مواضيع اليوم

لماذا يُحارَب الاسلام؟

نزار النهري

2011-08-23 11:17:13

0

لقد ظهرت العلمانية وترعرعت في المجتمع الاوربي بشكل خاص ومنها انتشرت الى دول كثيرة في معظم القارات، ونشأة العلمانية جاءت ردا على سيطرة الكنيسة على مقدرات الامور في اوربا القرون الوسطى.

يدين المجتمع الاوربي بوجه عام الى العلمانية، وخصوصا العلمانية الحديثة التي ظهرت بعد ان اقر الاعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي وضع الخطوط العريضة للعلمانية، التي ارتبطت ارتباطا وثيقا بهذا الاعلان، ولا يقبل معظم الاوربيون حتى المتدينون منهم القبول ببديل للعلمانية في حياتهم لانها خدمتهم جميعا.

لقد بقي المجتمع الاوربي آمنا سالما يعيش في طمئنينة لعدة عقود، الى ان انتشر في جسده المسلمون، فلقد استغل الكثير منهم القوانين البسيطة عند الاوربيين ومنها قوانين الهجرة واللجوء ولم الشمل والعمل وغيرها، واستطاع الكثير منهم الحصول على المواطنة في هذه البلدان، فاصبح لهؤلاء وزنهم داخل المجتمع واصبحوا جزء لا يتجزء منه.

مشكلة الاوربيين الاكبر، هي تزايد اعداد هؤلاء المسلمين لاسباب كثيرة اهمها زيادة عدد المواليد الجدد عندهم، على عكس السكان الاصليين الذين لايميلون الى الانجاب بطبيعتهم مما سيؤدي الى تناقص اعدادهم باشكال رهيبة في الاعوام القادمة، وسيصبح المسلمون اغلبية لا محالة.

ماهي المشكلة؟

هناك مشكلتان رئيسيتان، الاولى هي ان دساتير الدول تكتب بواسطة الاغلبية، ولا يوجد شيء فوق الاغلبية، وهذه الاغلبية تستطيع تغيير الدستور بما يروق لها. المشكلة الثانية والتي ترتبط كثيرا بالمشكلة الاولى وهي تعارض الاسلام مع الكثير من بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وكما اشرنا الى ذلك في مقالة سابقة (العلمانية والاسلام)، مما يؤدي في النهاية الى اقرار دساتير تختفي فيها الحقوق شيئا فشيئا الى ان نصل الى ماهو موجود ومتعارف عليه في جميع الدول التي تحكم باحكام اسلامية كايران والسعودية وغيرها. فما هو الحل اذن؟ هل ينتظر الاوربيون المسلمين يسلبوهم كل شيء جميل ناضلوا من اجله، ام يفعلوا المستحيل لمنع ذلك؟ وماذا باستطاعتهم عمله؟

عندما كان الاسلام بعيدا عن ديار الاوربيين لم تكن هناك مشكلة، فقوانين المسلمين وشرائعهم تنطبق عليهم وحدهم، اما عندما يصبح هؤلاء هم القادة في اوربا، فسيطبقون هذا على الجميع، وهذا ما لن يسمح به الاوربيون ابدا.

من هذا المنطلق، ظهر ما يسمى بـ "محاربة الاسلام"، فهل من حق الاوربيين محاربة الاسلام؟

المنطق يقول نعم، من باب الدفاع عن النفس ودرء الاذى قبل وقوعه. لهذا السبب بدأت الدراسات الكثيرة والمكثفة لدراسة الاسلام في اوربا. فالاوربيون لا يدرسون الاسلام لكي ينضموا اليه كما يتصور بعض المغفلين، بل لكي يستطيعون محاربته، فما يريد معظم الاوربيون فعله هو حظر وتجريم الاسلام كعقيدة، او اخذ الاقرار من المسلمين بالغاء كل ما يتعارض مع الحقوق الانسانية العامة.

الدراسات الجديدة بدأت مستقلة عن الدراسات القديمة الجاهزة المترجمة حرفيا عن كتب وابحاث المسلمين سواء كانت قديمة او حديثة، فالاوربيون يريدون دراسة التاريخ الاسلامي كما هو وكما هم يريدون وليس كما تقدمه كتب التراث الاسلامي المليئة بالتمجيد والتعظيم، هذه الكتب التي كتب معظمها مسلمون يؤمنون بالعقيدة الاسلامية قلبا وقالبا لذلك جاءت ناقصة ومزيفة في جلها لانها لم تذكر الا المحاسن اما المساوئ فهذا شأن لا يهمها بل حاولت في كثير من الاحيان قلب الحقائق وتزييفها فيما يخص هذا الجانب.

لقد ذهبت بعض الدراسات في المانيا وغيرها من الدول الاوربية الى البدء من الصفر، معتمدين على نسخ ومخطوطات غير منقطة للقرآن، وكذلك على نسخ قديمة من القرآن المترجم الى لغات أخرى مثل السريانية الآرامية وغيرها، ورصد لهذه الابحاث مبالغ كثيرة ويمكن الرجوع الى مقال نشر في دير شبيجل الالمانية في عددها 52 لسنة 2007 تحت عنوان (حوريات ام عنب؟) في نفس الوقت بدأت تحركات سياسية واجتماعية كثيرة ضد الاسلام كفكر محاولين الطعن بالنصوص الاسلامية التي تدعو الى اقصاء الاخرين وتحرض على قتلهم. ومن هؤلاء النشطاء في هذا المجال السياسي الهولندي فيلدرز الذي قدم للعالم فيلمه (فتنة)


لقد حاول صانع الفيلم الربط بين النصوص القرآنية واعمال العنف والارهاب الاسلامي التي تطال العالم اجمع وبلا تمييز. واضافة الى بعض الايات القرآنية، طعم الفيلم بادعية وخطب لرجال الدين الذين يحثون المسلمين ليل نار على الكراهية وقتال المخالفين لهم في الدين، ويعرض في الفيلم ايضا، مقطع لفتاة تبلغ من العمر ثلاثة سنوات ونصف، وهي تتحدث عن كرهها لليهود لانهم قردة وخنازير ولان الله يقول هذا. وطعم الفيلم ايضا بمقاطع وصور لاحداث الحادي عشر من سبتمبر واحداث لندن ومدريد ومقتل المخرج الهولندي فان كوخ وذبح تنظيم القاعدة لاحد الامريكيين بالسكين.

اما الايات القرآنية التي عرضت في الفيلم فهي:

(واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم واخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف اليكم وانتم لا تظلمون ) الانفال 60

(ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما ) النساء 56

(فاذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى اذا اثخنتموهم فشدوا الوثاق فاما منا بعد واما فداء حتى تضع الحرب اوزارها ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم ) محمد 4

(ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم اولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فان تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا ) النساء 89

يطالب الفيلم المشرعين الاوربيين بتشريع قانون بمنع تداول القرآن في اوربا باعتباره كتاب يحرض على العنف والقتل مثله مثل كتاب كفاحي لادولف هتلر، فيما يدعو المسلمين من ناحية اخرى الى تمزيق الصفحات التي تدعو الى العنف والقتل والكراهية والغائها من القرآن.

ان كل ما فعله الفيلم هو عرض للوقائع والنصوص كما هي دون اي تدخل، وترك الحكم للناس، وهذا ما يفسر عدم حدوث اي ضجة حول الفيلم كالتي حصلت بعد نشر الرسوم الكاريكاتورية للرسول. فقبل عرض الفيلم توقعت المصادر الاعلامية، ان الفيلم سوف يثير موجات من الغضب وردة الفعل عند المسلمين، ولكن هذا لم يحدث، لان شيوخ المسلمين لم يفاجأوا ابدا بالفيلم لانه واقع عملي من الذي عاشوه ويعيشوه كل يوم. ولكن الفيلم هو مفاجأة لغير المسلمين من الذين لم يعرفوا او يتوقعوا من الاسلام الا كل خير.

هذه هي الطريقة القانونية الوحيدة التي سيلجأ اليها الاوربيون للقضاء على الاسلام قبل ان ينمو كعقيدة في مجتمعاتهم، سوف يحاولون منعه من التغلغل فيهم معتمدين على القانون، سوف يطعنون به لانه يتعارض مع مباديء الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، سوف تكلف لجان من قبل البرلمانات والحكومات الاوربية لدراسة هذا الشيء وسوف يتوصلون حتما الى نفس ما توصل له النائب الهولندي فيلدرز وربما اكثر.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !