لاتزال صورة سائق التاكسي الذي اقلنا إلى حديقة في إحدى الدول الأجنبية عالقة في ذهني عندما خرجنا من الحديقة بعد ساعة ولا زال واقفا في الطابور الطويل البعيد عن بوابة الحديقة ليدفع رسوم الدخول لنا أنا وقريبي عندما لم نجد عند البوابة من يفتش عن تذاكر أو ما شابه فسألناه لماذا دفعت عنا هذه الرسوم وتكبدت عناء الوقوف لمدة ساعة أجاب هذه أمانة أولا وثانية واجب على المواطن تجاه وطنه الذي يحب ثالثا ما دفعته من رسوم يرجع إلي خدمات استفيد منها أنا وأسرتي من تعليم وصحة وخدمات ، غريب عجيب ففي بلدنا للأسف الشديد جلنا كبيرا كان أو صغيرا مسئولا كان أم موظفا أم تاجرا الكل يتهرب من دفع الرسوم وإن كان ولا بد فلا أقلا التحايل لتقليلها ، لقد عشنا مرحلة تكسير أعمدة النور في الشوارع والسكك وخربشات على جدران المرافق العامة وتهشيم صناديق البريد وحنفيات الماء العامة ،
• من يستطيع أن يتهرب من دفع رسوم المخالفات المرورية وتسجيلها على بطاقة خادمة أو عجوز لا يقود السيارة أو طفل لم يتعدى الخامسة فقط لأن المخالف يعرف أحدا في المرور فلن يتوانى في ذلك .
• من يستطيغ أن يتنصل من دفع مخالفات البناء لأنه يعرف من يمنحه شهادة النظافة مقابل رشوة أقل من غرامة المخالفة فلن يتوانى في ذلك .
• من يستطيع أن يجعل من رأس مال شركته التي تعمل بملايين الريالات آلاف الريالات لتقليل الرسوم والزكاة عليها فلن يتوانى .
• من يستطيع أن يغير لوحات محلاته وهي بعشرات الأمتار ليكشف عليها مراقب البلدية وهي مستبدلة بلوحة مقاسها متر ×متر فلن يتوانى .
• من يستطيع أن يأتي بفواتير بخمس قيمة بضائعه من أجل تقليل قيمة جماركها فلن يتوانى .
• من يستطيع التلاعب بعدادات المياه والكهرباء لتقليل قيمة ما يستهلكه منهما فلن يتوانى .
• من يستطيع استخراج التصاريح والاجراءات للعمال الأجانب لدية بطريقة غير نظامية وبأجور منخفضة فلن يتوانى .
لقد ذكرنا الصورة الأولى للأجنبي وذكرنا صورا كثيرة للسعودي فما الأسباب وراء هذا الحرص على التهرب من دفع رسوم الدولة ولماذا لا يشعر المواطن بالذنب في سرقة هذه الرسوم ، عدة صور مرادفة للصور السابقة تخلق من المواطن السعودي شخصا كارها وحانقا على مثل هذه الضرائب ( رسوم )
• عندما ينتظر عشرين سنة لمنحه قطعة ارض بعيدة عن النطاق العمراني ثم ينتظر عشرين سنه أخرى للحصول على قرض لا يستطيع به دفع فرق الأرض داخل النطاق العمراني .
• عندما يجد نفسه مربضا فينتظر شهورا وقد تصل إلى سنوات في عيادات الأسنان فيموت قبل مجيء الموعد .
• عندما ينتظر شهورا وقد تصل إلى سنوات للبت في قضية هو خصم بها في محاكمنا .
• عندما يجد ابنته وأبنه يدرس في بيت مستأجر وفي فصل به خمسون طالبة أو طالب ولا مرافق أخرى تعليمية بالمدرسة .
• عندما يجد اضعاف راتبه بمسمى وظيفته في دول مجاورة ويقبع هو واسرته تحت وطأة ارتفاع الأسعار ولاحراك لأنقاذه من وضعه .
• عندما يجد أن راتب وميزات وظيفة الأجنبي أعلى وأحسن من راتبه دون ميزات وهو السعودي .
• عندما لا يجد مرافقا ولا متنفسا في حيه كالملاعب والحدائق والبنية التحتية التي تحترم انسانيته .
• عندما يتخرج بمرتبة الشرف الأولى ثم يلجأ للسهر والملهيات لأنه لم يجد وظيفة في بلد مترامي الأطراف .
• عندما يسمع ويقرأ بشكل مستمر عن حصد الباصات والحوادث لبناتنا المعلمات على الطرقات السريعة لهجر بعيدة .
مع كل هذه المعاناة وهذا غيض من فيض سينتقل المواطن من تهرب عن دفع الضرائب إلى التخريب فسيقتلع الأشجار وسيهشم صناديق البريد وسيكسر الأرصفة وسيوغل في المخالفات ما أمكنه ذلك مع سوء هذه الصور ومخالفتها للقيم والمبادي والخلق الكريم وحب الوطن . وسلم لي على مادة التربية الوطنية في التعليم .
التعليقات (0)