظل التعنت الإسرائيلي وغياب فرص تحقيق السلام وللأسف وهو الذي يجعل المزاج الشعبي العام للتعامل مع قضايا فلسطين وإسرائيل حســاس لدى المواطن المصري .
إن المطلوب من مصر الدولة والنظام السياسي الجاري تشكيلة الآن ليلبي طموح شعب مصر ومليونياته المتعاقبة بالتحرير يحتاج إلى تضافر جهود كل مصري وتعاون كل عربي مخلص لتمر مصر من هذه المشاكل ويحتاج هذا إلى صبر والى عمل وبالطبع إلى تخطيط وبل إلى تفاني في العمل من أجل الحفاظ على الدولة المصرية لتنطلق لتأسيس جمهوريتها الجديدة بعيدا" عن التوريث وقريبا" من تحقيق أمال هذا الشعب الراغب بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية والطامح إلى استعادة دور الدولة المصرية على الصعيد العربي والإقليمي .
علينا أن نقف مع الحكومة المصرية والشعب المصري بأن نمنحهم الفرصة للعمل من أجل التعامل مع مشاكلهم الداخلية بما يضمن تجاوزهم للمرحلة الحالية وكما أن علينا أن نٌقوي الموقف المصري الرسمي والشعبي فنحن أكثر من يحتاج إلى مصر المتقدمة والآمنة والقوية والعزيزة والديمقراطية ...حيث بتحقق ذلك سيكون لمصر وشعبها دور أكبر وأكثر فاعلية بقضيتنا ولكن هذا يحتاج إلى وقت وعلينا عدم الاستعجـــال لأن الاستعجال توريط والتوريط الآن لا يصب بمصلحة مصر ولا شعبها ...من المهم لمصر أن تحافظ على مصالحها وأن تتفرغ للعمل الداخلي ومن المهم لها أن لا تكتسب عداء أحد ومن المهم لها أن تحافظ على اتفاق السلام مع إسرائيل فلا يعقل أن يكون هناك معركة داخلية لإرساء أسس نظام جمهوري حقيقي وبنفس الوقت معارك خارجية ...وفلسطين بشكل خاص يجب أن لا تكون عبئي على مصر الآن وإنما يجب أن يكون شعب فلسطين بكامله موحدا" و بالطبع مع قيادته الشرعية والسياسية الحليفة لمصر الدولة ولمصر الثورة وعلى قيادة كافة الفصائل الفلسطينية وكل من يتبعها ان تفهم بان مصالحها ليست أهم من مصر ..الجميع يجب أن يراعي الموقف المصري ويدعمه ويقدم له الدعم المعنوي وعلينا أن لا نكون خاصرة لمصر بل أن نكون رأس حربه لمصر وبهذا المنطق وبهذا العمل نقوم بما علينا اتجاه مصر ... مصر وشعبها وثورتها ودولتها ..ما دفعني لكتابة هذا المقال هو انتمائي لفلسطين وحبي لمصر فمن خلال متابعة الأخبار نجد وللأسف أخبار تشير إلى تورط لفلسطينيين في أعمال غير مقبولة بمصر ... بسيناء ..بالقاهرة ...بالإسكندرية ..هذا غير مقبول ويسيء لشعبنا ولقضيتنا وعلى كل ما يمارس هذا الدور أن يتعرض لعقاب وملاحقة من الدولة المصرية ومن أي سلطة فلسطينية يقع تحتها سواء من حماس في غزة أو السلطة الشرعية ... فمن المعيب دخول مصر تهريبا" من أنفاق الموت والتجارة الممنوعة ومصر من فتحت لنا الأبواب ومن غير المقبول استباحة الأرض المصرية واعتبارها بلا حدود فهذا غير مقبول و علينا أن نكون مع الدولة ومع ثورة الشعب وان نقدم الصورة الحقيقية للفلسطيني العاشق لامته العربية والداعم لها ...وهنا عندما نتحدث عن مصر فإننا نتحدث عن تاريخ مشترك ودماء تشاركنا بها وكلنا فخر بهــا .
علينا أن نعطي لمصر فرصتها وعلى الشعب المصري بأن يعطي حكومته فرصتها وعلينا جميعا" أن نقف بكل احترام تقديرا" لهذا الجيش العربي البطل المصري الذي حارب وقاتل على كل الجبهات في الحرب والسلم ووقف مع شعبه دوما" وها نحن نرى الآن بالمقابل ما يفعله الجيش السوري بحق شعب سوريا الأبي ...إن مصر وكل المخلصين يجب أن يفخروا بجيش مصر ويجب أن يمنح الشعب المصري الحكومة الفرصة لتقوم بدورها وعلى الفلسطينيين عدم تحميل مصر ما لا تطيق بهذه المرحلة الهامة...أخيرا" أقول بان العدل أساس الملك وأي محاكمة غير عادلة ستكون مؤشر لعدم استقرار وأقول بان الكل مطالب بمنح مصر فرصتها لتعود بهيه...مصر التي نحب ومصر التي نرجو أمانة وعلينا أن نؤديها بإخلاص .
التعليقات (0)