لم يعد هناك مسكوت عنه الآن لن نصمت. فـ«باتمان» يتكلم!
المصدر: الأهرام العربى
بقلم: دينا توفيق
ابريل 2011
23
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=480510&eid=2862
كلنا تساءلنا ونحن فى محنة الضمير الصحفى.
هل جميعنا نحن معشر الصحفيين فى فترة من عُمر هذا الوطن، قد فقدنا شرف وأمانة الكلمة وتفرغنا كأداة تزييف لوعى المواطن، وكنا بوقاً يلتف حوله منافقو السلطة لغناء نشيد إنشاد الرياء والخيانة الفكرية والمهنية والأخلاقية؟ وهل كانت الصحف القومية تُعبر عن الوطن أم كانت آلة جبارة تم تكريسها لتأليه عبقرية الرئيس محمد حسنى مبارك وحرمه وابنه وشرح وتبرير وإحلال للباطل وتزكيته فى رداء الحق وإضفاء الشرعية على ممارسات نظام ديكتاتورى إرهابى فاسد وحماية وضمان وتسويق فكر لصوص التشكيل العصابى الذى حكم مصر واحتلها ثلاثة عقود متتالية.
أيها السادة الأعزاء. لن أخفى على فطنتكم لعلكم تصدقوننى أننا جميعاً كنا فى مأزق ضمير فى كل موقع ووزارة و مؤسسة وهيئة ومصنع فى مصر، فقد كان هناك على ما يبدو اتفاق على تواطؤ جماعى على استمراء وتبرير ومحبة الفساد مع الفقه السائد المصاحب من المبررات الداعية له والمُكملة لحصنه الحصين من قاموس مصطلحات الاستقرار والخوف من الإرهاب والفوضى والدولة الدينية والعنتريات الناصرية. السيدات والسادة. إن وسط ما كان شائعاً ورائجا علينا الآن أن نتساءل. هل كان كل صحفى فى الصحف القومية منتفعاً وكاذباً و خائناً للكلمة ومن المرتزقة ومنافقاً وعميلاً للمباحث والنظام؟
دعونى فى المقام الأول أعتذر للقارئ ولأولادى وأسرتى وجيرانى ولمصر تلك البهية بأكملها. ليس لأننى كنت من هذا الفريق ولكن لكونى كنت مقصرة فى نقل الحقائق وإعلام الجماهير ولهذا أرجو أن ألتمس منكم «البراءة» فلا أحد كان يستطيع فى صحفنا القومية أن يكتب ضد منظومة رأس حية الفساد المبارك الأعظم وفرقة أركان حكمه وحزبه من طبال وراقص ومنحرف ومصور أفلام مشينة علاوة إلى أذرع أمنه ومنتخب مصاصى دماء الشعب الذين يطوفون من حوله. وعذرى سادتى أننى ربما الآن فى لحظة صدق مع النفس والذات أتصالح مع نفسى ومعكم، فأرفع رأسى وأقول إننا لم نشارك أنا والعديد من الزملاء الشرفاء فى الصحف القومية بكلمة أو حرف واحد فى مظاهرات وموالد الطبل والزمر فى ركاب المخلوع وحرمه ولا فى زينات مهرجان الوريث المقدس.
ولم أكن يوماً شيطاناً أخرس فلم أسكت عن قول حق يفضح ويعرى الآخرين من أبناء مهنتى من الخدام والراقصين على سلالم التفكير، كما يصفهم صديق مقرب ويقول عنهم المؤلفة قلوبهم فأستعير الوصف. كل ذلك يفعلونه على نغمة أى سلطان أو عسكرى أو غفير ليس فقط فى الصحف القومية و لكن الحزبية والمستقلة.
أعزائى. مبكراً أدركت وكنت أؤمن أن الشبكة العنكبوتية المسماه الإنترنت قد أهدت لنا طاقة نور سماوية جديدة قد نستطيع بها أن نواجه هذا التوحش للفساد، وهذا الوحش والطاغية الذى يديره فأسست مع صديقى القديم جداً وزميلى خالد طاهر جلالة، الصحفى السابق بمجلة روزاليوسف - بيتى الصحفى الأول الذى أعتز به - مدونة «باتمان» أو الرجل الوطواط منذ عام 2003، لقد كنا نصدق ونؤمن بألا سبيل للتغيير فى مصر إلا عبر النُخبة لذلك أردنا المساهمة فى خلق وعى آخر لدى جيل جديد فتوجهنا للشباب المتعاملين والمستخدمين للإنترنت بتحقيقات ومقالات ومعلومات كنا لا نستطيع أن نكتبها إلا بأسماء مستعارة، ووصلتنا عشرات من رسائل التهديد بالقتل والسحل على بريدنا الإلكترونى بل وفى التعليقات المصاحبة للموضوعات ذاتها فأصابنا الذعر والخوف، ولكننا لم نتوقف فقد كانت مئات أخرى من الرسائل ذاتها تصلنا لتدعمنا بل و تقدم لنا عديداً من الحقائق وتشاركنا بالإمداد بالمعلومات. وفى تلك الأثناء تعرض موقع مدوناتنا على موقع «ياهو» للتفجير الإلكترونى من الهاكرز مرتين متتاليتين، وقام فجأة المسئولون على الشبكة العربية لحقوق الإنسان بإلغاء جميع الموضوعات التى كنا ننشرها - كمخزن فى حالة إعادة تفجير موقوعنا على الياهو فجعلونا نفقد موضوعاتنا المنشورة على منتداها الإلكترونى لأسباب يدركونها ولا نعرفها نحن! وبرغم حرصنا على السرية وكتمان أسمائنا الحقيقية واعتمادى على زميلى وصديقى فى الإجراءات التأمينية التى اتخذناها لعدم متابعة وملاحقة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بنا والتعرف علي هويتنا أمنيا، إلا أننا شعرنا بأننا تحت المراقبة وقد انكشف أمرنا فتوقفنا عن نشاطنا فى المدونة!
لقد كان جهاداً إلكترونياً أبلغنا به جميع الصحف الحكومية والحزبية والمستقلة وأغلب كُتابها - ومنهم عبدالحليم قنديل منسق حركة كفاية الذى كان يتهكم على المدونين بأنهم مناضلو الفيسبوك والكيبورد - ولم يهتموا بما يدونه الشباب لأنهم كانوا مثل النظام لم يدركوا قيمة الوسيلة الجديدة كأداة فاعلة للتواصل. ابتكرها العلم الحديث وأقبل عليها الشباب، ليمارسوا فيها وبها الحرية والديمقراطية الافتراضية وليصنعوا منها أداة التغيير التى غيرت خارطة الوطن العربى الغارق فى عصر الحاكم الإله والحاشية الفاسدة والشعوب المستعبدة بكتائب البطش والبلطجة النظامية والعقاب الأمنى.
سادتى الأعزاء. لقد تسلح الشباب بلغة ومفهوم عصره واستوعب أدواته واستشرف بها حلولا لواقعه حتى يتحرك إلى حقه وينال ويعيش ويملك مستقبله فى كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، بينما كانت حكوماتهم تشيخ نائمة فى شخير متصل من تخمة الجشع وطول أمد الاستيلاء على المال والسلطة فى ساحة مستنقع كامل متكامل من الفساد السياسى والاقتصادى والتبعية للغرب وزع وتوزيع الفقر والتشبث باستمرار بقاء الباطل وبناء هياكل زائفة من حرية الصراخ.ولقد كتبنا مع غيرنا ممن كتبوا من الشرفاء في يوم 27 مايو 2008 الساعة: 01:16 ص فى مدونة باتمان العرب عن «أحمد ماهر» مؤسس حركة 6 إبريل وهو واحد من الشباب الذين تعرضوا للتعذيب على يد مباحث أمن الدولة لا لشىء سوى أنه أحب وطنه ويشاء الله السميع العليم أن يكون هو وغيره أحد قادة ثورة ميدان التحرير فى 25 يناير. ولأننى أؤمن إيماناً قاطعاً بحق هذا الجيل بوطنيته وفدائيته، يجب أن يتم تجهيزه وإعداده وتوظيفه وترك الفرصة له ليكتسب مزيداً من الخبرة والقدرة فى مواقع المسئولية وأن يعبر عن رؤيته وذاته دون وصاية.
ولأننى أؤمن بأن الشباب هو الأحق لقيادة هذا الوطن فقد حان الوقت أن يتم الدفع بدمائه ليشارك فى إدارة مصر لا لإقصائه فى مقعد صفوف المعارضة. وهو الجيل الذى بإرادته أزاح المستحيل وصنع الثورة. ولأهمية ما دوناه فى مدونة باتمان نعيد نشر مقالنا عن أحمد ماهر، لأنه مازال ينتج آثاره بما احتواه عن من صمتوا عندما تكلمنا والآن يركبون بكل صفاقة قطار الثورة!
التعليقات (0)