تتضارب المواقف وتتعدد الرؤى وبحسب مصالح مطلقيها, بين ما هو مسموح ومرحب به، وبين ما هو خط احمر لا يمكن التعامل معه بحسن نية لتكشف المواقف بمجملها عن تخبط وانشقاق وعدم اتزان في اطار دولة ينبغي احترام قوانينها وثوابتها وكرامة شعبها، ومن هنا شكلت زيارة وزير خارجية تركيا احمد داوود اوغلو عنوانا لخرق سيادة البلاد وعصفت بالواقع السياسي الهش الذي تمر به، اذ ان ما جرى من اختراق لوزير الخارجية التركي وزيارته وتنقله بين المحافظات والمناطق دون علم الحكومة يمثل امتهانا من قبل دول الاقليم لما يجري في العراق, وهو بذلك يسجل سابقة خطيرة في الاعراف الدبلوماسية وفي التاريخ المعاصر متناسيا وقافزا على كل اعراف ترتيب العلاقات الدبلوماسية بين البلدين معبرا عن الاحتقار والامتهان للعراق شعبا وحكومة. ومن هنا فلابد ان تقوم الحكومة التركية بالاعتذار عما قام به وزيرها وتكف عن الاستهانة بالعراق لان الوضع هذا لن يستمر طويلا, المثير للاستغراب ان طيفا واسعا من بعض السياسيين الذين يرتبطون بعلاقة وثيقة مع تركيا طبلوا وزمروا لزيارة اوغلوا وهم يتحدثون اليوم عن دور تركي قبالة الدور الايراني في العراق, وهم بهذه الرؤية البائسة يعبرون عن خرقهم للدستور بكل صراحة في وقت تباكوا عليه ونددوا بمن يقوم بخرقه متناسين ان مثل هذا الفعل سيفتح الباب امام تدخل علني للسعودية وقطر والاردن وغيرها من الدول، ولا ندري باي منطق يتحدث هؤلاء والى أي نقطة يريدون الوصول، ولعل لغة المال التركي هو من يتحدث بدل افواه نواب وشخصيات العراقية او القائمة (التركية)، ان الموقف المعلن للحكومة وللشعب حول زيارة اوغلو وان قبلها الكرد على مضض عملا بانتظار الفرصة مع الجارة العدو تركيا هي انها زيارة غير مرحب بها وفيها انتهاك واضح للسيادة العراقية واستهانة بالشعب العراقي وخرق واضح للدستور ومن الضروري ان تتخذ وزارة الخارجية العراقية موقفا واضحا من هذا التصرف الاستفزازي وان لا تكتفي بالتنديد او الاستفسار عن سبب وطبيعة الزيارة . ان حديث البعض خصوصا نواب دولة القانون واطراف حكومية اخرى بمطالبة الجامعة العربية بالتحرك والتنديد بهذا التصرف والذي يعتبر خرقا لسيادة دولة مؤسسة للجامعة وهي بمجملها هروب من المشكلة لان الجامعة العربية لم تقدم للعراق شيئا بسبب هيمنة قطر والسعودية حلفاء تركيا على قراراها وموقفها سواء كان التنديد او الرفض لن يسمن ولا يغني من جوع , وهذان البلدان العروبيان من اكثر البلدان حماسا في ان تتسع دائرة التدخل ويعود العراق مسرحا للنزاعات والاقتتال وبين كل المواقف وتضاربها يبقى العراق رهين خلفاته وسط بحث الجميع عن مصالحه وتركهم حبل الخلافات على الغارب لتلعب تركيا وغيرها في قرار البلاد.
مقالات للكاتب عون الربيعي
التعليقات (0)