مواضيع اليوم

لماذا هذا الفلم الهندي الأمريكي

زين الدين الكعبي

2011-10-13 14:40:16

0

 

مع كل كمية الكذب والخرائط والمخططات والصور الأرضية والفضائية لأسلحة صدام النووية والكيميائية اللتي أستخمدتها الولايات المتحدة لأستخراج قرار أممي يسوغ لها غزو العراق قانوناً ، ألا أنها لم تفلح في ذلك ، ولم يصدقها حلفائها قبل غيرهم .

ولقد كان منظر كولن باول ودومنيك دوفلبان في جلسة الأقناع الأخيرة قبل الغزو في مجلس الأمن ، وكلامهما عن المهنية والحرفية والأمن العالمي ، والسجال الخطابي الممتع عن القارة العجوز والقارة الشابة ، كل ذلك كان منظراً رائعاً بحق ، ودرسا عالي المستوى في فن السياسة والخطابة والعلاقات الدبلوماسية .

أنا شخصياً أستمتعت به كثيراً مع معرفتي بأن حياتي ستتغير الى الأبد ، والى المجهول في آن بعد هذا الأجتماع التاريخي .

ألا أنني وبعد أنكشاف أمر الكذبة الأمريكية الكبيرة تلك للعالم ، تخيلت أن أية حكومة أمريكية ستأتي بعد حكومة بوش الأبن الراديكالية المتطرفة ، لن تجرا على تكرار هذا السيناريو الهوليوودي القابل للكشف ، وأنها ستكون أقل غباءً وأكثر ضبطا للنفس والمشاعر عندما تقرر أستخدام هذا الأسلوب الأستخباراتي الدعائي المعروف والمستخدم من جميع دول العالم لتحقيق مكاسب ضد العدو أي كان .

ألا انني على مايبدوا كنت مخطأً تماما في توقعي هذا ، فما خرجت به علينا الأدارة الأمريكية يوم أمس في وصفها لتفاصيل العملية الأستخبارية الأيرانية لقتل السفير السعودي في واشنطن كان بحق سيناريو لا يجرؤعلى كتابته أسوء كتاب مدينة الأنتاج السينمائي الهندية (بوليوود) ، واللذين يطيّرون في أفلامهم دراجة بطل الفلم البخارية لتلحق بالطائرة النفاثة ؟!.

اللذي ادهشني أنني أكتشفت من خلال متابعتي للموضوع عبر الصحافة ، أن نسبة كبيرة من السعوديين لم تصدق موضوع المؤامرة الأيرانية هذا ، مع أعتقادهم الراسخ بعداوة أيران لبلدهم ، وكرهها الشديد للسعودية كما كتبوا في تعليقاتهم في بعض الصحف المحلية . (أنظر الرابط)

ما يهمنا ليس قصة محاولة الأغتيال الأيرانية الفاشلة للسفير السعودي على الأراضي الأمريكية ، ولا البحث عن الأسباب اللتي لم تجعل الأيرانيين يبحثون عن سفير سعودي ، او ربما عدة سفراء معاً في دول أفريقية أو لاتينية مثلا ، لقتلهم بدلا من قتل السفير في العاصمة الأكثر تحصيناً في العالم ، وعلى أراضي دولة لديها أجهزة أمن واستخبارات رقم واحد عالمياً ؟ ولا عن السؤال الأكبر حول ماهية الفوائد اللتي ستجنيها ايران من عملية اغتيال سفير في دولة عظمى معادية تتحين الفرص لضربها وتغيير نظامها ؟!. 

ولكن ما علينا البحث والتقصي عنه بقوة هو ما تريده الأدارة الأمريكية الحالية من وراء هذا الفلم الهندي؟ .

الحقيقة أن البحث في هذا الأمر صعب جداً ، والتكهن أصعب .

فلو أفترضنا أن الأدارة الأمريكية تحاول تضييق الخناق على أيران دوبلوماسياً وعلى قوات القدس المتهمة بتدبير المؤامرة المزعومة كما لمحت وزيرة الخارجية والعديد من المسؤولين الأمريكيين ، فأن هذا الأمر ، وكما قال روبرت جوردان السفير الأمريكي السابق في الرياض والمقرب جداً من الملك عبدالله اللذي يشاركه في جميع أجتماعاته المهمة بحسب CNN  . " إن هذه القوات الإيرانية مستهدفة فعلياً بالعقوبات ، لذا فإنني لست واثقاً من وجود الكثير الذي يمكن القيام به " .

ولو قلنا أن الولايات المتحدة تدبر لعمل عسكري ضد أيران ، وهو أمر يحتاج الى غطاء مشابه لغطاء كولن باول في مجلس الأمن 2003 ، فأن من المقرر ان تسحب الولايات المتحدة عشرة آلاف جندي من افغانستان بنهاية العام ، وثلاث وعشرين ألفا الصيف القادم ، لتسليم المسؤولية الامنية كاملة الى قوات الامن الافغانية بنهاية عام 2014 ، وهو ما سيعيد طالبان لحكم هذا البلد كما يجمع المراقبون والأفغان أنفسهم ، ما يعني فشل أمريكي عسكري واضح بعد عقد من الحرب على طالبان .

كما تستعد القوات الأمريكية للأنسحاب من العراق مطلع العام القادم بعد الطلب العراقي لذلك ، ولن يشكل بقاء ثلاثة الاف جندي لتنفيذ مهام خاصة بحماية المدنيين الأمريكان في العراق تحت مسمى مدربين عسكريين أية مشكلة للأيرانيين اللذين يمتلكون نفوذا وقوة  كبيرة على الأرض العراقية ، ما يعني أن الطوق العسكري الأمريكي حول أيران قد فتح بعد فشل متلاحق ، والتهديد بضرب أيران عسكرياً يبدوا اليوم أبعد من اي وقت مضى .

وما ورد في وول ستريت جورنال ، حول  دراسة الحكومة الأمريكية إقامة خط عسكري ساخن مباشر مع إيران بعدما كاد يحصل تماس بين قوات البلدين عدة مرات في مياه الخليج ، وعن حماس مسؤولي الدفاع لهذه الفكرة أو البدء بتوسيع نطاق الاتصالات بين القطع البحرية مع إيران لتفادي اي أخطاء على اقل تقدير بحسب الصحيفة الأمريكية ، كل ذلك لايوحي بضربة عسكرية امريكية وشيكة لأيران .

أضف الى ذلك الأزمة الأقتصادية العالمية اللتي أفلست دول أوربية بكاملها ، وبنوكا عالمية عريقة مدعومة من أغنى حكومات العالم ، وهو ما يجعل من تكاليف القيام بعمليات عسكرية كبيرة أمراً مدمراً ، وكما شاهدنا في الحالة الليبية ، حيث طلب الأميركان من الأوربيين تحمل تكاليف العملية العسكرية هناك بأعتبارها منطقة نفوذ أوربي .

كما أن أي أهتزاز في أسعار النفط نحو الأعلى سيشكل ضربة قاصمة لأقتصاد العالم قد تؤدي الى ما أدت اليه أزمة 1929 من أشعال الحرب العالمية الثانية .  

أذا فما الحاجة الى هذا السيناريو الأمريكي المضحك والمحرج ، واللذي يرسم علامات أستفهام كبيرة حول ذكاء الأدارة الأمريكية في واقع الأمر .

الأدارة الأمريكية ليست غبية طبعاً ، فهي تدرك تماما أن منطق القوة سيجعل الدول الحليفة والخائفة تسايرها في تصديق كذبتها هذه ، ومن خلال المعطيات السابقة لابد وأن نصل الى أن الهدف من هذه المسرحية هو الأبقاء على حالة الصراع الأيراني العربي ، وأذكاء للحرب المفتعلة بين المسلمين الشيعة والسنة ، وفتن العرب والأكراد والأمازيغ والأقباط والمسلمين والمسيحيين ، وأغراق شعوب المنطقة في صراعات وجهالات هي أصلا متراكمة نتيجة سياسات عقود من الدكتاتورية والعمالة والسفالة اللتي جعلت من شعوبنا كرة تتلاعب بها القوى العالمية كيفما تشاء ، حتى بأستعمال قصص لا يصدقها الأطفال ، واللتي ربما تمنعهم من النوم بعد أن يدخلوا في حالة من الضحك المتواصل ، وكل هذا لمصلحة هذه القوى ، ولمصلحة اللص اللذي لازال يسرق الأرض ويطرد أصحابها ويقتلهم ويشردهم ، بينما ينهمك العالم في تتبع اخبار عضو عصابة مخدرات امريكي من اصل ايراني قاده حظه العاثر (وربما السعيد) ليكون بطلا لمسرحية اغتيال السفير السعودي في واشنطن .

 

http://www.sabq.org/sabq/user/news.do?section=5&id=31579




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات