مواضيع اليوم

لمحات من تاريخ الثورات السلميه في العالم- الحلقه الثانيه

عبدالكريم صالح

2011-10-15 13:31:07

0

ومع نهاية الحرب عادت الأنظار الى الداخل اليوغوسلافي، حيث كان ميلوسيفيتش في وضع محرج بعد الهزيمة امام الناتو وارتفاع اصوات الاستقلال في كوسوفو التي يعتبرها الصرب حاضنة لجزء كبير من تراثهم القومي وذاكرة أجيالهم ومهد الكنيسة الصربية الارثوذوكسية.شرة من الشعب بدلا من مرتين عبر البرلمان وقد وجدت المعارضة في ذلك محاولة التفافية منه على الدستور لأن التعديل طُرح ليوفر لنفسه فرصتين جديدتين للترشح بعد ولايتيه المنتهيتين.توحدت 18 من احزاب وقوى المعارضة ضد الديكتاتور في جبهة المعارضة الصربية ورشحت القومي "فويسلاف كوستونيتشا" لمواجهته في الانتخابات الرئاسية المبكرة التي دعا إليها في ايلول/سبتمبر 2000م، ولكن بناء على تعديل دستوري يسمح بانتخاب الرئيس لولايتين الى "ميلوسيفيتش" المرتعب من الحشود عرض ان ينسحب من الدورة الثانية شرط ان يكمل ولايته حتى حزيران/يونيو 2001 م الا ان المعارضة رفضت وواصلت تحركها فاستقال في 5 تشرين الاول/أكتوبر2000م واعترف برئاسة "كوستونيتشا "للبلاد.اجريت الانتخابات في 24 ايلول/سبتمبر 2000م وقاطعتها غالبية سكان الجبل الاسود "مونتينيغرو" وألبان كوسوفو وأعلنت المعارضة فوزها بأكثر من 50% من الاصوات لكن السلطة رفضت قائلة ان احدا من المرشحين لم يجتز الـ 50% وبالتالي لابد من دورة ثانية، بمواجهة هذا الموقف طلبت المعارضة من انصارها النزول الى الشارع للاحتجاج على النظام، وبدأ العصيان من شركات الكهرباء، حيث اضرب العمال وتصاعد الاحتجاج حتى 5 تشرين الاول/أكتوبر 2000م عندما توافد مئات الآلاف من الصرب الى العاصمة بلغراد للمشاركة في الاعتصام وعجزت قوات الشرطة والأمن عن مواجهتهم، فاقتحم بعضهم مبنى البرلمان واضرموا النار فيه، كما هاجم آخرون مبنى الاذاعة والتلفزيون وبينهم جو على "البلدوزر" وما ان تسلم الاخير الرئاسة حتى دعا الى انتخابات برلمانية ديموقراطية في ديسمبر حصلت فيها المعارضة على اغلبية الثلثين، وفي 2001 م سلمت المعارضة التي تحولت الى سلطة حاكمة ميلوسيفيتش الى المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغوسلافيا لمحاكمته وقد توفي خلال سير المحاكمة في اذار/مارس 2006م. وخلال السنوات اللاحقة عملت صربيا على تسليم كبار المطلوبين من مرتكبي جرائم الحرب في ظل نظام ميلوسيفيتش بعد ساعات فقط من تنحي "ميلوسيفيتش" عن الرئاسة عام 2000م أنهت روسيا تأييدها له واعترفت بخليفته "كوستونيتشا"، وأولى نتائج هذا التحول كانت رفع العقوبات الدولية المفروضة على بلغراد وتطبيع علاقاتها مجددا مع المجتمع الدولي وتوج انصار المعارضة انتصارهم باحتفالات صاخبة في ساحات العاصمة وتجمع عدد كبير من السياسيين والفنانين في ساحة امام مقر البرلمان وغنوا وخطبوا في الناس حتى اطل "كوستونيتشا" ليخاطب الحشود بجملة شهيرة: "مساء الخير يا صربيا الحرة"، لكنه قال انه لن يسلم ميلوسيفيتش لمحكمة هي لعبة بيد الولايات المتحدة إلا انه قام فيمابعد بتسليمه الى المحكمه الدوليه.

كان العالم في حقبة التسعينيات وما بعد الألفية الميلادية الثانية قد شهد موجة ثورات شعبية- سلمية عرفت بـ الثورات الملونة او الثورات المخملية او الثورات الناعمة للإيحاء بأن التغيير المنشود ناعم نعومة الورود والمخمل بألوانه المختلفة "والمُخْمَلُ -في المعاجم : ثوب له خَمْلٌ وهو كالهدب في وجهه، والخميلة روضة تنمو فيها الزهور وباقي النباتات". هذا مع الحرص على استخدام وشاح ذي لون محدد أو زهرة كرمزودلاله لسلميتها.

تعد ثورة القرنفل من أقدم الثورات التي حملت اسم زهرة، وهي ثورة حدثت في البرتغال في 25 نيسان/إبريل عام 1974م. وتعد هذه الثورة نقطة تحول في تاريخ البرتغال، إذ حولت النظام السياسي من نظام ديكتاتوري حكم لأكثر من نصف قرن إلى نظام ديمقراطي. واستسلم على إثرها رئيس الحكومة "مارسيلو كايتانوMarcelo Caetano  "، المحاصر في هيئة أركان الدرك، ونقل سلطاته إلى "الجنرال سبينولا ". وهذا ما أدى إلى سقوط النظام الديكتاتوري في البرتغال، وفي الليل قامت الحشود بالإفراج عن مئات السجناء السياسيين.

انطلقت الثورة بانقلاب عسكري لمجموعة من الضباط اليساريين، واتفق الضباط على أن تكون إشارة بدء الثورة بأغنية للمغني البرتغالي "باولو دي كارفالو "عبر إذاعة لشبونة، أما الإشارة الثانية فكانت أغنية "راندولا فيلا مورينا " للمغني" زيكا أفونسو"، وتعطي الأوامر بالسيطرة على جميع المواقع الإستراتيجية في البلد وإعلان أن الثورة بدأت ولا يمكن لأي قوة أن توقفها.
بعد الإعلان عن نجاح الثورة غصت شوارع لشبونة بآلاف المؤيدين وهم يلوحون بورود القرنفل إيذاناً بنهاية أطول نظام سياسي في أوروبا الغربية، وفي الأيام التالية تمت كتابة دستور جديد كما أعلن عن إلغاء الرقابة وإطلاق سراح السجناء السياسيين وحرية التعبير ومنح الاستقلال للمستعمرات البرتغالية في الصحراء الأفريقية بصورة فورية، وكان ماريو سواريز أول رئيس وزراء يأتي عن طريق انتخابات حرة. سميت بثورة القرنفل، لأن الشعب طوق أعناق الثوار بالقرنفل، ووضعوا وردة القرنفل في أفواه البنادق.

خلال العامين 2004-2005م قامت الثورة البرتقالية في اوكرانيا Pomarancheva Revolyutsiya""هي واحدة من ما أطلق عليه اسم الثورات الملونة. وقد إندلعت عبر سلسلة من الاحتجاجات والأحداث السياسية وقعت في اوكرانيا من أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2004م حتى كانون الثاني/يناير 2005م، في أعقاب جولة إعادة التصويت على الانتخابات الرئاسية الأوكرانية 2004م والتي أدعي أنها شابها الفساد بشكل واسع، ترهيب الناخبين، والفساد الانتخابي المباشر. وكانت العاصمة الأوكرانية كييڤ، هي النقطة المركزية لتحركات آلاف المحتجين يوميا. وقد اندلعت في أوكرانيا بسبب الصراع على السلطة مما أدى إلى دفع العملية السياسية إلى ما يشبه حالة الاختناق، بسبب التجاذبات بين طرفين، هما: الطرف الأول: رئيس الجمهورية فيكتوريوشيشينكو، وحليفة زعيم كتلة المعارضة البرلمانية "الأقلية" "يوليا تيموشينكوYulia Tymoshenko " الطرف الثاني رئيس الوزراء" فيكتور يانوكوفيتشViktor Yanukovych " وحلفاءه زعماء كتلة الأغلبية البرلمانية.

انطلقت الشرارة التي أشعلت حريق الأزمة الأوكرانية وذلك عندما أصدر رئيس الجمهورية "فيكتور يوشيشينكو" مرسوماً جمهورياً بحل البرلمان الأوكراني"مجلس الرادا"، وجدولة الانتخابات الجديدة ومن ثم قامت على الفور كتلة الأغلبية البرلمانية بقيادة رئيس الوزراء "يانوكوفيتش" برفض المرسوم الجمهوري، والاعتراض عليه باعتباره يتعارض مع الدستور، وأكدت الأغلبية البرلمانية بأنها سوف تستمر في القيام بأداء مهامها الدستورية. واستمر الطرفان في التنازع، بانتظار قرار المحكمة الدستورية التي تم رفع الأمر لها من أجل البت والحسم بالقول الفصل.
افترشت الجماهير ميدان الاستقلال وشارع "الكرشاتك"لعدة اسابيع على الرغم من برودة الجو وسقوط الصقيع في "كييف"استطاعت هذه الثوره من الوصول الى اهدافها دون سقوط نقطة دم او اطلاق اي رصاصه لامن الثوار ولامن معارضيهم حتى تم تحقيق مطالب الجماهير الثائره.

ثورة الورود أو الثوره الورديه "Rose Revolution " في جورجيا وهي ثوره سلميه أطاحت بنظام الرئيس الجورجي السابق "إدوارد شيفردنادزهEduard Shevardnadze " ، وأوصلت الرئيس الجورجي الحالي "ميخائيل ساكاشفيلي Mikhail Saakashvili " المدعوم غربياً وزعيم المعارضة الجورجية سابقاً إلى سدة الرئاسة الجورجية فقد قامت ثورة الورود في جورجيا في يومي 22 – 23 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2003م .وتسبب في قيامها الكثير من العوامل السلبية بما فيها العوامل الاقتصادية، وقد ادت الانتخابات البرلمانية التي جرت في جورجيا يوم 2 تشرين الثاني /نوفمبر عام 2003 م الى اندلاع الازمة السياسية الداخلية في البلاد.

واعلنت شركة " روستافي 2Rustavi 2-" التلفزيونية الجورجية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر2003م نتائج استطلاع رأي الناخبين التي دلت على تقدم تكتل "الحركة الوطنية " المعارض الذي كان يرأسه "ميخائيل سآكاشفيليMikhail Saakashvili ". فيما اعلنت اللجنة الانتخابية للبلاد بعد فرز 50% من الاصوات تقدم تكتل "من اجل جورجيا الجديدة" الموالي للرئيس الجورجي انذاك "ادوارد شيفاردنادزه".

وطالبت المعارضة بالالغاء التام لنتئج الانتخابات التي زعمت ان السلطة قامت بتزويرها. وقد اندلعت في البلاد على اثر اعلان النتائج الاولية للتصويت تظاهرات احتجاج طالبت باعادة النظر في نتائج الانتخابات واستقالة الرئيس" ادوارد شيفاردنادزه". وكان يجتمع قبالة مبنى البرلمان في" تبليسي" يوميا اكثر من ألف شخص. وتشير بعض المعلومات الى ان اجمالي المشاركين في التظاهرات المعارضة للسلطة التي جرت في "تبليسي "آنذاك بلغ 10 آلاف شخص، كما جرت التظاهرات ايضا في غيرها من المدن والقرى الجورجية.

ولم يستطع الجانبان المتنازعان اقامة حوار بينهما. وباءت مفاوضات الرئيس" شيفاردنادزه" مع زعماء المعارضة" نينو بورجانادزهNino Burjanadze " و"ميخائيل سآكاشفيلي Mikhail Saakashvili " و"زوراب جفانيا Zurab Zhvania"يوم 9 تشرين الثاني /نوفمبر 2003م بالفشل. اما اللقاء الذي كان يتوقع ان يعقد في 11 تشرين الثاني /نوفمبر 2003م فتم تأجيله. وبدأ يوم 12 تشرين الثاني /نوفمبر2003م في جورجيا جمع التواقيع تأييدا لاستقالة" شيفاردنادزه".

واعلن "ميخائيل سآكاشفيلي" يوم 13 تشرين الثاني/نوفمبر ايقاف المفاوضات مع "ادوارد شيفارنادزه". وتوجه الرئيس" شيفاردنادزه "يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2003م بكلمة الى الشعب في التلفزيون الجورجي وقال انه في هذا الوضع الذي يواجهه البلد تكون استقالته خطوة غير مسؤولة. كما دعا الى اتباع طرق دستورية وليس طريق جمع التواقيع، واضاف قائلا:" في حال يطالب الشعب باستقالتي فانا جاهز".

واعلنت اللجنة الانتخابية في 20 تشرين الثاني/نوفمبر2003م النتائج الرسمية للتصويت التي شهدت ان تكتل الرئيس حصل على 21.3% من الاصوات وتلاه حزب "الانبعاث" المعارض برئاسة اسلان اباشيدزه بنتيجة 18.84% . وحصل تكتل "الحركة الوطنية " المعارض برئاسة "ميخائيل سآكاشفيلي" على 18.3% . وحصل حزب العمال المعارض برئاسة "شالفا ناتيلاشفيليShalva Natelashvli  "على 12.4% . وحصل تكتل " بورجانادزه – الديمقراطيون" برئاسة "نينو بورجانادزه" و"زوراب جفانيا" على 8.79% من اصوات الناخبين.
وشهدت "تبليسي" يوم 21 تشرين الثاني /نوفمبر2003م وصول حافلات تنقل انصار المعارضة الى العاصمة. وبلغت موجة الاحتجاجات ذروتها في 22 تشرين الثاني /نوفمبر2003م اي يوم عقدت فيه الجلسة الاولى للبرلمان الجورجي الذي وضعت شرعيته موضع الشك. وتوغل المعارضون برئاسة" ميخائيل سآكاشفيلي" الى قاعة اجتماعات البرلمان عندما كان الرئيس" شيفاردنادزه "يلقي خطابا فيه، واجبروه على الخروج من القاعة. واعلنت المعارضة بدء ما يسمى ب "ثورة الورود".

وعلى خلفية مثل هذه التطورات وصلت وحدات الجيش والشرطة الى العاصمة وفرضت الحراسة على اهم المباني الادارية. وتم اجلاء الرئيس شيفاردنادزه الى مقره في ضواحي تبليسي. واتهم شيفارنادزه المعارضة في تدبير الانقلاب على الدولة واعلن حالة الطوارئ في البلاد.

وعقد "فيكتور ايفانوف" وزير الخارجية الروسي الذي وصل الى" تبليسي" يوم 23 تشرين الثاني / نوفمبر2003م عقد لقاءات مع زعماء المعارضة وادوارد شيفاردنادزه مما اسفر عن توقيع الرئيس مساء يوم 23 تشرين الثاني /نوفمبر2003م لمرسوم استقالته بحضور زعماء المعارضة. وتولت رئيسة البرلمان" نينو بورجانادزه" بموجب الدستور صلاحيات رئيس الجمهورية بالنيابة. واعلنت بورجانادزه قائلة:" بسبب التزوير الجماعي لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2 نوفمبر/تشرين الثاني فان البرلمان المنتخب عام 1999م  سيتولى صلاحيات السلطة التشريعية.
وقامت المحكمة العليا في جورجيا يوم 24 تشرين الثاني /نوفمبر بإلغاء النتائج الرسمية للانتخابات التي أعلنتها اللجنة الانتخابية المركزية، واتخذت الجلسة الاستثنائية للبرلمان الجورجي يوم 25 تشرين الثاني /نوفمبر قرارا باجراء انتخابات الرئيس في 4 كانون الثاني/يناير عام 2004م.

وتمخضت الانتخابات الرئاسية التي اجريت في جورجيا يوم 4 كانون الثاني/يناير عام 2004 م عن انتخاب ميخائيل سآكاشفيلي رئيسا للبلاد. وحصل سآكاشفيلي على 96 % من اصوات الناخبين، في 28 اذار/مارس عام 2004 م اجريت في جورجيا الانتخابات البرلمانية الجديدة التي فاز فيها حزب " الحركة الوطنية – الديمقراطيون" الحاكم.

ثورة الليمون أو الثوره الصفراء او ثورة التيوليب  "Tulip Revolution" وهي مجموعة الاضطرابات والاحتجاجات التي رافقت الانتخابات في دولة قرغيزستان الواقعة بآسيا الوسطى التي حدثت في 13 اذار/مارس 2005م  ضد نظام الرئيس "عسكر عكاييف Askar Akayev " الذي حكم البلاد منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي عام 1991م أدت إلي وصول "قرمان بيك باكاييفKurmanbek Bakiyev " إلى السلطة الذي اضطر إلي الفرار من البلاد نتيجة للاضطرابات الدموية التي أطاحت بحكمه في 7نيسان /أبريل 2010 مثلما هرب "عسكر عكاييف" إلى روسيا.

2010م-2011م قامت ثورة الياسمين وهي اسم يطلق على الأحداث التي بدأت في تونس في 17 كانون الاول/ديسمبر 2010م، إثر قيام شاب تونسي متخرج في الجامعة يعمل بائعا متجولا بحرق نفسه تعبيرا عن رد فعله ضد تدخل الشرطة في عمله وكسب رزقه ، وأخذت بالتوسع و التحول إلى حركة شعبية . قتل العشرات من الأشخاص في المواجهات التي وقعت بين قوات الأمن و أفراد الشعب ، ورد الفعل الشعبي الأكبر كان ليس ضد الشرطة أو الجيش وإنما كان بالدرجة الأولى ضد زين العابدين بن علي الذي كان يحكم البلاد بإدارة قمعية منذ 23 عاما. ولهذا أوصى المثقفون التونسيون بتقديم أزهار الياسمين رمز تونس إلى أفراد الشرطة للحيلولة دون وقوع صدامات بينهم و بين الشعب . وهذه التوصية لم تنجح و لكنه ضمن تسمية الأحداث المعاشة بإسم " ثورة الياسمين" . وقد لجأ الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي إلى إجراء سلسلة من الترتيبات في سبيل وقف أعمال التمرد و إعادة الإستقرار في البلاد . إذ ذهب إلى خفض أسعار المواد الغذائية و إتخذ التدابير الكفيلة بزيادة حرية الشعب . و الأهم من ذلك هو أنه أعلن عن إجراء الإنتخابات بعد ستة أشهر و أكد على أنه سوف لن يرشح نفسه في تلك الإنتخابات. بيد أن هذه التنازلات التي جاءت في اللحظةالأخيرة لم تكفي لتهدأة غضب الشعب ، وذلك لأن الشعب كان يطالب بإنهاء فوري لسلطة زين العابدين بن علي . ولم يستطع بن علي الصمود أمام الضغوط و هرب إلى خارج البلاد . وأراد اللجوء إلى فرنسا ، إلا أن رغبته هذه رفضت ، وبالتالي لجأ إلى المملكة العربية السعودية .

السبب الرئيسي لفشل نظام بن علي هو سياسة القبضة الحديدية التي كان ينتهجها زين العابدين بن علي منذ 23 عاما . فزين العابدين بن علي الذي قام بإنقلاب صامت أطاح من خلاله بالرئيس الحبيب بورقيبة الذي حكم البلاد منذ إستقلالها عام 1956 م و حتى عام 1987 م ، قام طيلة فترة حكمه بتقليص جميع مجالات الحرية . فهو منع الكثير من الحريات إبتداء من الحجاب إنتهاء بحرية الصحافة و التعبير . وقام بإعتقال المعارضين له أو إرغامهم على مغادرة البلاد و العيش في المنفى . و في الإنتخابات تنافس معه زعيم او زعيمين معارضين رمزيين ، دون أن يتمكن أي منهم تولي السلظة في محله . و قد عرف زين العابدين بن علي كيفية نيل 80 – 90% من الأصوات من إخلال إستخدام الأساليب القمعية . وهذه الديمقراطية الصورية لم تكن ترضي الشعب بتاتا .

و المشكلة الأخرى التي زادت من سخط و إمتعاض الشعب تتمثل بتفاقم و إنتشار الفقر و اللامساواة الإقتصادية . و بفعل الأزمة الإقتصادية العالمية زادت نسبة البطالة و الإختلال في توزيع الدخل . وبينما كان الشعب يعيش تحت وطأة الظروف الصعبة ، فقد إنتشرت الإدعاءات المتعلقة باعمال الفساد المسندة بصورة خاصة إلى قرينة زين العابدين بن علي و صهره و البيروقراطيين المقربين منه . فذهاب السيدة الأولى ليلى بطائرات الدولة إلى المدن الأوروبية للتسوق و عيشها حياة مترفة و هيامها المفرط بالمجوهرات ، أدى إلى تصعيد السخط الشعبي ضد النظام . و ينبغي أن نضيف إلى هذا الإمتعاض المتولد عن الحياة المترفة التي كان يعيشها السياح في تونس التي كانت مفتوحة أمام السياحة حتى النهاية  و خلاصة القول فقد تضائلت إمكانية المحافظة على الإستقرار في نظام تداخل فيه البؤس بالفسق .
ثورة 25 يناير او ثورة اللوتس هي ثورة شعبية سلمية انطلقت يوم الثلاثاء 25كانون الثاني/ يناير 2011 في جمهورية مصر العربيه ،يوم 25كانون الثاني/ يناير الذي اختير ليوافق عيد الشرطة حددته عدة جهات من المعارضة المصرية والمستقليين، من بينهم" حركة شباب 6 أبريل" و"حركة كفاية" وكذلك مجموعات الشبان عبر موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك والتي من أشهرها مجموعة "كلنا خالد سعيد" و"شبكة رصد" وشبان الإخوان المسلمين  برغم التصريحات الأولية التي أشارت إلى أن الجماعة لن تشارك كقوي سياسية أو هيئة سياسية لأن المشاركة تحتاج إلي تخطيط واتفاق بين كافة القوي السياسية قبل النزول إلي الشارع، كانت الجماعة قد حذرت إذا استمر الحال على ما هو عليه من حدوث ثورة شعبية، ولكن على حد وصفهم "ليست من صنعنا"، ولكن لا نستطيع أن نمنعها". جاءت الدعوة لها احتجاجًا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وكذلك على ما اعتبر فسادًا في ظل حكم الرئيس محمد حسني مبارك. قبل عامين قامت فتاة تدعى إسراء عبد الفتاح وكانت تبلغ حين ذاك من العمر 17 عاماً، من خلال موقعها على "الفيسبوك"، بالدعوة إلى إضراب سلمي، في 6 ‬ نيسان/ابريل 2008م، احتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية، وسرعان ما لقيت دعوتها استجابة من حوالي 70 ألفا من الجمهور. والنتيجة أن الإضراب نجح، وأطلق على إسراء في حينه لقب "فتاة الفيسبوك" و"القائدة الافتراضية" ، ومنذ عام ونصف قامت حركات المعارضة ببدء توعية أبناء المحافظات ليقوموا بعمل احتجاجات على سوء الأوضاع في مصر وكان أبرزها" حركة شباب 6 أبريل "و"حركة كفاية" وبعد حادثة خالد سعيد قام الناشط "وائل غنيم "والناشط السياسي" عبد الرحمن منصور" بإنشاء صفحة "كلنا خالد سعيد "على موقع فيس بوك ودعا المصريين إلى التخلص من النظام وسوء معاملة الشرطة للشعب.

أدت هذه الثورة إلى تنحي الرئيس محمد حسني مبارك عن الحكم في 11 شباطر/فبراير2011 م، ففي السادسة من مساء الجمعة 11 شباط/فبراير 2011 م أعلن نائب الرئيس عمر سليمان في بيان قصير عن تخلي الرئيس عن منصبه وأنه كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد.

امتازت هذ الثورات بكثرة الاسماء دليلاَ على عظمتها فكثرة الاسماء تدل على شرف المسمى، قال الفيروزآبادي في كتابه بصائر ذوي التمييز "ج 1 ص 88" : " أعلم أن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى أو كماله في أمر من الأمور، أما ترى أن كثرة أسماء الأسد دلت على كمال قوته، وكثرة أسماء القيامة دلت على كمال شدته وصعوبته، وكثرة أسماء الداهية دلت على شدة نكايتها، وكذلك كثرة أسماء الله تعالى دلت على كمال جلال عظمته، وكثرة أسماء النبي صلى الله عليه وسلم دلت على علو رتبته وسمو درجته، وكذلك كثرة أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته" .

إلى جانب الأزهار كان للثورات مسميات بالألوان أيضا فأطلق البعض اسم الثورة الزرقاء على المطالبة عام 2005 بمشاركة المرأة في الحياة السياسية في الكويت. بينما سمى البعض احتجاجات المعارضة على نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009م بالثورة الخضراء معتبرين أنها ثورة الشعب الإيراني على النظام الإسلامي الحاكم بعد تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي جرت في يوم 12 يونيو 2009م التي أدت إلى فوز محمود أحمدي نجاد. مما أدى لحصول احتجاجات شعبية هائلة، شهدتها مدن إيران الكبرى كطهران وأصفهان وشيراز بعد الإعلان عن فوز نجاد بولاية ثانية.

ومهما تعددت ألوان الثورة وأشكالها، يبقى أنها وسيلة مهمة للتغيير نحو الأفضل أحياناً، وربما نحو الأسوأ في احيان اخرى، هي خيارات الشعب، يتحمل نتائجها بانتظار فرصة جديدة لثورة مخملية أو ثورة بقوة السيف يبقى الشيء الوحيد الذي تصبوا اليه الشعوب هو التغيير نحو الافضل .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !