كثيراً ما أصفق هذه الأيام لابن اختي كي اشجعه على المشي والمضي في محاولاته لكي يبدأ أولى خطواته على أرض الشقاء، وأنا بهذا التصفيق أعطيه الدافع ليواصل تكرار الوقوف والسقوط، وذلك بكل تلقائية مني وبدون أي ضغوط، أي ان تصفيقي عفوي الخاطر، وهو بالتالي بدأ كذلك يرد على تصفيقي بتصفيق مماثل.
فلمن تصفق أنت؟ هل سألت نفسك يوماً لمن تصفق؟ وهل التصفيق عندك يأتي تلقائياً وذلك حين تستحسن أمراً يدفعك لرفع كلتا يديك والتقائهم معاً، وأتسائل هنا، انحن محتاجون لايلام ايدينا كلما حلا لنا التعبير عن الرضا في أمرٍ ما؟، وهل نمارس فعل التصفيق فعلاً دون إشارة مسبقه، ودون ضغوط؟، هل فعلاً نحن نملك قرار عدم التصفيق لفلانٍ من الناس دون خوف او رهبه؟
كثيراً ما نرى التصفيق المنتظم او المعد سلفاً في البرامج الحوارية أو المتلفزة والتي يحضرها الجماهير، وذلك برفع اشارة ما ان يراها الجمهور حتى يبدأ بالتصفيق، او حتى العمل على تكليف أشخاصٍ مأجورين لتحفيز الجمهور على اداء التصفيق، ولكن ووسط كم التصفيق الذي يحيط بنا، هل نصفق بكل حرية، وبكل قناعة، ودون الشعور بازدواجية الفعل، بين ما نريد القيام به وما لا نريد القيام به.
هل التصفيق في وطننا العربي مرضٌ مزمن، فنحن نصفق لمن يستحق وكثيراً لمن لا يستحق، وكم طالعنا اشخاص يقولون كلاماً لا منطقياً، ليكون الرد هو التصفيق الحار الفارغ من المعنى، لربما جبننا يجبرنا على التصفيق والتأثير على قرار بعضنا الآخر، فإذا ما صفق اشخاص من حولك على كلامٍ ما، ستجد أن يديك وحدها بدأت تصفق هي الأخرى، نحن نصفق لكل من يعتلى منصةً أمامنا، ولكل خطيب فينا، وكأنها عدوى وانتقلت اليك دون ان تشعر ودون ان يكون لك حرية الإختيار.
اتصفق الآن على ما اقول، اسلبت بكلماتي حريتك، إنك تسأل نفسك الآن أعليّ أن أصفق أم لا؟.. أليس كلامي منطقياً، إن كان كذلك عزيزي القارئ فلك مطلق الحرية في التصفيق او عدمه.
أبوظبي - الامارات العربية المتحدة
التعليقات (0)