يحضر اسم اسماعيل في الخطاب الاسرائيلي الديني والثقافي وحتى السياسي، بصفته امتدادا تاريخيا لشخصية اسماعيل التوراتي الذي نعتته التوراة بانه "يده في الكل ويد الكل به" والمراد ان يده تطال كل شيء ويد الجميع تطاله، في اشارة الى شراسته وعدوانيته ووحشيته وهمجيته.. فهو (هبّاط أودية) يسكن ونسله من بعده الفيافي والبوادي ويألف الصحاري والبراري.. فيما اسحاق (شهّاد أندية) ركن الى ديار أبيه يأنس بروابيها وأهلها ويسير على خطى والده ابراهيم وهديه .. أينما وجد اسماعيل وجد الخراب وحيثما وجد اسحق وجد العمار... يرمز اسماعيل الى حياة البدواة فيما يرمز اسحاق الى حياة الحضر...
ومع بروز نجم العرب والمسلمين الذين ارتبط نبيهم بنسل اسماعيل صار لقب الاسماعيليين في أدبيات علماءنا السلف مرادفا لعبارة عرب ومسلمين او يذكر نيابة عنهما.. مع ملاحظة ان كلمة اسماعيل لم تنحصر في مدلولها اللفظي الاصلي، فغدت تشير الى العرب بالمفهوم المجرد أي للا شارة والتعريف احيانا كثيرة، بيد انها ظلت تحمل شحنة عاطفية ودلالية في بعض الاحيان وفقا لطبيعة العلاقة السائدة بين اليهود والعرب.. علما انها ظلت على الغالب مقرونة بلفظ (أبناء العمومة) كأن يقال أبناء عمومتنا في اشارة الى العرب (الاسماعيليين)...
اما ما أعاد الى الاذهان سيرة اسماعيل التوراتي (الذي صار نبيا عند أبناء عمومتنا) فهو اسماعيل آخر سطع نجمه في زمننا الحاضر يتولى اليوم امارة غزة هاشم قاهرة المغول.. يتحالف مع الشيطان (ايران)، على نهج سلفه الحاج امين الحسيني الذي تحالف مع الشيطان (هتلر) لكنس اليهود من فلسطين و "تطهير القدس والاقصى من دنسهم"....؟!
اذن عدونا يجهر بنواياه ويضعنا في سلم أولوياته ولا يستنكف من التحالف مع الشياطين والعفاريت وتكديس ما أمكن من أطايب الصواريخ والوسائل القتالية، واستحضار كل ما هو متاح من السور القرآنية والاحاديث النبوية التي تحث على ابادة اليهود، وإقحام عصور الاستعمار الصليبي في الخطاب السياسي، وزج الخطب المنبرية في المعركة، والسماح لمائة من الشيعة الموالين لملالي ايران باقامة حسينية على اراضي غزة، وحشد التأييد لاسد سوريا الذي استباح دم شعبه بدعوى دعم سوريا للمقاومة وايواءها لمشعل الصمود والتصدي، كل ذلك في سبيل دحر العدو الصهيوني وتحرير فلسطين (التاريخية) من النهر الى البحر....
حتى أصبحنا نصحو خلال السنوات الاخيرة على أزيز المفرقعات النارية الحمساوية "تدك" قرى ومدن الجنوب الاسرائيلي، ونبيت على أنغام العمليات "النوعية" و "الجهادية" التي ينفذها أشاوس اسماعيل هنية في "العمق الاسرائيلي"...
في الغالب تسكت اسرائيل على مضض مانحة فرصة لحماس للملمة رجّالتها وولدها العاق الجبهة الشعبية وبنتها العاقة الجهاد الاسلامي وأخواتهم.. فاذا نفذ صبر اسرائيل أرسلت عليهم طيورا أبابيل مسعورة لتهلك الحرث والنسل لكن سرعان ما تتبدل الاوامر الاسرائيلية (لا تأخذكم بهم رحمة) بتعليمات تقتصر على "تأديب" حماس ومنحها مزيدا من الوقت لكبح جماح كتائبها المنفلتة من عقالها... هكذا تستمر لعبة (الفيل والبعوضة) حتى يسأم احدهما او كلاهما، بانتظار الجولة القادمة....
فيما صاحبنا اسماعيل لا يألو جهدا ولا يضيع وقتا الا ويستثمره في تكديس المزيد من الصواريخ وفي فتح اراضيه وفتح قلوب وعقول جمهور المؤمنين في غزة على مصراعيها امام الطامع الايراني المتلهف الى توسيع مستعمراته وزيادة قواعده العسكرية والمخابراتية ونشر ثورته الخمينية... وينساق وراء الخطابات "الثورية" و "التحريرية" التي تصدر عن الملالي في ايران ولبنان، فيعود الى عادته القديمة في منافحة اسرائيل وجس نبضها واختبار صبرها باطلاق مفرقعاته النارية باتجاه الجنوب الاسرائيلي... وهو بفعلته هذه يثير حفيظة اسرائيل مرتين، مرة لان اسرائيل ترفض وجودا ايرانيا على مرمى قوسين او أدنى من الاراضي الاسرائيلية، والثانية هي ارهاب سكان الجنوب الاسرائيلي على نحو شبه دائم...
وغني عن القول إن اسرائيل ترصد قطاع غزة على مدار الساعة، وتصور "المقاومين" وهم يكدسون السلاح والصواريخ في المقابر والمباني السكنية، وتتابع عملاء الملالي وهم ينقلون العتاد والسلاح الى غزة من السودان وايران وسوريا وسيناء...
كما أننا نعترف بكبواتنا عندما تصاب أمرأتان لا ناقة لهما ولا جمل او يصاب مدنيين، بنيران اسرائيلية خلال ملاحقة مطلقي الصواريخ بين المباني السكنية... اللهم ان هؤلاء "المقاومين" قرروا استخدام سطوح المنازل السكنية دون ابلاغ أصحابها او طلب إذن منهم... فيما لم نسمع ابدا ان رجّالة حماس اعترفوا يوما باستهدافهم للمدنيين الاسرائيليين... وعندما نتابع التغطية الفلسطينية لمثل هذه الاحداث نجدها مغرقة في النظرة الاحادية للوقائع... وكأن جنرالات اسرائيل قرروا فجأة ان يخرجوا الى رحلة صيد في أجواء غزة... فلا تذكر هذه المصادر مثلا بان استهداف حماس لحافلة مدرسية اسرائيلية تقل طلابا، هي التي جعلت (الفيل) الاسرائيلي يخرج عن طوره فيرد على النار بالنار ويفل الحديد بالحديد..
مرة أخرى نوجه خطابنا الى فخامة أمير المؤمنين اسماعيل هنية ... لملم عيالك يا اسماعيل وسيبنا بحالنا... سيبنا نعيش وإياكم كما بقية البشر... توقف عن هذه الالعاب النارية العبثية... اذا كنت تملك الحجة والبرهان بان حقك أنصع من حقنا فدونك والمناظرات والفضائيات وبرامج الرأي والرأي الآخر والاتجاه المعاكس وغير المعاكس والمنتديات الالكترونية وغير الالكترونية والمدونات والدواوين والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة... لماذا تخشى الاحتكام الى المشاهد والقارئ العربي ؟! اما إخضاع اسرائيل بترويع مواطنيها، فتلك مهمة دونها خرط القتاد ...
شاهدوا هذه اللقطة من احد المواقع الاسرائيلية الاخبارية تظهر "مقاومين" يطلقون الصواريخ باتجاه اسرائيل من مقبرة في حي السجعية في غزة! قبل ان يلوذوا بالفرار:
www.mako.co.il/news-military/security/Article-843806c876a3f21004.htm
وهذه صورة للحافلة الاسرائيلية التي تم استهدافها مع ان لونها الاصفر المتعارف عليه دوليا يشير الى كونها تقل تلاميذا :
التعليقات (0)