ثلاث عشر مرشحا يتنافسون على مقعد رئاسة الجمهورية، جميعهم ينسبون أنفسهم إلى الثورة، ويحملون برامج انتخابية غاية في الروعة، ويتحدثون بكاريزما تؤهلهم لأن يحكموا دولة كبيرة مؤهلة للأستاذية في المنطقة، والمزاج العام للناخب المصري تتلاعب به وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي والنخب السياسية والفكرية، لأن المواطن المصري مثقل بأعباء كبيرة تقع على كاهله، وعلى رأس تلك الأعباء أوضاعه الاقتصادية والأمنية، فحسب المؤشرات الإحصائية الرسمية فقد أعلن رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر اللواء أبو بكر الجندي ارتفاع معدلات الفقر في البلاد إلى 25.2 في المائة خلال عام 2010 -2011 مقابل 21.6 في المائة في 2008 -2009.
ثورة الخامس والعشرين من يناير أسقطت رأس النظام، ولكن ما زال يتحكم بعض الفلول في معظم مفاصل النظام، ومن هنا فإن الوصف الوظيفي الأول والأهم لرئيس الجمهورية المقبل هو مدى قدرته لإحداث تغيير حقيقي في الجهاز البيروقراطي للدولة، وانعكاس ذلك على الواقع الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي داخل مصر وخارجها، وكي يتحقق ذلك يحتاج الرئيس إلى مرجعية شعبية وتنظيمية ومؤسساتية تسانده في حال قام بتلك الخطوات، وهذا سيؤثر على السلوك التصويتي للمصرين.
فما هي أهم محددات السلوك التصويتي للناخب المصري...؟
1- المحدد الديني:
المجتمع المصري هو مجتمع متدين بالفطرة، وهذا سيخدم بشكل كبير مرشحي التيار الإسلامي، عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي، وهذا بات واضحاً في محاولة كلا المرشحين من استقطاب مشايخ وعلماء الأمة، وكذلك الحركات والأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وأيضاً الذهاب إلى مؤسسة الأزهر والتأكيد على دورها الريادي في العالم أجمع.
أما الأقباط فهناك حراك واسع للوقوف خلف أحد المرشحين الليبراليين أحمد شفيق أو عمرو موسى، وكلاهما تحدث عن حرية المعتقد وبناء الكنائس من أجل حصد أصوات الأقباط وهم مكون رئيسي وهام داخل المجتمع المصري، ولكنه مقسم وغير منظم وهذا بات واضحا في انتخابات مجلس الشعب مطلع العام الجاري.
2- المحدد السياسي:
ويقوم هذا المحدد على التصويت من خلال قراءة البرامج الانتخابية وتحليل شخصية المرشح، وتحديد مصلحة مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومن ثم التصويت لصالح المرشح الذي يغطي ذلك، وللأسف هذه الشريحة هي ضعيفة وصغيرة مقارنة بالشريحة الأخرى التي ربما تذهب بأصواتها نحو أحزاب ساندت ودعمت على مدار عشرات السنين الشرائح المهمشة والفقيرة في مختلف المحافظات، وهنا سيكسب محمد مرسي بشكل كبير نتيجة نجاح جماعة الإخوان المسلمين طوال العقود الماضية في كفالة تلك الأسر.
3- التركية المجتمعية:
بلغت الأمية في مصر ما نسبته 28.6% عام 2006م، ونسبة الفقر بلغت 25.2%، ويوجد علاقة وثيقة بين الأمية والفقر، فمعظم من هم تحت خط الفقر هم أميون، وعليه فإن سلوكهم التصويتي سيؤثر به المحدد الديني والخدماتي وبذلك سيكون من نصيب مرشحي التيار الإسلامي محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح.
أما على صعيد الطبقة المثقفة والتي تضم أساتذة الجامعات والمثقفين والأدباء والصحفيين فإن مؤشرات الانتخابات النقابية الأخيرة تصب في مصلحة جماعة الإخوان المسلمين ومرشحها محمد مرسي، فالجماعة حصدت معظم المقاعد النقابية للجماعات والنقابات المختلفة.
4- محدد الكاريزما:
أيضاً هو محدد مهم لدى المصريين، وربما يمتلك المرشح عبد المنعم أبو الفتوح كاريزما خطابية جيدة، أيضاً ليست بعيدة تلك الكاريزما عن عمرو موسى ومحمد مرسي وحمدين صباحي ولكنها تغيب عن أحمد شفيق.
خلاصة القول: إن دلالات التركيبة المجتمعية المصرية تؤكد أن لغة الاستطلاعات عبر المواقع الالكترونية والموبايل لا تعبر بالضرورة عن المزاج الانتخابي للشعب المصري، وهنا لا أعتقد أن ملايين الفقراء يمتلكون حواسيب وشبكة انترنت كي يعبروا عن دعمهم لمرشحهم، وهنا سنشهد نتائج لا تنسجم بالضرورة مع نتائج الاستطلاعات وتبقى الغلبة الانتخابية للمرشح الذي ينتمي لحزب وتنظيم منظم له انتشار واسع وإمكانات قوية للتأثير وجلب الناس لصناديق الاقتراع ومن هنا أرى أن المرشح محمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح أكثر حظوظاً من أي مرشح آخر، وبين هذا وذاك فإن المنتصر الأول والأخير هي مصر.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)