مواضيع اليوم

لنتفق اولاً حول مفهوم المقاومة..

فلسطين أولاً

2010-04-30 07:57:51

0

لنتفق اولاً حول مفهوم المقاومة..

المحامي زياد أبو زياد

تشهد الساحة الفلسطينية جدلاً حول مفهوم المقاومة في هذه المرحلة وخاصة بعد ان اتسع نطاق الحديث عن المقاومة الشعبية ونزول عدد من قياديي حركة فتح بالذات الى الساحة الشعبية للمشاركة في الفعاليات السلمية المناوئة للاحتلال.

ويأتي هذا النزول المكثف لقياديي حركة فتح الى ساحة الفعاليات السلمية ضد الاحتلال والاستيطان بعد أن كان رئيس الوزراء د. سلام فياض هو أول من شارك الجماهير هذه الفعاليات وبشكل بارز متحد للاحتلال وجنوده. ومع ان المرء ليرحب باتساع نطاق المشاركة القيادية في هذه الفعاليات الا انه ما زالت هناك ضبابة تحجب حقيقة ما اذا كانت هناك رؤية واحدة موحدة لمفهوم المقاومة الشعبية السلمية للاحتلال أم انه لا زالت هناك مفاهيم واجتهادات مختلفة لم تنضج بعد وتنصهر في بوتقة واحدة وتحت قيادة واحدة!.

فعملية القمع التي تعرض لها الصحفيون الفلسطينيون عند بوابة بيت لحم في اوائل الاسبوع الماضي لا يمكن النظر اليها كحدث عابر ناتج عن تصرف فردي في مكان الحدث، فالارجح انه جاء تنفيذاً لتعليمات أو أوامر من جهة أعلى او سوء فهم او تفسير لهذه التعليمات نأمل ان لا يتكرر!..

ففي لقاء عقده مسؤول فلسطيني كبير مع قادة الاجهزة الامنية تحدث فيه عن تطورات المرحلة ومقتضيات المصلحة الوطنية ثم أكد على قادة الاجهزة بأن يحرصوا على ان لا تنفلت الامور وتخرج من تحت السيطرة وتتحول الى انتفاضة ثالثة.

وهنا نطرح تساؤلاً آخر: ما هو الحد الفاصل بين المقاومة الشعبية السلمية والانتفاضة الثالثة وما هي الانتفاضة بشكل عام وما هي المقاومة الشعبية!..

لا شك ان الاتفاق على ان انتفاضة الأقصى لم تكن انتفاضة بمفهوم ومعايير وأشكال الانتفاضة الاولى سيوفر علينا الكثير من الجدل والجهد. فالانتفاضة الأولى كانت هبة جماهيرية شعبية اعتمدت الحجر والاطارات المشتعلة اداة للمقاومة، في حين ان «انتفاضة» الأقصى اشهرت السلاح فخرجت عن اطار المقاومة الشعبية وتحولت الى اشهار حرب بين أطراف غير متكافئة في العدة والعتاد، أدت الى تغيير صورة المقاومة الشعبية واعطائها صفة العنفية، الامر الذي انعكس سلباً على الشعب والقضية وأتاح للاحتلال فرصة تنفيذ وتمرير مخططاته الاستيطانية بما في ذلك الجدار والاغلاق والتي لم يكن ليستطيع تنفيذها دون اعطائه المبرر لذلك.

ونحن اليوم نقف على اعتاب مرحلة اخرى من المواجهة التي تفرض علينا نتيجة اصرار الاحتلال على رفض خيار السلام والحل السياسي وجنوحه الى الاستمرار في ممارسة القمع والقوة لتعزيز الاستيطان والاحتلال.

وعلى ابواب هذه المرحلة المصيرية الخطيرة لابد من توحيد الرؤية والمفهوم لوسائل المقاومة المتاحة واشكالها واهدافها دون لبس او غموض او حرج..

فالمقاومة الشعبية السلمية قد اثبتت نجاحها وفعاليتها في العديد من المواقع في العالم ولا يوجد اي سبب يمنع ان تنجح هذه التجربة على الارض الفلسطينية اذا ما مارسناها دون حياء او خجل او احراج او مزاودة على بعضنا البعض.

فوجود رئيس الوزراء في ساحة المقاومة الشعبية للاحتلال لا يشكل تحدياً لاي قيادي وطني فلسطيني اخر او اعتداء على دوره القيادي.

كما ان وجود اي قيادي وطني غير رئيس الوزراء لا يعني محاولة اخذ الشعلة من يده او منافسته، او القيام بدور رجل «الامن المتخفي» الذي يسعى لان يحول وجوده بين الجماهير الى منع هذه الجماهير من التطرف والخروج بأساليب المقاومة الشعبية عن حدودها وتحولها الى العنف. فنحن بحاجة الى تعميم ثقافة المقاومة الشعبية السلمية والتمييز بينها وبين العنف الذي نبذناه لانه اثبت عدم جدواه وتحوله الى سلاح ذو حدين.

والملفت للنظر ان الاصوات والتصريحات القادمة من قيادات حماس في قطاع غزة تدعو كلها الى ضبط النفس وتجنب المواجهة المسلحة لان المصلحة الوطنية تقضي ان لا ننزلق الى المقاومة المسلحة!! وهذا التوجه برز من خلال تصريحات نسبت للقائد الفتحاوي نبيل شعث والى رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية الذي قال ايضاً بأن «الحكومة-اي المقالة-تجري اتصالات مع الفصائل للحفاظ على التوافق الداخلي حماية لشعبنا وتعزيزاً لوحدته»...وجاء وزير خارجيته فتحي حماد ليكون اكثر وضوحاً حين قال: «ان اشكال المقاومة تتغير بتغير الظروف»...وتبعه الناطق بلسان حماس في غزة ايمن طه ليؤكد ويوضح التوجه الذي عبر عنه هنية وحماد وبشكل قاطع.

فالواضح ان قيادة حماس في قطاع غزة قد ادركت اخيراً ان اطلاق الصواريخ ليس مجدياً، وكذلك العمليات الاستشهادية، وان المصلحة الوطنية تقتضي ان تتغير اشكال المقاومة. وهذا الادراك جاء متأخراً خمسة عشر عاماً لاننا سمعنا مثله من قادة فتح في اوج عمليات حماس في الـ ٩٥ و٩٦ ولكن دون استجابة من حماس آنذاك، وسمعناه من بعضهم خلال الانتفاضة الثانية ولكن دون جدوى في هذه المرة ايضاً.

واذا كان هذا هو التوجه اليوم لدى كل من فتح وحماس وعدد من الفصائل الوطنية الاخرى، فإنه ما زال هناك على الساحة الفلسطينية من يتحدث عن المقاومة بكل اشكالها بما في ذلك المقاومة المسلحة ويرفض ان تكون المقاومة الشعبية السلمية هي البديل للمقاومة المسلحة!!؟

لقد عانى شعبنا كثيراً وعلى مدى عقود متوالية من المراهقة السياسية والفكرية، ومن ان تظل قضيته كفئران المختبرات تخضع للتجربة تلو الاخرى، ولقد آن لمن يمسكون بزمام القيادة ان يلتقوا عند فهم واحد للمقاومة وان يلتفوا حول برنامج وطني واحد يساعد في رفع الظلم الواقع على شعبنا ويتيح له فرصة الحياة الحرية الكريمة. فالمقاومة الشعبية السلمية ليست عيباً او عاراً وانما هي شكل من ارقى اشكال المقاومة الانسانية للظلم والقهر وهي الشكل الذي كان دائماً ينتصر...وسننتصر بإذن الله!







التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !