إنشاء بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي سنة ١٩١٣ كان أحد الأمور التي لها تأثير على المضاربة على أسعار صرف العملات حيث كان الزلزال الذي وقع في مدينة سان فرانسيسكو بتاريخ ١٨ أبريل سنة ١٩٠٦ أثر كبير على حركة الأسواق ورأس المال التي تسبب بالأزمة المالية التي حصلت سنة ١٩٠٧ والتي تعد الجذور التي نبتت منها فكرة تأسيس بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي. الزلزال الذي كان بقوة ٧.٩ تقريبا بمقياس ريختر نتائج كثيرة من ناحية الخسائر في الأرواح والتي بلغت تقريبا ٣٠٠٠ قتيل وخسائر مادية كبيرة حيث تحولت أجزاء من المدينة إلى مجرد أطلال وأكوام من بقايا المباني. أحد النتائج الكارثية كان التأثير على الأسواق المالية حيث جعلها مضطربة وغير مستقرة وبمجرد محاولة أحد أكبر الصناديق الإئتمانية (Knickerbockers) بطريقة إحتيالية الإستحواذ على أسواق تجارة النحاس سنة ١٩٠٧ بمشاركة من بنوك أخرى كان لها دور ثانوي, حتى إنفجرت أزمة مالية وأزمة في سوق الأسهم وخصوصا أن (Knickerbockers) كان أحد أكبر البنوك في أمريكا. الأزمة المالية إنتهت بعد تدخل جي بي مورجان(J.P. Morgan) وإستدعائة لمدراء البنوك والمؤسسات المالية الكبرى وعدم السماح لهم بالخروج من منزله حتى التوصل إلى إتفاق لتهدئة السوق المالي وضخ كميات كبيرة من النقد لإعادة الإستقرار. الأزمة المالية سنة ١٩٠٧ أثارت المخاوف من حصول أزمات مماثلة تؤدي إلى نتائج ذات أثار دائمة وكارثية حيث برزت الحاجة إلى وجود بنك مركزي في امريكا يؤدي مهمة تنظيمية بالإضافة إلى إقراض البنوك الخاصة المال اللازم للخروج من أزماتها المالية. قد أدرك أصحاب الفكرة أنها لحاجة إلى تمهيد ودعاية وأنه لا يصلح فرضها بشكل مفاجئ وإلا سوف تفشل كما فشلت فكرتان سابقتان حيث كان هناك مايمثل بنكان مركزيان في أمريكا في سنة ١٧٩١ بمرسوم ينتهي العمل به سنة ١٨١١ ولم يتم التجديد من قبل الكونجرس والأخر سنة ١٨١٦ مع مرسوم صلاحية لعشرين سنة حتى ألغاها الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون سنة ١٨٣٦ بعد إنتهاء فترة المرسوم المحددة بعشرين عاما. التجربتان السابقتان أثبتتا الحاجة إلى بنك مركزي ذو صلاحية واسعة وقدرة مالية ولا يرتبط سوى إسميا بالهيئات الحكومية بينما هو مملوك لهيئات وبنوك خاصة فبدأت الفكرة بالهيئة المالية الوطنية(National Monetary Commision) حيث تم عمل ندوات وحوارات وورش عمل للترويج للفكرة وتم دعوة ملاك البنوك وأصحاب المال والأعمال لتلك الندوات والحوارات التي كانت تناقش فيها تلك الفكرة. سنة ١٩٠٩ نضجت فكرة البنك المركزي الأمريكي وفي سنة ١٩١٠ تم دعوة نخبة من رجال المال والأعمال وأصحاب البنوك إلى جزيرة تابعة لولاية جورجيا تدعى (Jekyll) وذالك من قبل السيناتور نيلسون أندريتش (Nelson W. Aldrich) وتم إعلامهم بضرورة التكتم والسرية وتجنب وسائل الإعلام بكل وسيلة ممكنة حيث تم إتباع طرق السفر بالقطار والحافلات بداية من ولاية نيوجرسي ثم إنتهاء في جزيرة (Jekyll). كانت نتيجة ذالك الإجتماع هو ما أصبح يعرف بقانون أو ورقة عمل(Aldrich) والتي أصبحت نواة بنك الإحتياط الفيدرالي حيث تم إعطائها قوة تشريعية بتحويلها إلى قانون نافذ وخرجت إلى النور بتاريخ ٢٣\ديسمبر\١٩١٣ حيث تم إقرارها من قبل الكونجرس بأغلبية كبيرة وأصبحت واقعا على الأرض في نوفمبر ١٩١٤. كانت ورقة عمل Aldrich تحتوي على الكثير من النقاط التي حاول فيها تجنب الأعتراضات على تأسيس وطريقة عمل البنوك المركزية فمثلا تمت تسمية المؤسسة الوليدة ببنك الإحتياطي الفيدرالي وليس البنك المركزي الأمريكي. كما أن البنك لم يتكون من مؤسسة مالية مركزية واحدة بل هو مكون من مجموعة بنوك إحتياطي في مختلف الولايات الأمريكية ويدار من قبل مجلس الإحتياطي الفيدرالي الذي يتم تعيين أعضائه من قبل الرئيس الأمريكي ويكونون خاضعين لسلطات مجلس الشيوخ وليس النواب. نظريا تبدو هيكلية البنك لا مركزية وديمقراطية ولكن في الحقيقة فإن بنك الإحتياطي الفيدرالي في نيويورك هو من يتحكم بسياسة بنك الإحتياطي الفيدرالي ويدار بنك الإحتياطي الفيدرالي في نيويورك من قبل مجلس المديرين يرأسهم شخص يطلق عليه حاكم البنك ويتم إنتخابهم من قبل حملة الأسهم وليس من قبل السياسيين حيث أن حملة الأسهم هم من المساهمين في أكبر بنوك نيويورك. وفي سنة ٢٠٠٨ تحقق أحد الأهداف التي أنشئ من أجلها بنك الإحتياطي الفيدرالي حيث تم القيام بأكبر عملية إنقاذ مالي من الإفلاس في التاريخ لبنك (City-Bank) حيث كان ملاك (City-Bank)والذي في الأصل كان مؤلفا من البنك الوطني الأول(First National Bank) لصاحبه فرانك فانديرليب وبنك المدينة الوطني(National City-Bank) لصاحبه تشارليز نورتون, هم من المؤسسين لبنك الإحتياطي الفيدرالي ومن المشاركين في إجتماع جزيرة (Jekyll) والتي أنتجت قانون أو ورقة عمل (Aldrich). في الختام أحب أن أقوم بالتنويه إلى نقطتين لم تتح لي الفرصة شرحهما بإستفاضة مخافة التأثير على الفكرة الأساسية للموضوع وهي الخلفية التاريخية لإنشاء بنك الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي. النقطة الأولى هي أن الأزمة المالية التي حصلت سنة ١٩٠٧ إثر زلزال مدينة سان فرانسيسكو كما ذكرت في الموضوع, تعد واحدة من أكبر وأمهر عمليات الإحتيال المالي التي حصلت حتى تاريخه, فهي أزمة مفتلعة لم يكن لها أي علاقة بالزلزال وإنما حرب مصالح تجارية ومالية تم إستغلال الزلزال وحالة الفزع والإرتباك للتغطية والتعمية والتضليل على الرأي العام في أمريكا والعالم. النقطة الثانية هي تفاصيل ماجرى وراء الكواليس والمتعلقة بإنشاء مايمثل بنكين مركزيين في الولايات المتحدة والإجتماع الذي عقد في جزيرة جيكل(Jekyll) والذي مهد لإنشاء بنك الإحتياطي الفيدرالي وعلاقة ذالك بحادثة غرق سفينة التيتانيك. إن النقطتين الذي ذكرتهما سابقا هما من الأهمية بالنسبة لي لشرحهما وتوضيح غموضهما للقارئ العربي, أنني سوف أقوم إن شاء الله بكتابتهما في موضوع منفصل أو أكثر لو إقتضى الأمر ذالك. مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة http://science-culture-knowledge.blogspot.ca/2014/10/blog-post_19.html النهاية
التعليقات (0)