نتفق مع الرأي القائل بتعدد الجهات والعناوين التي قد يكون لها موقفا عدائيا من الرئيس علي عبد الله صالح وسياساته المشوشة المربكة..وكذلك مع حجم المصاعب التي قد تعترض مهمة تحديد الاطراف التي من الممكن ان تقدم على عملية اغتياله داخل القصر الرئاسي مع كل التشدد الامني المفترض المتزامن مع دخول الرئيس في مواجهات مسلحة شرسة مع آل الاحمر..ونتفهم كذلك عسر التوصل بالدقة والجزم المطلوبين لليد التي قامت بالضغط على الزناد بسبب حساسية المكان وتحصيناته واشتراط الامكانات الضخمة والتفوق الاستخباري واللوجستي للجهة التي قد تقدم على مثل هذه العملية المعقدة..
ولكنه قد تكون الصعوبة الاكبر هي في تقبل كل ذلك التعتيم المريب والتمويه الذي يبعث على الاستغراب على طبيعة ودوافع واسباب التفجير الذي استهدف الرئيس اليمني والخفة الغريبة الاقرب الى اللفلفة وتقنيات فض المجالس التي رافقت محاولة عزوه الى تصرف عدائي من قبل احد اقارب الرئيس ولاسباب تتعلق بخلافات شخصية سابقة..وهو الامر الذي قد يوحي بتورط جهات اقليمية فاعلة ومتداخلة مع الشأن اليمني في الحادث..وباتفاق مع جهات اخرى يستدعي التعمية على دورها في العملية الذي وان استبعدنا عنه التنفيذ المباشر لاسباب كثيرة لا تخلو من المنطق ..فانه لن يخطئ التمويل والتحريض قطعا..
فنظرة بسيطة الى الاهداف المحتملة لعملية الاغتيال وتمريرها على الاحداث السابقة التي شهدت تحركا واسعا وغير مبرر لبعض القبائل اليمنية معروفة ومشخصة التبعية والارتباطات وتزامنها مع عمليات لا يمكن اخفاء صفتها الدعائية من قبل تنظيم القاعدة ..قد تحيلنا فورا تفسير مرعب للاحداث يقدم امكانية استنساخ السياسة العدائية التي اتبعت في العراق وخصوصا في الفترة التي سبقت ورافقت تفجيرات سامراء والاحداث التي تلتها كعامل تفجير وخلط للاوراق وحرف للعملية السياسية الفتية عن مسارها الصحيح..
فليس من المستبعد ان تكون محاولة اغتيال الرئيس صالح فقرة مطلوبة لاطلاق سلسلة من ردود الافعال التي تشكل في مجموعها سيناريو لاقتتال داخلي مدمر ينسف كل التوجهات الثورية للشعب اليمني الشقيق ويدخل المنطقة في اتون حرب اهلية طاحنة تتراجع امام جبروتها الشعارات التحررية والمنادية بالامن والسلام واعلاء حقوق الانسان ..
ان مثل هذه التفلتات وعلى الرغم من تحصلها على تواطؤ غربي واضح يجب ان لا تمر مرور الكرام خصوصا مع وجود رغبة ونية وبرنامج واضح من القوى المعادية للشعوب في استهداف الديمقراطيات العربية الناشئة مما قد يدفع بتلك القوى الى تكرار تلك التجارب المؤذية والمدمرة للامن والاستقرار والوحدة الوطنية في اماكن وضد مجتمعات وشعوب اخرى..
فالصورة التي تبدو الآن هي محاولة قتل مع سبق الاصرار من قبل قوى معينة تحاول الان ان تتصدر عملية الاجهاض المفترض للحراك الشعبي اليمني من خلال التحكم بمغاليق ومفاتيح الازمة وتحديد المسارات والسبل التي يجب ان تتخذها..
ان الشعب اليمني الصابر الكريم مطالب اليوم اكثر من اي وقت مضى بدعم ثورته المباركة والالتفاف حولها وتعضيدها والتمسك بخطابها التوحيدي الجامع وشعارها السلمي الحضاري..لكون الثورة اليمنية تعد الان بامتياز في ادق مواقع الدفاع والمنافحة عن مجمل مسيرة الثورات العربية المظفرة..وثوار اليمن الان هم واخوتهم في سوريا الطليعة التي اختارها القدر لتكوون السد الذي تتكسر عليه قوى الثورة المضادة التي تزداد توحشا وانفلاتا واستخفافا بالقيم الانسانية الكبرى وحقائق الحياة..وينتظر من الثوار الابطال الوعي التام بالتداخل المؤسف للخنادق وتعدد جبهات التدخل الخارجي الذي تستر طويلا خلف العمل المشترك من خلال المبادرة الخليجية ولكنه عاد ليسفر عن وجهه الضيق يوما بعد يوم الى الدرجة التي حدت بدولة مثل قطر الى الانسحاب من المبادرة نتيجة لتفرد احد الاطراف"التي نقدرها ونحترمها"كما تقول الخارجية القطرية في عبارة مهذبة قد تعني انه ليس الى الدرجة التي نتورط بها معها..
التعليقات (0)