روحاني الذي اعتبر أنّ لديه جميع مفاتيح الحل النووي وذلك بعد تسليمها له حسبما يرى البعض من قبل المرشد علي خامنئي و إعطاءه الضوء الأخضر بالمضي قدماً في حلحلة الملف النووي مع الغرب إلا أنّ الأمر يبدو أكثر تعقيداً من هذا.ويأتي هذا التعقيد بسبب التكوين السياسي للنظام الإيراني المعقّد. إنّ الأيام القليلة الماضية كانت حافلة بالأحداث فقد قام خامنئي بتكرار تأكيده على تخويل حكومة روحاني بالتفاوض مع الغرب ضمن إطار مقولته الشهيرة والتي تعود الى فترة أكثر من سبعة عشر عاماً ( الليونة البطولية ) والتي تعود المقولة هذه تحديداً لفترة قصيرة قبل انتهاء فترة رفسنجاني و تسليم خاتمي لرئاسة الجمهورية .
التأكيد على إعادة استخدام هذا المصطلح يرسل إشارة واضحة الى الغرب بأن خامنئي هو شخصياً أعطى صلاحيات كبيرة للرئيس الجديد للمضي قدماً في التفازض والوصول الى حل وسط .لكن رغم ذلك يبدو أنّ روحاني ظهر في الساحة و تبدو عليه علامات الإرباك و الخشية من تصرفات الحرس الثوري وسطوته على النووي و على الإقتصاد و مفاصل الدولة الإيرانية. إذن السؤال الملحّ هو أنه لماذا يخشى روحاني الحرس الثوري رغم دعم المرشد له؟!
قبل أسابيع قصيرة كان روحاني قد طالب قادة الحرس الثوري في خطاب له بمناسبة المهرجان الذي نضمه الحرس تحت عنوان" المشاريع الوطنية العملاقة" طالبهم بعدم التدخل في المشاريع الوطنية العملاقة و تحويل هذه المشاريع للحكومة كي لا تعود الحكومة بخفي حنين للمواطنين. لهجة المطالبة هذه التي نادى بها روحاني قادة الحرس توحي لأول وهلة أنّ الحرس له الباع الأكبر في الدولة الإيرانية فلا توحي أبداً بأنه هو الرئيس و أنّ الحرس تابع لقرارات الدستور وبنوده.رغم عدم تخويل الدستور الإيراني للحرس بالدخول في مشاريع اقتصادية عملاقة وعدم سماحه له بالتدخل في القضايا السياسية إلا أنّ مطالبة روحاني للحرس بلهجة تذرّع تشير الى مدى نفوذ الحرس في مفاصل الدولة الإيرانية وعلى رأسها القضاء الذي من المفترض أن يكون هو السلطة الحامية و الداعمة للحكومة في تطبيق الدستور وتنفيذه.
إنّ خوف روحاني يشير الى تحوّل الحرس الثوري الى مافيا اقتصادية ضخمة تتحكم بصنع القرار السياسي في إيران و لا تعير أي اهتمام لما يصدرمن المسؤولين الإيرانيين الكبار فالحرس الثوري يعتبر دولة داخل دولة لديها القوة العسكرية والسياسية والأمنية والإقتصادية. فمصدر قلق روحاني ينبع من هذا الأمر. لأنّ صنع القرار تحول بالفعل من يد الزعامة الدينية التي يمثلها المرشد خامنئي الى زعامة الجنرالات في احرس الثوري الإيراني رغم أنّ ظاهر القضية يبدو أن العكس هو الصحيح لكن واقع الأمر غير ذلك لأنّ الحرس هو من يتحكم بالقرارو فروحاني عرف ذلك جيداً فور تسلمه مقاليد الحكم. فقرار روحاني منح الوزارات المهمة و رئاسة مجلس الأمن القومي و غيرها من مناصب لقادة في الحرس الثوري كي يتحاشى الصدام معهم لأنّ لهم كلمة الفصل في دهاليز السياسة الإيرانية خير دليل على مانقول.
التعليقات (0)