مواضيع اليوم

لما أصابتني الأزمة المالية

خالد أوراز

2009-05-01 11:20:11

0


لم أكن أعرف ما هي الأزمة المالية ولم أكن حتى راغبا في معرفتها، ببساطة لأنني لا أملك أموالا كثيرة لأخاف عليها بل لا أملكها بتاتا... المسكين أبي كان يمنحني أقل مما أنفقه لذلك قررت في يوم من الأيام التنازل عن طلب المال منه.. لكنني وجدت نفسي مجبرا على العمل.. ظروف دراستي لم تكن تسمح لي بذلك، مما جعلني أستأنف العمل إلى فصل الصيف حيث أحصل على عطلة.
كنت سأخبر أبي بأن لا يمنحني المال كي أبحث عن فرصة عمل، لكن فصل الصيف لم يحل بعد، وكان ذلك سببا وراء سحب طلبي. فكرت في الموضوع ذات ليلة، وقلت مع نفسي لو أخبرت أبي بالموضوع لحرمت نفسي من تلك الدراهم التي كان يمنحني، وأنا ما أزال أتابع دراستي وليس لدي الوقت الكافي كي أعمل... كل ما أفكر فيه الآن هو الدراسة والنجاح من قسم إلى آخر وفي الأخير أنتقل إلى الشارع العام؛ الذي يعتبر آخر قسم دراسي بالمغرب، تندم فيه على السنوات التي ضيعت في الدراسة.
ضحكت كثيرا لما سمعت وزير المالية المغربي يطمئن المغاربة بأن الأزمة المالية التي تضرب الدول المتقدمة في هذه الأيام لن تصل إلى المغرب..العام زين يجب أن يقول الجميع، فالأزمة لن تأتي.. ضحكت كثيرا وفي حقيقة الأمر بكيت كثيرا لأن الأزمة المالية أصبتنا منذ اليوم الذي ولدنا فيه.
لما ولدت ولدت بريئا كالجميع، لكنني لم أكن كارها أن أولد في اسبانيا أو أمريكا مثلا، كنت أدعو الله من أجل ذلك لأنني أعرف أنه لو أصابتني ألف أزمة مالية بأمريكا فسأكون أفضل حالا مما أن عليه الآن في المغرب.
لما ولدت كما ولد الناس جميعا أخذني أبي بين يديه وقبلني وقال لي  بصوت ممزوج بالحزن: "يا بني أعتذر على إنجابي لك في هذا البلد الفقير، سامحني لأنني لا أملك الوسائل المادية الكافية كي أذهب بك إلى أمريكا وألدك هناك".
لم أكن عاقا لوالدي.. ضحكت في وجهه وضحك هو الآخر.. فهم أنني أومن بالقدر وأومن بأن شر القدر هو أن تولد في المغرب.
أنا تعجبت لشيء واحد، وهو كيف عرفت أصلا أن هناك شيئا اسمه القدر وأنا ما أزال في أيامي الأولى من حياتي. قلت ربما الأمر يتعلق بالوراثة.. فسبحان الله، الناس يرثون الأموال والمنازل ونحن نكتفي بوراثة المشاكل وفي أحسن الأحوال نرث بعض الأفكار التي قد تنفعنا في حياتنا، فلولاها لأصبحنا أعظم الكفار.
مرت مدة وأنا أنتظر حلول فصل الصيف كي أعمل، لن أخفيكم سرا أنني كنت أريد أن أكون رجلا لأن الرجل كما يعتقد البعض هو الذي يعمل ويأتي بالمال.
طالت المدة وطال معها تفكيري في العمل، لم أعد أفكر في الدراسة بقدر ما أفكر في العمل والحصول على المال. في بعض الأحيان كنت لا أنام، كنت مصابا بالإرهاق ولا أستطيع النوم إلا في وقت متأخر من الليل، وفي الأحيان الأخرى كنت لا أنام إطلاقا وفي أحسن الأحوال أنام في السابعة صباحا وأستيقظ في السابعة والنصف.. أستيقظ لأنني مجبر على الذهاب إلى المدرسة في الساعة الثامنة.. نصف ساعة من النوم كانت كافية لي..لا عفوا، لم تكن كافية لأنني كنت أنام في القسم أيضا.. بصراحة تحولت من تلميذ مجد إلى تلميذ كسول والسبب وراء ذلك هو الأزمة المالية، التي قال عنها السيد الوزير إنها لن تأتي وأقول له لأنها موجودة أصلا.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !