كان أن كتب الله علي أن شاهدت حلقة البارحة من برنامج حوار على القناة المغربية الأولى الذي يديره المذيع " المخضرم "مصطفى العلوي، ضرورة المشاهدة فرضتها طبيعة أحداث العيون و ما تبعها من حروب إعلامية طاحنة، اعتبر المغرب نفسه رسميا منتصرا فيها خصوصا على الصحافة الإسبانية، انتصر أم انهزم؟ المسألة ليست مسألة انتصارات و كسب نقاط، فمن الغريب أن تدخل دولة نفسها في صراع ضد جهات إعلامية معينة، أمر لا يقتصر على المغرب فقط، لاحظنا كيف اجتهد النظام المصري و توابعه و قنواته و منابره في حربه ضد الجزيرة. هل لقوة الجزيرة و حرفيتها و تحولها إلى جهاز يمثل دولة الإعلام الذي يؤرق دولنا العربية؟ أم لعيوب في الأنظمة العربية التي لم تستطع أن تؤسس إعلاما حرا و نزيها و قويا و ذات مصداقية ليأخذ بزمام الرد على هذه القناة ( المزعجة لهم) بدل أن تترك مشاكلها و أزماتها السياسية و الاقتصادية على جنب لتعارك القناة؟
بالعودة إلى موضوع أحداث الاثنين الأسود و ما تلتها من تبعات سياسية و إعلامية و بعد أن هدأ الوضع في العيون نسبيا لدى المشاهد المغربي، أما ما يجري في المدينة منذ الثلاثاء فهو حبيس أحاديث المنازل و المقاهي دون أن يصل إلى الإعلام المغربي خاصة المكتوب الذي اتكأ على الرواية الرسمية دون أن يكلف نفسه عناء صبر أغوار الحقيقة ما جرى و بطرق مستقلة، اتجه الإعلام الرسمي للرد على الصحافة الاسبانية التي ارتكبت أخطاء مهنية كانت حظوة الجهاز الإعلامي لدينا في أن يعتبر نفسه قد كسب المعركة.
الناصري جاء لمقر دار البريهي ليتحدث عن أحداث العيون و عن النصر الإعلامي وعن أمور أخرى على ما يبدو، كان من بينها غلق مقر قناة الجزيرة التي سبق قراره الأحداث بقليل، هذه الجزئية من الحوار تميزت بخروج لافت للنظر للصحفي مصطفى العلوي ليقرأ كلمات يبدو أنها معدة سلفا عن الجزيرة ذكر في مجملها اتهامات و ملاحظات ضد الخط التحرير ي للجزيرة ( القديمة و المعروفة ) و تحيزها و تعرضها لمساوئ المغرب و مشاكله الداخلية بصفة مستمرة مقابل عدم تغطيتها لأحداث و أزمات قطر من قبيل الانقلاب الذي شهدته الإمارة أو علاقاتها بإسرائيل أو مشاكلها الحدودية.....، العلوي تحول من صحفي يدير الحلقة و يطرح الأسئلة إلى بوق إعلامي يوجه رسالة إلى الجزيرة و إلى النظام القطري خصوصا وسط تصفيقات الحضور مع بعض الهمهمات التي قد تعني استغراب البعض أو امتعاضه.....
العلوي حمل رسالة إلى الجزيرة و إلى النظام القطري فمن صاحب الرسالة ومن له المصلحة في أن يزج النظام القطري في الحوار و بهذا الشكل؟ هل العلوي نفسه من أراد أن يسدي للحكومة معركة جانبية ضد شقيقة عربية خليجية، أم أنه عبد مأمور، كان ناطقا رسميا باسم جهات معينة، و للتذكير فالعلوي تحدث وسط ملأ يضم وزراء و نواب و مسئولين حكوميين بل و أمام وزير الاتصال الذي لم يبدي أي ملاحظات حول كلماته عن قطر، أما الحضور و كما أشرت فقد صفق للصحفي المبهر.
بهذا الشكل يظن السيد العلوي أنه حقق انتصارا آخر على الجزيرة و لعل الجهات الأخرى ستظن أيضا أنها أضافت لنصرها على الصحافة الاسبانية نصرا آخر، لكن أهكذا ينتصر الإعلام المغربي لنفسه و على نفسه و بهذه الطريقة؟
التعليقات (0)