لماذا يتوجب علينا اليوم أن نغير من ذوقنا العام؟
إذا كان هناك من مرض فتاك تصاب به الثقافة فهو مرض انحطاط الذوق العام، أو بالأحرى انعدام المزاج الرفيع. لقد انحط ذوقنا نحن المغاربة إلى أسفل السافلين، حتى أنه لم يعد هناك من يقدر على تذوق عبق التاريخ السابق على عصور بناء القصبات الصحراوية. والشاهد على ما نقوله هو ما تعج به اليوم الساحات الثقافية من مختلف أنواع البهرجة التافهة. حقا، لقد فسدت تلك الطباع الموروثة عن التراث الشعبي، فضلّت الثقافة المغربية طريقها برمتها جراء الطبع الجشع للكائن المائع. وبما أنه لم يعد هناك من يذكّره بالصواب أو يوبخه محاسبة له عن الطمع الزائف الذي ذب في قلبه، وكنتيجة للاستثارة المغرضة والمقصودة التي تعرّض ولا يزال يتعرّض لها هذا الكائن، فإنه اليوم أصبح مثل الثور الهائج في حلبة المصارعة، لا يدري ما يريد وما لا يريد، ما يصلح لمزاجه الخشن وما لا يصلح. لهذا السبب الوجيه، أقول بأن الذوق المغربي قد انحطّ إلى أرذل المراتب. فمن لحظة كان فيه يؤدي دوره الإيجابي في الخلق والإبداع في الحياة بأفراحها وأتراحها، تحول هذا الذوق إلى لحظة عقم تام، يعرقل أية محاولة للانطلاق من جديد. إن الذي انقلب إليه الذوق المغربي اليوم يستحق أن ينعت الإخصاء الثقافي المعدل، أي تلك العملية الجراحية التي تستهدف جعله عقيما وإلى الأبد. لذا من الأجدى لنا أن نرمي بهذا الذوق إلى الوراء.
التعليقات (0)