يوم 2 تشرين الثاني عام 1917 , منحت بريطانيا العظمى انذاك وعدها المشؤوم على لسان وزير خارجيتها بلفور وباسم صاحبة الجلالة الى اللورد روتشيلد اليهودي , ومنحت بموجبه ارضا لا تملكها الى اليهود المشردين في العالم الغربي , على حساب الشعب الفلسطيني الذي يعيش فوق ارضه منذ عدة قرون .واعتبرت الشعب الفلسطيني اقلية قومية , مطلوب مراعاة حقوقها .
منحت بريطانيا وعدها الظالم عندما كانت تخوض الحرب العالمية الاولى الى جانب فرنسا وروسيا القيصرية ضد المانيا والنمسا والدولة العثمانية .
وفي وقت كانت بريطانيا تتعاون مع الشريف حسين بن علي شريف مكة الذي يقود الثورة العربية الكبرى ضد الدولة العثمانية حليفة المانيا . وفي الوقت نفسه تأمرت على العرب مع فرنسا وابرمت اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916 , لتقسيم المشرق العربي بينهما , وما ان انتهت الحرب العالمية الاولى انفردت بريطانيا وفرنسا بتقسيم الغنيمة بينهما , بعد الثورة البلشيفية 1917 وزوال حكم القياصرة .ونصبت بريطانيا نفسها حامية على العراق وفلسطين والاردن , فيما نالت فرنسا سوريا ولبنان التي اجهضت الحلم العربي الذي راود الثورة العربية بقيام الدولة العربية الكبرى في بلاد المشرق العربي .
ومنذ العام 1920 عملت بريطانيا من خلال انتدابها على فلسطين , على تسهيل الهجرة اليهودية الى فلسطين حتى حانت الفرصة المواتية في 15 ايار / مايو/1948 فانسحبت بريطانيا من فلسطين دون اعلام الامم المتحدة , وبتنسيق تام مع العصابات الصهيونية المسلحة , وفي صبيحة ذاك اليوم انزل العلم البريطاني ورفع العلم الاسرائيلي .وبدأت مأساة الشعب الفلسطيني , تلك المأساة التي بات العالم الغربي هو المسؤول عنها .
ونحن نتذكر بدايات تلك المأساة لابد ان نشير الى خبث السياسة البريطانية حيثما حلت . فبريطانيا هي المسبب للصراع الهندي ـ الباكستاني , حيث قسمت شبه القارة الهندية الى ثلاثة دول ( الهند , باكستان , بنغلادش ) , وقد خاضت الهند وباكستان حربين بسبب الصراع على منطقة كشمير التي قسمت بين البلدين .
واذا نظرنا الى الاوضاع العربية فان معظم المشكلات الحدودية فيما بينها هي بسبب بريطانيا , وقد سببت خرائط الحدود التي وضعتها بريطانيا حروبا وازمات بين اكثر من بلد عربي , وما زالت تلك الحدود بدون حل حتى الان .
وبالمصادفة صدر قرار تقسيم فلسطين في 29 /11 /1947 , اي في شهر تشرين الثاني , وقد اثار هذا التوقيت حفيظة الشاعر الفلسطيني يوسف الخطيب وقال من ضمن ما قاله في قصيدة طويلة البيت الاتي :
لعنت تشرين باسم اللد العنه ....وباسم جرح على اللطرون منتحب
لقد مرت عشرات السنين وما زالت قضية فلسطين بدون حل , رغم توقيع منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق اوسلو مع الكيان الصهيوني عام 1993 .
السبب في بقاء هذه القضية بدون حل , هو الدعم الامريكي لهذا الكيان , فقد ورثت الولايات المتحدة زعامة العالم بعد الحرب العالمية الثانية , وتشربت كل خبث السياسة البريطانية , في تعاملها مع دول العالم ولاسيما دول الجنوب الفقيرة . حيث غلبت مصالحها الذاتية على مصالح تلك الدول .
لقد يأست السلطة الفلسطينية من مراوغات الادارة الامريكية ومعها اللجنة الرباعية برئاسة توني بلير رئيس وزراء بريطانيا الاسبق . ورغم ان الولايات المتحدة تتزعم العالم الا ان بريطانيا هي المحرك الدبلوماسي في الامم المتحدة , ولا ننسى الخبث البريطاني عندما تمت صياغة قرار مجلس الامن الدولي رقم 242 عام 1967 , فقد حذف اللورد كارادون سفير بريطانيا لدى الامم المتحدة ( ال ) التعريف من كلمة " تنسحب اسرائيل من اراضي احتلتها يوم الخامس من حزيران /يونيو 1967 " في حين كان النص المقدم الى مجلس الامن هو انسحاب اسرائيل من ( الاراضي ) المحتلة منذ يوم الخامس من حزيران 1967 . وعلى هذا الاساس فان اسرائيل ليست مجبرة الانسحاب من كل الاراضي التي احتلتها عام 1967 .الغرب الراسمالي الاستعماري لايهمه مصالح الشعوب الفقيرة , بل يهمه مصلحته وان خربت الدنيا . فهل تتعض الحكومات العربية بعد هذه الانتفاضات الشعبية , وتتعامل مع الغرب وفق مصالح الشعوب المقهورة ؟
2 تشرين الثاني 2011
التعليقات (0)