مواضيع اليوم

لم يبقى فى الميدان ِ ثوارُ

سعيد ابوالعزائم

2012-01-14 11:07:18

0

 

فى الذكرى الاولى لثورة الخامس والعشرين من يناير .......
                                    ( لم يبقى فى الميدانِ ثُوارُ )
تحتفلُ مصر ُ فى هذه الايام بمرورِ عام ٍ على ثورة الخامس والعشرين من يناير , تلك الثورة التى غيرت من وجه مصر وكشفت عن الصورة الحقيقية لمصر وللشعب المصرى الحر الأبى , الذى ومهما طال به زمن الاستبداد إلا أن شمس الحرية سوف تشرق من جديد وتمسح عن وجه مصر ما اعتراها من كآبة وحزن , لم أصابها تحت وطأة الاستبداد وظلم الفساد , والتاريخ خير ُ شاهد على أن مصر دائما تعيشُ حرة أبية بيد ابنائها وشبابها .
فى مثل هذه الايام خرجت جحافل المصريين فى كل بقاع مصر تنادى بالحرية وبالقضاء على الاستبداد والفساد وكانت الشرارة الاولى هى ميدان التحرير فى القاهرة وتبعه كل ميادين مدن مصر من الاسكندرية الى السويس الى اسيوط واسوان وكل ارض فى مصر , واصبحت الميادين هى رمز الثورة , ولم ينسى العالم كله صورة الشعب المصرى وهو مصطف فى ملايين ينادى برحيل النظام السابق وكيف كان الشعب المصرى يتظاهر فى صورة حضارية سلمية من شباب وكبار وصغار من رجال ونساء واطفال وكيف ظهرت عبقرية الشعب المصرى فى انتظام المظاهرات والتكاتف بين جميع طوائف الشعب, كلهم فى صوت واحد يردد( الشعب يريد اسقاط النظام) , وكم انبهر العالم اجمع الصديق والعدو البعيد والقريب , بتلك المظاهرات وذلك التوافق بين ابناء الشعب المصرى , حنى تحقق المطلوب وسقط النظام .
إننا اليوم وبعد مرور عام على الثورة وحينما ننظر الى الميدان الآن وهو رمز للثورة نجد الصورة قد اختلفت بل فد تبدلت , فبدلا من الانتظام نجد الهرج والمرج , وبدلا من ان نرى الشباب وهم يتظاهرون سلميا نجد جماعات من البلطجية وفد احتلوا الميدان واصبح الميدان مكان للتربح والبيع فى كل ما هو ممنوع ومحرم , بل والاقامة تحت الخيام وما ادراك ما يحدث فى جنح الليالى تحت الخيام , ثم بدأنا نرى جماعات من المسلحين الذين يتولون حماية هذه الخيام بالقوة وكأنها عصابات مسلحة , ثم بدأنا نرى ان تعامل قوات الامن والجيش قد اختلف مع المتظاهرين فنرى التعسف فى استعمال القوة والبطش من الجانبين ولا ندرى أين الحقيقة هل الامن وقوات الجيش هى التى بدأت بالعنف كما نرى فى الفيديوهات ام أن البلطجية والعصابات المسلحة هى البادئة؟؟ وكذلك اختلفت الاهواء فبعد ان كان الجميع فى الميدان كلمة واحدة , اصبحنا نسمع عن طوائف لا حصر لها فهؤلاء من الليبراليين وهؤلاء من العَلمانيين وهؤلاء من الاسلاميين المتشددين وهؤلاء من الاخوان الامسلمين وهؤلاء من المسيحيين المتشددين وهؤلاء فئات تنادى بزيادة المرتبات واصبحت المظاهرات الفئوية هى الرئيسية بل اصبحنا نسمع عن اعتصامات سائقى النقل العام واعتصامات عمال الشركات وهكذا اختلط الحابل بالنابل , وطبعا كل ينادى على ليلاه !!!!!!
إن المؤسف هو ان الميدان تحول من صورة فنية جميلة تعبر عن شعب مصر وثورة مصر تلك الصورة التى شاهدناها فى الخامس والعشرين من يناير حيث يقف الشعب والجيش فى صفٍ واحد ضد الفساد والاستبداد وحيث يقف المسلم مع المسيحيى والرجل مع المرأة والشباب مع الشيوخ كلهم رأى واحد وكلهم ينادون بمطلب واحد ألا وهو سقوط النظام , ولكننا الان نشاهد ميدانا آخرا غير ما شاهدناه فى الثورة . اننا نشاهد ساحة للقتال بين القوى المختلفة , فالليبراليون يرون أنهم هم اصحاب الثورة وان المجلس العسكرى ما هو إلا امتداد للنظام السابق وعليه فيجب ان تستمر الثورة حتى يسقط حكم العسكر و تكاتف معهم كل من لم ينجح فى انتخابات مجلس الشعب وخرج خالى الوفاض فى الانتخابات .
والاسلاميون بجميع الوانهم من اخوان مسلمين وسلفيين وحزب ووسط وقد كان لهم النصيب الاكبر من كعكة مجلس الشعب وخصوصا الاخوان فإنهم اعلنوا الهدنة مع المجلس العسكرى حتى يتسلموا السلطة فى مجلس الشعب وبدأنا نعيش معركة الاسلاميين والليبراليين والشعب يعيش فى حيرة من مع من ؟؟؟
وعلى الجانب الآخر نرى المجلس العسكرى وقد اصبح فى مأزق كبير حيث ثبت ان المجلس العسكرى ليس لديه الكفاءة السياسية لحكم مصر و لكنه لا يستطيع ان يترك الحكم ويحدث فراغا سياسيا فى بلد كبير كمصر , كما أنه بدأ يفقد رصيده عند الشعب المصرى فى بداية الثورة عندما انحاز للثورة ووقف معها , ولكنه الآ ن يقف فى مواجهة جزء من الثورة ويتعامل معه بعنفٍ اشد من النظام السابق , وهو موقف احسنُ ما فيه سيىء !!!!!!
وكذلك نرى أن المنافقين واصحاب المصالح وما اكثرهم على مر العصور قد تلونوا وركبوا الثورة وملأوا الفضائيات ينفثون سمومهم وكل يريد مصلحته هو والله اعلم بالنوايا ,فنسمع عن من يريد اشعال ثورة اخرى تاتى على الاخضر واليابس فى كل مصر ومن يريد ان يشعلها ثورة ضد الجيش ومن يريد ان نعود الى الميدان مرة اخرى , وللاسف فالشعب قد زادت عليه المعاناة وبدأ يفقد صبره وبدأنا نسمع همسات تحولت الى صرخات ان كفانا ثورة ولنعود الى العمل والانتاج , وهو نداء قد يكون هو آخر نداءات اهل العقول .
والأسوء من كل ذلك هو بزوغ نجم الاقليات وظهور شبح التقاتل بين ابناء الشعب فبجانب الاخوة المسيحيين الذى أفزعهم نجاح الاسلاميين وخصوصا السلفيين وما ينادى به بعض السلفيين من محاربة للفجور والرجوع الى الشريعة الاسلامية مما اقلق المسيحيين وجعل البعض منهم ينادون بالحماية الدولية لهم كمواطنين مصريين يتعرضون للظلم , ونرى الفتنة وقد ايقظها الخبثاء المتربصون بمصر فنرى من يتكلم عن حقوق اهل النوبة وكيفية استعادتها وعودتهم الى بلادهم التى رحلوا عنها والظلم الذى لاقوه على مر العصور السابقة , وكذلك نسمع عن من يتكلم عن حقوق بدو سيناء ومناداتهم بالانفصال عن مصر بحجة التمييز فى الخدمات بينهم وبين باقى طوائف الشعب المصرى , وايضا بدأنا نسمع عن تواجد الشيعة فى مصر وانهم مضطهدون ويريدون حريتهم والباقى أدهـى وأمر .
إن كل هذه الاحداث المؤسفة التى شاهدناها فى مصر بعد الثورة من تدهور الاقتصاد وانقسام الشعب الى فئات ومن اسلاميين الى ليبراليين وغيرهم ثم ما ذكرناه من انقسامات لتدل على أن الثورة التى وُلدت يتيمة , لأن ثورة الخامس والعشرين من يناير وُلِدت من رحم المعاناة للشعب المصرى بكل طوائفه ولأنها كانت نتاج التحرك الشعبى فلم يكن لها قائدا تسير ورائه وهى ميزة وعيب , فهى ميزة حيث انها كانت تمثيلا لكل الشعب ولكنها عيبا لأن اى ثورة لابد لها من قائد يوحد الرؤية والهدف , ولأن الثورة بلا قائد فهى اصبحت يتيمة الامومة حيث لا ام تلجأ اليها الثورة وتحنوعليها ,و لكانها وللاسف اصبحت متعددة الابوة , فالثورة كما يبدو لنا لها ثلاثة اباء وربما اكثر ,وكل اب من هؤلاء الثلا ثة يدعى انه الاب الشرعى للثورة ,وهؤلاء الثلاثة الاباء هم التيار الاسلامي ممثلاً فى الاخوان والتيار السلفى وحزب الوسط , والاب الثانى وهم تشكيلة من دعاة الدولة المدنية والليبراليين من يساريين وشباب وبعض الجماعات مثل 6 ابريل وكفاية والاب الثالث وهو المجلس العسكرى الذى ازاع للجميع انه من ناصر الثورة وذلك منذ البداية وقبل تنحى مبارك عن الحكم فى الحادى عشر من فبراير .إننا لا ننكر ان هؤلاء الاباء الثلاثة لهم دورهم فى حماية الثورة ولكن لا يجب ان ننسى دور الشعب بكل طوائفه , ذلك الشعب الذى قام بالثورة وحماها من الظلم والاستبداد ,وأن الثورة الآن يدعى ابوتها المئات بل الآلاف الذين يقولون انهم هم ابو الثورة وامها , وهم ابعد ُ ما يكونونَ ثوارا !!!!!!!!
والحقيقة المؤلمة الوحيد الآن هى أنه ( لم يبقى فى الميدان ثوارُ )
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !