مواضيع اليوم

لماذا يكرهون الاسلام والنبي الخاتم؟

زيد يحيى المحبشي

2019-03-16 08:45:19

0

 بقلم زيد يحيى المحبشي

العداء والكراهية الغربية للإسلام ونبيه ما هو إلا امتداد للموقف الغربي التاريخي من الإنسان الشرقي بصورة عامة, والتي شهدت أولى فصولها ما قبل الإسلام بقرون, محركاتها التهديد الوجودي والحضاري في وقت تمكن فيه الفينيقيين والآراميين والكنعانيين من مدّ توسعاتهم إلى قلب أوربا,بما رافق ذلك من إشعاع حضاري وثقافي أخاف الغرب رغم اعتراف مؤرخيهم بما للشرق من فضل عليهم من قبيل ذهاب أساطيرهم إلى أن تسمية أوربا كان تيمناً بأميرة سورية تحمل نفس الإسم فرت إلى أوربا بعد نزاعها مع أخيها فتمكنت من فرض سيطرتها واسمها وكذا أخذ الغرب آلهتهم ومعتقداتهم الدينية وآرائهم الفلسفية عن الفينيقيين المتمكنين من الوصول إلى بريطانيا والعائد فضل تسميتها إليهم, الأمر الذي دفع الغرب إلى اتهامهم بدلاً من العرفان بالجميل بالمتخلفين والمتوحشين والهمجيين في زمن كانوا فيه أكثر تقدماً وحضارة وأخلاقاً, من اليونان والرومان, الصورة عن الإنسان الشرقي المتوحش ظلت ولازالت إلى يومنا,

إذ من ذلك الحين اتسمت علاقة الغرب بالشرق بالتضاد والصراع والحروب والتربص , رغم نجاح الشرق في خلق جسور للتواصل مع الحضارات الأخرى خارج أوربا, لاسيما بعد ظهور الإسلام بما تمخض عنه من أبعاد جديدة للصراع قادة إلى اعتبار الغرب الدين الجديد تهديداً وجودياً مؤذناً بانقراضهم, ما يعني أن الصراع اليوم أكبر من كونه مجرد اختلاف أيديولوجي في وجهات النظر أو أعراض جاذبية تظهر بين الحين والآخر.

"انطواني ناتنج" في كتابه "الغرب" يشير إلى حقيقة ذلك بقوله "منذ أن جمع محمد أنصاره في مطلع القرن السابع الميلادي, وبدأ أول خطوات الانتشار الإسلامي، فإنه بات على العالم الغربي أن يحسب الإسلام كقوة دائمة وصلبة، تواجهنا نحن أبناء الحضارة الغربية عبر البحر المتوسط" ومن وقتها بدأت ماكينة الكراهية والتشويه ضد نبينا وضد الاسلام, بدءاً من يهود يثرب ومروراً بالروم المفضلين وقتها تبنى فكرة المواجهة مع المسلمين على عكس الحضارات الأخرى خارج أسوار أوربا وانتهاءً بالعصور الوسطى بما زخرت به من نشر متعمد للأساطير المسيئة والمتهمة للرسول الخاتم بالساحر الكبير المتمكن عن طريق السحر والخداع من تحطيم الكنيسة في إفريقيا وفي الشرق والادعاء بأن العرب أعراق منحطة ومتوحشة يجب إبادتهم كي يتمجد الرب ويعود اليهود إلى وطن آبائهم وأجدادهم كما ورد في كتاب "حياة محمد" لجورج بوش جد الرئيس الأميركي السابق في القرن السابع عشر المعتبر فيه " أن الإسلام مجرد بلاء جاء به الدعي محمد!!، ساعد الرب على إنتشاره, عقاباً للكنيسة التي مزقتها خلافات البابوات بهرطقاتهم!".

وبهذا صار الاحتفاء بكراهية وازدراء النبي الخاتم والاسلام معلماً بارزاً للفكر المسيحي الكاثوليكي والبروتستانتي في أوربا الغربية مصحوباً بالعديد من الرسوم والتماثيل المسيئة لنبي الإسلام على حوائط الكنائس والأديرة باستثناء الأرثوذوكسية إلى الحد الذي لا نجد له مثالاً ضد أي شخص آخر في التاريخ الإنساني, وهو موقف لم يشذ عنه سوى القليل من مفكري ومتديني غرب أوربا ممن ليس لهم أي تأثير على صناعة القرار والفكر.

فما الدافع بهم إلى هذا ؟ سؤال يدور اليوم بخلد الكثير، فؤاد كاظم في كتابه "الإسلام وشبهات المستشرقين" يخلص إلى أن ذلك ناجم عن معرفة حقيقية بالإسلام ساهم في تشكيلها البنيوي ثلاثة قوالب متداخلة وغير متعارضة هي "الميثولوجية واللاهوتية والعقلانية" ما نجد مداليله في الخطبة الشهيرة للبابا "أوروبانس" الثاني بمجمع "كليرمون" بفرنسا عام 1905م, الداعي فيها حكام وملوك أوربا إلى استعادة أراضيهم المقدسة من قبيلة الفرس والأتراك التي تخدم القوى الشيطانية حد قوله.

وبصورة أكثر بساطة تظل مركزية توحيد الله وعبادته لدى المسلمين الداعي إليها نبي الرحمة, من أهم العوامل المهددة بانقراض الغرب المسيحي, المعتقد بأن الفرد لا سواه مركزية الكون, وبالتالي صيرورة هذا التنازع من أهم المشاكل المتأججة في مسار العلاقات الغربية بالعالم الإسلامي والعربي, والدافعة بالغرب إلى كراهية النبي الخاتم, بحيث كانت الحملات الصليبية السبع في القرون الوسطى, بمثابة أول رد فعل جمعي غربي, لإهدار قيمة كل مقدس بعد فشلهم في تحجيم التأثير الإسلامي العالمي, المعيق لتطور وتوسع المسيحية والغرب, والحامل رايتها المسمومة اليوم الرموز الدينية اليمينية المتطرفة والصهيونية والتيارات العلمانية والقادة السياسيون بزعامة المحافظون الجدد والعديد من وسائل الإعلام المرتبطة باليهود, دافعها عقدة الخوف من تحول الإسلام إلى قيادة بديلة للقيادة الدينية النصرانية للعالم ,إلى جانب عقدة الشعور بالنقص أو ما يعرف بالمعجزة الإغريقية.

الصورة بمجملها تنم عن الانتقائية العدائية المعاصرة الغربية في صراعها القائم مع الإسلام لأحداث غابرة يعاد استحضارها, في وقت تدعي فيه أن مجتمعاتها أسست على قيم سامية, فإذا هي تنفخ في كير صندوق الشرور والكراهية بما يتلاءم مع نواياها ومصالحها ومخططاتها الرامية إلى إبقاء المسلمين والعرب أذلاء خانعين بعد بروز الإسلام كأكبر تحد حضاري وديني بما يؤثر سلباً على مفاعيل حوار الحضارات والثقافات والأديان, وكفانا بياناً ما ذهب إليه القس اليهودي "جير فولويل" في قوله "أعتقد أن محمداً كان إرهابياً" ,وهو الهدف المراد ترسيخه خدمة للصهيونية العالمية بحيث يصير معه كل من يعتنق الإسلام ملاحقاً بتهمة الإرهاب.

القس "فرانكلين جراهام" يذهب هو الأخر إلى أن " الإرهاب جزء من التوجه السائد في الإسلام، وأن القرآن يحض على العنف، والإرهاب لا يرتبط بعدد محدود من المتطرفين المسلمين, لأنه نابع من الإسلام نفسه، وإذا اشتريت القرآن فاقرأه وستجد الإرهاب فيه" بينما يعتقد رئيس وزراء أسبانيا السابق "خوسيه ماريا آثنار" بأن "مشاكل أسبانيا مع القاعدة بدأت مع فتح الأندلس" أي منذ القرن الثامن الميلادي مستخدماً هنا كلمة القاعدة وليس الإسلام, ما يعني بداهة أن كل المسلمين تنظيم قاعدة وإرهابيين, مضيفاً في معرض رده على المطالبين بابا الفاتيكان بالاعتذار عما ألحقه من إساءة لنبي الإسلام أواخر العام 2006 "ما السبب الذي يجعل الغرب فقط هو الذي يقدم الاعتذار بينما هم – أي المسلمون- احتلوا أسبانيا لمدة ثمانية قرون، وفي الوقت الذي أسمع دعوات البابا لتقديم اعتذاره عن تصريحات حول الإسلام فإني لا أسمع أي مسلم يعتذر عن احتلال أسبانيا!".

.. مقتطف من مقال لنا نشر في 11 مارس 2008 بعنوان: "لماذا يكرهون خاتم المرسلين؟"




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !